الثورة/ إبراهيم الوادعي
على وقع صحوة العالم على جرائم السعودية وحليفتها الإمارات في اليمن، وفضيحة قتل وتقطيع الصحفي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده في إسطنبول، والقطيعة القائمة مع قطر، انعقدت قمة جديدة لدول مجلس التعاون الخليجي الذي يترنح منذ أكثر من عام بشكل غير مسبوق.
اتسمت قمة الرياض الخليجية بالأمس بأنها الأكثر استجداء للحضور والاقل حظا من حيث التغطية الإعلامية والتوقعات لنتائجها حتى من قبل الماكينة الإعلامية الهائلة لدول المنظومة الخليجية.
الرياض استبقت انعقاد القمة بمحاولة التقرب الى قطر عبر العفو عن أحد مواطنيها المحتجزين وهي الثانية بعد مغازلة ولي العهد السعودي للدوحة حول قوة اقتصادها، ورغم ذلك فالقمة شهدت تمثيلا قطريا ضعيفا وراس الوفد القطري وزير الدولة للشؤون الخارجية، والذي لم يلق كلمة واكتفى بتوزيعها. وترى وسائل إعلام بأن الرياض كانت تطمح الى تهدئة مع قطر وتحييد ماكينتها الإعلامية بغية امتصاص بعض من النقمة الدولية على خلفيات ملفات حرب اليمن وقتل خاشقجي وتصدير الإرهاب، وهي ملفات لعبت عليها الدوحة بشكل ألم الرياض للرد على المقاطعة، ولايبدو انها تريد خسارة هذه المكاسب بمصالحة فرضتها ظروف قسرية تمر بها الرياض. وبحسب مراقبين فإن الرياض تخطئ مرة أخرى في طريق الحل بالاتكاء على جسد ميت، فالحل في اليمن لا يكون الا عبر التوقف عن العدوان ورفع الحصار، والاقرار بأن اليمن تغير ما بعد 21 سبتمبر 2014م ولم يعد ملفا يتوارثه امراء آل سعود. وفي الشأن الداخلي يرى هؤلاء أن تفرد عائلة بمصير شعب بأكمله لم يعد ممكنا او منطقيا ولابد من البحث عن صيغة مشاركة للشعب في السلطة تضمن استقرار النظام وبقاء المملكة. وفي هذا الصدد تقول مراكز دراسات غربية بينها أمريكية ان المملكة السعودية تائهة في مواجهة مخاوفها وان إيران لا تمثل الخطر الحقيقي على بقاء المملكة السعودية بالنظر الى حجم المخاطر الداخلية المتربصة بها وقد لا تبقيها قائمة بحلول 2023م على ابعد تقدير، ويقول مركز مجلس العلاقات الخارجية الامريكية ان العائلة المالكة السعودية نفسها وبشكل يثير الاستغراب تسرع بشكل خطير من انهيار المملكة. وأن استمرار استنزاف الخزينة السعودية في الحرب على اليمن على وجه التحديد وفي سوريا ومناطق أخرى تشهد نزاعات في ظل انخفاض أسعار النفط ستؤدي حتما الى فشل رؤية 2030 التي أطلقتها الرياض وبالتالي انهيار المملكة برمتها. الازمة مع قطر ليست الوحيدة التي تعصف بمنظومة دول الخليج للتعاون والرياض طرف أساسي فيها، فهناك الخلاف الحاد بين السعودية والكويت حول حقول النفط المشتركة بلغ حد الصدام العسكري، والتدخل السعودي في البحرين، والاتهامات الموجهة لعمان، ناهيك عن أن الخلافات البينية الأخرى بلغت الفضاء، فهناك القمر القطري سهيل سات والإماراتي ياه سات وأخيرا الرياض اطلقت قمرين خاصين بها . وقد لا يكون مبالغا فيه أن تشهد فترة الرئاسة العمانية اعلان وفاة مجلس التعاون الخليجي بعد 39 عاما على انشائه، بالنظر الى اتساع الخرق بين دول المنظومة بينيا وإزاء ملفات حساسة كاليمن وسوريا، والتحالفات الناشئة في المنطقة. سؤال وزير الدولة للشؤون الخارجية أنور قرقاش في مقال له بصحيفة الشرق الاوسط “هل حان انهاء مجلس التعاون الخليجي ” يتساءل خلاله عن موعد اعلان وفاة مجلس التعاون الخليجي رسميا هو أحدث هذه المؤشرات وقد سبقه انشاء مجلس تعاون ثنائي سعودي اماراتي.
مغادرة الدوحة للتعاون الخليجي ينقصها فقط الاعلان الرسمي والتوقيت المناسب فقط، وانفراط العقد الخليجي هو الآخر كذلك اضحى رهن الوقت، هذا ما يمكن استخلاصه من قمة معاقة انعقدت في الرياض بالأمس ولم يهتم بها حتى آباؤها.
Prev Post