لا عودة لحكم الوصاية
عبدالله الأحمدي
منذ ثورة الضباط في العام 1962 م لم تستقر أوضاع اليمن، بل سارت من سيئ إلى أسوأ؛ عصابة تدق عصابة، وانقلاب يدكم انقلاب، وفاسد يزيح فاسد، ولص يتستر على سارق. حكام فرضوا على الشعب اليمني بقوة وتدخل الخارج.
لم يعرف اليمني طعما للأمن والراحة، فتحت السجون والمعتقلات لاستقبال من يعارضون حكم العصابات، واستهلكت حياة الناس، وإمكانيات البلاد، وأكثر من نصف قرن مضى من حياة اليمنيين في عبث هذه العصابات التي استولت على الحكم والثروة بالقوة الغاشمة والمؤامرات القذرة، ولم تقدم مشروعا للبناء والتنمية، وفشلت في كل شيء، بل وتعطل في عهدها كل مشروع.
جماعات من اللصوص، كانوا يسمون أنفسهم حكاما، ارتهنوا للخارج، ورهنوا معهم البلاد، بل وباعوها، وأهدروا ثرواتها، وعيشوا الناس في خوف وقهر وفقر وجوع.
أكثر من نصف هذه الفترة الزمنية استفرد بها عفاش وعصاباته التي جرعت اليمنيين أصناف العذاب؛ قتلت الآلاف واخفت المئات،ً واعتقلت الملايين، ودمرت كل جميل وناجح داخل البلاد، وزورت إرادة الأمة، وباعت حتى عظام الموتى.
كانت اليمن عبارة عن حديقة خلفية للسعودية، تحكم بالوصاية من السفارتين السعودية والأمريكية، ولم تكن عصابات عفاش، او غيره من الحكام يقدرون على إصدار أي قرار إلا بعد الرجوع الى السفيرين الأمريكي والسعودي.
كان الهالك سلطان بن عبدالعزيز وزير الدفاع السعودي هو رئيس اللجنة الخاصة باليمن، فكان يعطي ويمنع، يرفع ويذل، وكل حكام اليمن بعد السلال عينتهم السعودية. احدهم وكان صهيرا لمستثمر سعودي وصل بفعل التدخل السعودي الى نائب رئيس الجمهورية.
كانت اللجنة الخاصة السعودية تصرف المليارات على طابور طويل من العملاء والزبالة في اليمن، يقدرون بأكثر من سبعين ألف زبالة من مشايخ الظلم وعسكر الفيد، وكبار الموظفين الفاسدين، حتى الرئيس عفاش كان يتسلم مرتبا من تلك اللجنة!!
تحولت اليمن في عهد حكم الوصاية الى إمارة سعودية، وكان بعض المشايخ يكتبون توصيات لرعاياهم الى أميرهم الهالك سلطان بن عبدالعزيز ليمنحهم بعض الفتات.
كان المال السعودي يخطف بريق المسؤولين في اليمن فيتقاطرون الى قصور الأمراء، يؤدون واجب الذل والانبطاح في كل موسم عمرة، او حج.
( مسؤولون في صنعاء وفراشون في بابك ) هكذا وصف حالهم مفكر اليمن المبصر، الشاعر والأديب عبدالله البردوني.
تاجرت زبالة حكم الوصاية بكل شيء، حتى بالأعراض من خلال إباحة ما سمي بالزواج السياحي للسعوديين، الذي كان نهاية العبث والاستباحة لشرف فتيات اليمن الحرائر.
طوال أكثر من نصف قرن قدم اليمنيون تضحيات لا تحصى ولا تعد من اجل الانعتاق من ظلم العصابات، وحكم الوصاية.واجهوا مئات الحروب، هدمت قرى، وأبيد أقوام، وهتكت أعراض، حتى وصلوا الى ثورة 11 فبراير الشعبية السلمية التي تآمر عليها نصف النظام العفاشي المجرم، لكن الله لم يترك تضحيات ومظلومية اليمنيين سدى، فشرح صدورهم بثورة 21 سبتمبر التي أحيت ثورة فبراير وأوقدت مشعل الثورة، ومضت بالمسيرة الثورية الشعبية الى الأمام في إنهاء حكم الوصاية.
كنست الثورات الشعبية لصوص حكم الوصاية، فهربوا بعد ان سرقوا كل شيء في اليمن.
هربوا الى أحضان أسيادهم خدم الامبريالية، أصبحوا تجارا بعد ان باعوا الأرض والشعب، واستخدمهم أعداء اليمن قفازات قذرة.
الآن عرف اليمنيون سبب هذا العدوان الذي تقوم به عصابات يهود الرياض وصهاينة أبو ظبي، ومن خلفهم الامبريالية الأمريكية.
الشركات الرأسمالية، وأدواتها في الرياض والحمارات وزبالاتهم لا يريدون استقلالا، او سيادة، او تحررا للشعب اليمني، يغيظهم ذلك. هم يريدون إعادة زبالاتهم الى صنعاء باسم شرعية الوهم والنفاق التي لا وجود لها. يريدون إعادة حكم الوصاية على الشعب اليمني بقوة الحرب والحصار، يريدون كسر إرادة الشعب اليمني.
السعودية كعدو تاريخي لليمن، تريد يمنا منقسما، فقيرا ذليلا ضعيفا، يستجدي الآخر. و تريد نظاما صنيعة مسؤولوه يمدون أيديهم الى أمراء آل يهود، ويوقعون وأعينهم مغلقة على صكوك البيع لآل يهود.
مساكين آل يهود غرهم المال، لا يعلمون ما طرأ من تغيير في ارض بلقيس. وكما قال احد الشعراء : ( مسكينة عرافة الخرافة لم تدر ما فعل الزمان بأرض عاد، وان أيلول قد أينعت حقوله…)
مهما طال العدوانً ومهما اشتد الحصار، ومهما تطاول المجرمون فان النصر قادم، وان هذا العدوان هو بداية النهاية لحكم مملكة داعش اليهودية.
ومستحيل تحقيق أحلام الصهاينة في اليمن وعودة حكم الوصاية والفساد بعد كل هذه التضحيات، وهذا الصمود الذي سطره أحرار اليمن.