شيخوخة الدولة السعودية الثالثة1-4
محمد ناجي أحمد
في المراحل الثلاث التي مرت بها الدولة السعودية كانت الوهابية صولجانها الذي تذود الناس به ، وتدفعهم إلى التسليم بقوة الغلبة والسطوة على الأبدان والعقول .
في الإمارة السعودية الأولى ، التي تحالف فيها الأمير محمد بن سعود مع الشيخ محمد بن عبد الوهاب ،كان الشيخ وفكره هو المرشد لسيف ابن سعود وأطماعه التوسعية من الدرعية إلى الرياض إلى الحجاز ،ثم حروبه الممتدة من شرق الأردن إلى كربلاء إلى عسير اليمن .
وفي الدولة السعودية الثانية كانت الوهابية هي الجلباب الذي أراد أمراء آل سعود أن يبسطوا سلطانهم على الجزيرة العربية، فكان التناحر والاقتتال بين الأخوة والأبناء والأحفاد من آل سعود فيما بينهم ، يتحالف كل واحد منهم ضد الآخر مستعينين تارة بالعثمانيين وأخرى بالمصريين وثالثة بالانجليز .
مع تحالف الأمير عبد العزيز بن عبد الرحمن بن سعود كانت الدولة السعودية الثالثة ، والتي انطلقت من اتفاقية الحماية مع الانجليز عام 1915م ، التي عقدها عبد العزيز معهم ، وتعهد فيها بعدم مخالفة رغباتهم وتوجيهاتهم ، وألاَّ يعقد اتفاقا خارجيا مع أية دولة إلاَّ بعد استشارتهم وأخذ موافقتهم ، مقابل حمايتهم له وتسليمه راتبا سنوايا مقداره خمسون ألف جنيه . من هنا انطلقت الدولة السعودية الثالثة نحو الحجاز وسيطرت على مكة والمدينة عام 1925م وسائر الحجاز عام 1926م ، ثم توسعت جنوبا لضم عسير ونجران من اليمن .
في كل تلك المراحل كانت الوهابية عونا لابن سعود ، ولكنها في فترات كانت تتحول إلى عائق ، بل وتحد ينذر بسقوط دولة عبد العزيز بن سعود.
تحولت إمارة آل سعود من (الدرعية ) و(الرياض ) إلى دولة مترامية الأطراف ،دون أن يكون هناك دستور ينظم شؤون الحكم وعلاقة الحاكم بالمحكوم .من هنا نشأت أزمة النظام السعودي حتى يومنا هذا ،وهي أزمة فكر سياسي ، فالنظام بلا دستور ولا ديمقراطية أو أي شكل من أشكال المشاركة الشعبية ، فكان من الطبيعي أن تنطلق بعض التمردات على هذا النظام بين الحين والآخر ،ابتداء من حركة سلطان الدويش وصولا إلى بن لادن ،وفي عام 1958م كانت حركة (الأمراء الأحرار ) ومطالباتهم بمملكة دستورية ، ثم ما كان من حركات إصلاحية انطلقت مع عقد التسعينيات والتي تعارض النظام عن طريق النصح وتقديم العرائض ، وتطالب بأشكال للتمثيل الشعبي في الحكم .
لقد قام بن لادن بتكفير النظام السعودي ، واعتباره « مرتدا وكافرا لأنه يخالف أهم مبدأ من مبادئ التوحيد ، ويأتي بأكبر ناقض من نواقضه وهو الولاء للكفار « ومن ذات المنطق الوهابي المشترك بين النظام ومعارضيه اعتبر النظام السعودي وعلماء الدين السائرين في فلكه –أسامة بن لادن وأتباعه « خوارج ومتمردين «.