سلاح يمني رادع منتصف العام الرابع: هل يكفي الإمارات العضّ على الأصابع؟
فؤاد الجنيد
في عاصمة الاقتصاد العالمي ومداميك آل زايد على بعد ألف ونصف الألف من الكيلومترات المترامية بين أرض وبحر وسماء، رصد الطيران اليمني المسيّر هدفه بدقة متناهية، وأوكل مهمة التنفيذ لروح الصماد الثالثة التي تكفلت بإثخان وتعميق جراح البالونة الإماراتية في شريانها الاقتصادي والإستراتيجي الهام، وافرغت حمولتها من الحديد والنار في مطار “دبي” الدولي في رسالة مفاجئة عنوانها “التحدي والانتقام”، وفي مضمونها الكثير من الدلالات والمعاني كونها تأتي بعد أكثر من نصف مليون طلعة جوية لطيران تحالف العدوان شغلت مساحة من الزمن قوامها أربعة أعوام ونصف العام، وضمت عشرات الآلاف من الأهداف المدنية في نصف مليون كيلومتر مكعب هو إجمالي مساحة شعب اليمن العظيم وطيرانه الأعظم.
سلاح الجو “صماد” هو سلاح هجومي وقتالي؛ ما يعني أنه لم يعبر كل تلك المسافات والأجواء بمفرده؛ بل رافقه طيران رصد أيضاً، وهو ما يطرح تساؤلات عدة: كيف استطاع فعل ذلك دون أن ترصده الأقمار الاصطناعية ورادارات المراقبة خصوصاً والإمارات تشهد احتياطات أمنية مرتفعة للغاية منذ استهداف مطار أبوظبي الدولي بالطيران اليمني في السادس والعشرين من يوليو الماضي، وهذا الاشتراك النوعي لأكثر من طيران في العملية أكده مصدر في سلاح الجو المسيّر بالقول إن طائرة من طراز صماد3 استهدفت مطار دبي الدولي بعد عملية رصد ومعلومات استخبارية، ويدرك الجميع أن عمليتي الرصد والمعلومات ليستا من اختصاص طيران صماد القتالي، ما يؤكد اشتراك طيران رصد واستطلاع في العملية.
وبحسب العميد لقمان ناطق الجيش اليمني فإن استهداف سلاح الجو المسيّر لمطار دبي وقبله مطار أبو ظبي تأتي في إطار حق الرد المشروع على ما يرتكبه تحالف العدوان من جرائم بحق الشعب اليمني، وأنه بعد قصف مطار دبي بطائرة صماد3 باتت جميع المناطق الاستراتيجية للإمارات في مرمى نيران سلاح الجو المسيّر، وهو تحذير آخر بعد تحذيرات ودعوات قائد الثورة السيد عبدالملك الحوثي للمستثمرين والشركات بمغادرة الإمارات، مؤكداً أن القوة الصاروخية والطائرات المسيّرة قادرة على الوصول إلى أهدافها وتدميرها في ظل القدرات العسكرية للجيش واللجان الشعبية وما تشهده من تطور في مختلف الجوانب التقنية والفنية وفي الرصد والتوجيه وتحديد الأهداف العسكرية بدقة عالية، وكذا الاستخدام المتقن للسلاح المناسب في العمليات الدفاعية والهجومية، وما عمليات الجيش واللجان الشعبية في العمق الاستراتيجي للعدوان عبر استهداف مصالحه الاقتصادية إلا خطوة ستليها خطوات مشابهة في مسار عمليات الردع اليمنية القادمة التي في جعبتها المزيد من المفاجآت.
تدرك الإمارات خطورة الورقة اليمنية الأخيرة المتمثلة في استهدافها بالطيران المسيّر، فهي لا تملك حدوداً مباشرة مع اليمن لتتنبأ باحتمالات توغلات واقتحامات كتلك التي تشهدها مدن المملكة الجنوبية، وهذا ما شجعها على التمادي والافراط في الجرائم والمجازر بحق اليمنيين ليقينها أنها في معزل من العقاب، لكن العام الرابع من العدوان كان مغايراً وكشف الستار عن هذا السلاح الفتاك الذي سيكون للإمارات منه نصيب الأسد، وقد لدغت منه مرتين في أبرز مواقعها الحيوية وعجزت عن توفير أدنى مقومات الحماية رغم سعيها واهتمامها بذلك واستعانتها بأربابها وأسيادها في فك شفرة هذه العقدة التي لن تنفك إلا بتدمير مقوماتها الحيوية والاقتصادية ما لم تبادر إلى الانسحاب من تحالف العدوان على اليمن أو العمل على وقفه واختيار خروج سياسي يحفظ لها ماء الوجه في مشاورات جنيف في السادس من سبتمبر القادم.
وبالمجمل العام يرى اليمنيون أن قصف دبي ومطارها قفزة نوعية كبرى للعمليات العسكرية اليمنية مدلولها ألّا خطوط حمراء إن استمر العدوان في الإجرام، وهي رسالة للعالم المتواطئ مع تحالف العدوان مفادها أن الضرر سيصيب كل متواطئ وإن كان بعيداً جغرافياً، وأن هذا القصف ما هو إلا مجرد إنذار وتحذير يجب فهمه واستيعابه قبل فوات الأوان، وأن اختيار دبي ليس عشوائياً، إذ أن ضرر استهداف العاصمة أبوظبي محصوراً على دويلة الإمارات وحدها، أما قصف دبي فستصل شظاياه إلى كل دول التحالف ومن يقف ورائها، كونها المركز المالي العالمي الأول في الشرق الأوسط، وهذا يعني انهيار سوق المال العالمي ومساس دول كبرى عدة في هذه الخسارة التي سيصرح المتضررون منها بقلقهم وخوفهم مهما كابر أمراء النفط وحجبوا ضوء الشمس بغربالهم الأجوف.