عبدالرحمن الكبسي
استطاع الإمام علي – عليه السلام –خلال سني حياته أن يجسد الروح العالية للإسلام الحق اقتداء بصاحب مدينة العلم محمد الخاتم رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله وسلم، حين تسلم الراية في كل جبهة وموقع فاتحاً قاهراً صادعاً أنموذجاً عرف به وعرفه المسلمون خلال أكثر من خمسة عقود، ولعل التاريخ يحكي لنا الكثير من المشاهد والمواقف الكريمة التي تدل على عظمة هذا الرجل المؤمن:” ما فتى إلا علي ولا سيف إلا ذو الفقار” وهو الذي تربى في حضرة النبي وتغذى من رحيق نبوته – وتسلم الرايات يداً بيد وجندل صناديد الطغيان وعلى يديه خفقت أعلام النصر في كل ناحية وضاحية ومشرق ومغرب، وأعلن صوت التوحيد والعدل وجلجل في ربوع الديار فاتحاً بنصر الله حين جاءوا ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجاً حين كان رحيماً وحين بلغ منهاج رسول الله في كل خندق وموقع ولقاء وساحة وحين غض الطرف عن المكايدات، ولهذا يستفاد من صاحب الحق حين كان يدور مع القرآن والقرآن يدور مع الحق كيف يكون الاختلاف وكيف التوافق وكيف التعاضد وكيف الصبر وكيف ينبغي للصدق أن يعتلي وأن يكسر (قرن الشيطان) وينتقم من أمة الشيطان، فأصبحت سيرته تشريعاً في بناء الدول والأنظمة الإسلامية بعيداً عن جموع المكايدات والأهواء والشطط وحب المال والمناصب وذلك في سبيل إعلاء دين الله الصافي، دين محمد الوافي، دين البشرية الذي لا يسير فيه إلا مالك ولا يحيد عنه إلا هالك، فبعث الرسائل للولاة والأمراء والمسؤولين في سني خلافته فكانت بمثابة تشريع جامع مانع لا تضاهيه تشريعات كل العالم من حيث البصيرة ومن حيث الديمومة ومن حيث الخلود والعظمة التي جاء بها دين محمد صلوات الله عليه وعلى آله وسلم، ففي مثل هذا المسار العلوي جاء هذا الدينامو الإسلامي الذي كان بمثابة رجع صدى للسيرة النبوية التي تغذي هوية الإيمان وهوية الإسلام وهوية المسلمين اليوم، وها هي صورته المتلاحقة تتجسد اليوم في ظل ما يتعرض له اليمن، يمن الإيمان والحكمة من عدوان عالمي لتتعاظم قوى الشر والطغيان في وجه الحق والقرآن، وما أشبه الليلة بالبارحة، قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: “حب علي براءة من النار” (المستدرك على الصحيحين)291:12