الناشط السياسي آزال عمر الجاوي لـ”ٹ”:
¶ اتفاق استكهولم أصبح مجرد ذريعة لمزيد من التدخل الدولي المباشر الذي سيبقى سواء فشل الاتفاق كليا أو جزئيا
¶ محدودية المقاومة في المحافظات الجنوبية سببها عدم وجود سند وعمق استراتيجي
حوار / مجدي عقبه
قال الناشط السياسي الجنوبي آزال الجاوي: إن الشارع الجنوبي شبه مجمع أن ما هو حاصل في المحافظات الجنوبية والشرقية احتلال يجب إزالته .
واكد الجاوي: إن تزييف وعي الجماهير وتضليلهم الذي قامت به نخب سياسية انحازت عن وعي إلى مع تحالف العدوان رغم أن وضوح مشروعه انهار وفشل بفضل صمود المدافعين عن الوطن والسيادة وانكشاف اطماع العدوان وقبح جرائمه.
وقال الجاوي في حوار مع صحيفة الثورة: إن أبناء المحافظات الجنوبية أصبحت لديهم قناعة تامة لطرد الاحتلال لكن الجميع خذلهم وتطرق الجاوي إلى اسباب تباطؤ الرفض الشعبي في الجنوب وكذلك محدودية المقاومة موضحا ان ذلك يعود إلى عدم وجود سند وعمق استراتيجي لمساعدة ودعم أي مقاومة .
وتوقع الجاوي توسع رقعة الرفض الشعبي للاحتلال في المحافظات الجنوبية خلال الفترة القادمة والذي قد يصل إلى انطلاق مقاومة مسلحة في بعض الأماكن ومقاومة مدنية سلمية في أماكن أخرى كما حدث أيام الاستعمار البريطاني وأوضح الجاوي أن تحرير المحافظات الجنوبية والشرقية لن يكون الا من خلال قيام شراكة حقيقية تجمع كل القوى الوطنية في الشمال والجنوب الرافضة للاحتلال ودعم الشمال للجنوب كما حدث في ثورة 14 اكتوبر المجيدة وعن قراءته لاتفاق استكهولم قال آزال الجاوي: حتى اللحظة الاتفاق فشل في أن يكون الخطوة الأولى نحو وقف الحرب كاملة وأصبح بحاجة لاتفاقات تدعمه ومفاوضات تفسره وتنفذه
مؤكداً أن الاتفاق أصبح مجرد ذريعة لمزيد من التدخل الخارجي المباشر الذي سيبقى سواء نجح الاتفاق أو فشل .
الجاوي تطرق في حواره إلى سباب فشل كل الاتفاقيات التي توصلت إليها الأطراف اليمنية خلال العقود الماضية بالإضافة إلى مواضيع أخرى ..نتابع
* كيف تقرأون تطورات الأحداث في المحافظات الجنوبية والشرقية لاسيما بعد وضوح المشروع السعودي الإماراتي في تلك المحافظات؟!
– بالنسبة لنا ولمعظم النخب السياسية كان مشروع تحالف العدوان واضحاً وضوح الشمس منذ يومه الأول إلا أن بعض النخب اختارت عن وعي تام الانحياز للتحالف السعودي الاماراتي معتقدين انه سيحدث انتصار كامل وخاطف للعدوان وقد قاموا بسابق إصرار وترصد بتزييف وعي الجماهير وتضليلهم إلا أن تلك العملية التضليلية سرعان ما بدأت تنهار أمام وقائع وحقائق الأرض التي كشفت قبح تحالف الاحتلال وأطماعه إضافة إلى الصمود الأسطوري للمدافعين عن الوطن والكرامة والسيادة الذي ساهم بشكل كبير في توضيح الصورة وتغيير المزاج العام للشارع الجنوبي الذي أصبح شبه مجمع على أن ماهو حاصل في المحافظات الجنوبية هو احتلال أجنبي يجب إزالته وما التطورات التي تحدث في المحافظات الجنوبية اليوم إلا ضمن ذلك السياق.
* برأيك لماذا ارتمت بعض قيادات أحزاب اليسار اليمني في أحضان ممالك ومشيخات أنظمة الرجعية العربية ؟!
– هذا الارتماء ليس بجديد فقد بدأ منذ انهيار دول المعسكر الاشتراكي وما بعده فقد تعرضت تلك التنظيمات إلى التجريف والتصفية خصوصاً في بلدنا ومن بقي منهم تمسك شكلياً بالغطاء اليساري اما فعلياً فكان العكس الا من رحم ربي وهم قلة كأفراد وليس كتيارات أو تنظيمات وأكبر وأوضح دلالة على كلامي في أن ذلك حصل منذ تسعينيات القرن الماضي هو على سبيل المثال قيادة الحزب الاشتراكي قبل 1994 الهاربة بعد الحرب لم نسمع أن أحداً منهم لجأ إلى كوبا أو كوريا الشمالية على سبيل المثال بل جميعم اتجهوا إلى ممالك ومشيخات الخليج أو فضلوا مهادنة قوى اليمين والتحالف معه في صنعاء.
*من وجهة نظرك هل لاتفاق ستوكهولم علاقة بتحالف دول البحر الأحمر الذي أنشأته السعودية؟ ، وما الهدف من إنشائه برأيك ؟!
– طبعاً لا يوجد حدث سياسي ليس له علاقة بالآخر كقاعدة عامة خاصة في منطقتنا إلا أن علاقة ستوكهولم بموضوع ذلك التحالف لا أعتقد أنها مباشرة أو متلازمة رغم أن جوهر موضوعهما هو البحر الأحمر وأمنه إلا ان السعودية خلال السنوات الأربع الماضية انشأت عدة تحالفات جماعية وثنائية كلها كانت فاشلة بل إن السعودية افشلت التحالفات والاتحادات القائمة منذ عشرات السنيين مثل مجلس التعاون الخليجي والجامعة العربية وفي طريقها لتدمير «اوبك» أيضاً وهذا يعكس حالة التخبط الذي يعيشه نظام الحكم في السعودية وسعيه الحثيث للبحث عن منقذ خارجي ينقذه من أزماته الداخلية في منظومة الحكم ذاتها كما أن إنشاء مايسمى بتحالف البحر الأحمر يأتي في نفس السياق إلا أن توقيت إنشائه بعد قضية اغتيال خاشقجي جاء كمحاولة لكسر العزلة الخارجية المفروضة من الدول العظمى الغنية باتجاه السعودية نحو دول البحر الأحمر الفقيرة مؤقتاً للتصوير أنها ليست في حالة عزلة ليس إلا فهذا التحالف لن يدوم بل ولد ميتاً أصلاً فالسعودية كما اسلفنا لم تستطيع المحافظة على تحالف مجلس التعاون الخليجي المتجانس في كل شيء فكيف بتحالف البحر الأحمر غير المتجانس ؟
ظهور فصائل إرهابية في المحافظات الجنوبية والشرقية مدعومة إماراتيا ما هي الخطورة المترتبة على ذلك سياسيا وأمنيا وأيضا الخطورة على الهوية والجغرافيا اليمنية ؟!
– للأمانة التاريخية فإن ظهور الفصائل الارهابية قديم وسابق للتدخل الإماراتي كما أن تاريخ تلك المنظمات كانت دائماً مرتبط بالمخابرات الخارجية التي تقوم باستغلال تلك الجماعات لتنفيذ اجنداتها والإمارات ليست استثناءً من تلك اللعبة الاممية التي تستخدم المنظمات الارهابية التي دمرت دولاً كبيرة في الوطن العربي إلا أن تجارب تلك الدول يؤكد ان تلك المنظمات هشة ويمكن القضاء عليها وهذا أعتقد انه سيكون حالها حتى في اليمن متى ما توافقت القوى الوطنية على مشروع سياسي وطني ورحيل الاحتلال من أرضنا.
*ألا ترون أن دور ما يسمى بالمجلس الانتقالي الجنوبي الذي يرأسه عيدروس الزبيدي المدعوم إماراتيا تلاشى ولم يعد له فاعلية على الواقع ؟!
– ومتى كان ذلك المجلس الصوري له دور أو فاعلية اصلاً ؟
لوحظ مؤخراً صحوة كفاح جزئية مناهضة لقوى الاحتلال في المحافظات الجنوبية كان آخرها ما حدث في مديرية مرخة بشبوة، ولكن في الغالب.
*هناك من يؤيد وجود قوى الاحتلال رغم جرائم الاغتصاب والاعتقالات والاغتيالات .. الخ، برأيك كفة من هي الغالبة كفة الكفاح الجزئي ام كفة التأييد ؟!
– كما أشرنا في سؤال سابق أن هناك اليوم شبه إجماع أن ما هو قائم احتلال يجب ازالته ولا أبالغ إن قلت حتى المتواطئين مع التحالف مع ذلك الرأي الا ان المشكلة تكمن في أن الجنوب خذله الجميع بما في ذلك إخواننا في صنعاء وكأن الجنوب ليس وطنهم وكأننا لسنا شركاءهم وإخوانهم نقولها بمرارة إلا أن ذلك هو الواقع للأسف ولولا ذلك لكان الوضع يختلف تماماً بل دعونا نفشي للقارئ الكريم سر هنا وهو أننا مددنا إيدينا لإخواننا في صنعاء للشراكة و لمواجهة وطرد ذلك العدوان ومازالت ايدينا ممدودة لهم الا أنهم لم يستجيبوا ربما لهم حساباتهم الخاصة لكن ذلك التوضيح حتى يعرف الجميع ان تباطؤ ومحدودية المقاومة والرفض الشعبي في الجنوب ليس لأن المجتمع هناك منقسم بين مؤيد ورافض كما يسوق بعض الإعلام المأجور ولكن لعدم وجود السند والعمق الاستراتيجي المساعد والداعم لأي مقاومة ومع ذلك فقد قرر الكثيرون من أبناء الجنوب ونحن منهم رفض تحالف الاحتلال وبإمكاناتنا المحدودة ودون سند أو نصير الا الله سبحانه وتعالى.
*هل تتوقع اندلاع انتفاضة مسلحة في المحافظات الجنوبية والشرقية لتحريرها من الاحتلال، أم أن الاحتلال البريطاني يعيد نفسه ولكن بجنسيات عربية؟!
– هناك انتفاضات محدودة اليوم فعلاً ربما ستطور إلى مسلحة في بعض الاماكن ومدنية سلمية في أماكن أخرى تماماً كما كان في عهد الاستعمار الانجليزي الذي لم يستقر طوال فترة بقائه إلا أن الانتفاضة أو الثورة الشاملة والكاملة ح يجب ان تكون بتكامل وتكافل كل القوى الوطنية الرافضة للاحتلال والعدوان وبدعم شمال الوطن لجنوبه كما حصل في ثورة 14 اكتوبر المجيدة.
بالعودة إلى مشاورات السويد خصوصا ونحن لاحظنا اهتمامك الكبير في هذا الشأن، ماذا لو فشل اتفاق ستوكهولم بشأن الحديدة وما الآثار المترتبة على ذلك برأيك ؟!
اتفاق ستوكهولم فشل فعلاً في أن يكون الخطوة الأولى نحو وقف الحرب كاملة وأصبح الاتفاق يحتاج لاتفاقات تنقذه وإلى مفاوضات وحوارات لتفسيره وتنفيذه وإلى قرارات دولية تدعمه وإلى مراقبين وقوات اجنبية للحفاظ عليه وادارته واصبح مجرد ذريعة لمزيد من التدخل الدولي المباشر تلقائياً وهذا الموضوع سيبقى سواء فشل الاتفاق كاملاً أو جزئياً وهذه أهم الآثار السلبية المترتبة كما أن اتفاق ستوكهولم كان المدخل للقرارات الدولية الأخيرة والتي لا يمكن إلغاؤها حتى لو فشل ذلك الاتفاق بل ان القرارات الدولية التي تم اتخاذها بسبب ذلك الاتفاق تسموا على الاتفاق نفسه في نظر العالم .
قرار مجلس الأمن الأخير الذي قضى بزيادة عدد المراقبين الأمميين بقيادة باتريك إلى 75 مراقبا في الحديدة، أين تكمن الخطورة
*من وجهة نظرك، وما الخطر المتوقع من هؤلاء المراقبين مقابل ما عجزت عنه 17 دولة في عدوانها على اليمن وفشلها الذريع خلال أربعة أعوام ؟!
– أولاً أنا لا أتفق معكم في أن الـ 17 دولة فشلت فشلاً ذريعاً كما تفضلتم بل الواقع يقول انهم نجحوا في تمزيق وتدمير البلاد واحتلال معظم اراضي الجمهورية وكل المواقع الاستراتيجية والحيوية إلا أنهم لم ينتصروا نصراً حاسم أو كاملاً أو بتعبير آخر لم ينتصروا بالضربة القاضية وإنما إلى الآن بالنقاط فقط ، ثانياً لاشك أن زيادة عدد المراقبين الدوليين يثير الكثير من المخاوف إلا أن المخيف أكثر أن زيادة العدد جاء من مجلس الأمن وليس من اتفاق الاطراف اليمنية وربما حتى لم يستشاروا معهم في ذلك وكلنا يعلم أن مجلس الأمن ليس جمعية خيرية كما أن تاريخ الأمم المتحدة يقول إنها منظمة لإدارة الأزمات وليست لحلها وإن تناقض المصالح بين الدول خاصة الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن ينعكس على دور وأداء تلك المنظمة وبدوره سينعكس علينا أيضاً أي أن بلادنا ستصبح ساحة صراع دولي مباشر وليس بالوكالة أو إقليمي فقط وهذا بدوره سيزيد من تعقيد المشهد المعقد اصلاً وسيضيف مشاكل أخرى كما سيضعف قدرة الأطراف اليمنية أكثر مما هو حاصل الآن وهذا يوحي بان الصراع والحرب ستطول أكثر كما أن قرار إرسال المراقبين يعني أن دور الأمم المتحدة في بلادنا تحول من دور الوساطة السياسية إلى العمل الميداني التنفيذي الفعلي الذي لا نعلم إلى أي مدى سيصل مع مرور الأيام في المستقبل .
* سؤال أخير
كل الاتفاقيات التي جمعت الفرقاء اليمنيين تحولت إلى مشكلة بحد ذاتها من وجهة نظرك هل السبب في التدخلات الخارجية أم أن المشكلة في النخب السياسية اليمنية ؟
– لا شك أن للتدخل الخارجي وخاصة السعودي دوراً في ذلك لكن للأسف هناك أسباب موضوعية داخلية أيضاً في فشل تلك الاتفاقيات وتحويلها إلى مشكلات يمكن إيجازها في ثلاثة أمور رئيسية وهي :
المحاصصة وتقاسم الوظائف كغنائم دون إيجاد شراكة حقيقية في القرارات السيادية والمصيرية .
إقصاء بعض الأطراف السياسية أو الاجتماعية من الاتفاقات أو تهميش دورهم
القفز على المشكلات أو تأجيلها أو الالتفاف عليها إضافة إلى عوامل اخرى كما انه للأسف العقلية السياسية اليمنية المعاصرة تؤمن بالفهلوة وعدم الجدية والمصداقية إلى درجة أنها أصبحت كلمة السياسة كمصطلح عند العامة مرتبطة بالكذب والفساد وليس لها علاقة بالوطن والوطنية وقد استبشرنا خيراً في الحركات الثورية المعاصرة في تغيير ذلك الواقع إلا أنه على ما يبدو أن ذلك الواقع هو من غير تلك الحركات الثورية إلا أن الامل مازال قائم في ذلك التغيير بعد هزيمة التدخل الأجنبي في بلادنا باعتبار أن هذا الموضوع متلازماً مع التدخل الأجنبي التاريخي خاصة السعودي في اليمن.