اتفاق جدة وسقوط اليمن الجمهوري

 

عبدالجبار الحاج
من أخطر الاتفاقيات التي وقعت بين اليمن الشمالية والسعودية هي اتفاقية جدة عام 70م وهي ما أسميت باتفاق المصالحة الوطنية وأخذت أسماء كثيرة تارات تسمى بأنها اتفاقية بين السعودية واليمن وتارات توحي بأنها اتفاق بين الفرقاء المتحاربين في اليمن, كانت هذه الوثيقة الخطيرة التي لم تنشر ولم يتم العثور عليها في الوثائق اليمنية التي يفترض ان تكون في خزينة الخارجية اليمنية . ولم تنشر في الجريدة الرسمية ولم تنشر في الصحف الرسمية.
هذه الوثيقة على أساس أنها مصالحة وطنية بين اليمنيين تمت في لقاء في جدة حضره الجانب اليمني الرسمي والسعودي وظلت ليست سرية وحسب بل ظلت محرمة التداول وكان التوقيع عليها بزعامة الفريق الجمهوملكي وأثناء حكومة محسن العيني وفي ظل رئاسة القاضي عبد الرحمن الارياني الذي ينخدع الكثير اليوم من اليمنيين به بحكم دهائه وقدرته على إخفاء أدواره الخبيثة .. وفي ظل حكومة محسن العيني وفي ظل العمري الذي اصبح رجل السعودية الأول في الجيش ..وفي ظل تربع الشيخ الأحمر الذي انشئ له مجلس أسموه المجلس الوطني ثم صار مجلس الشورى وما أكثر المجالس التي ابتدعت خصيصا ليس كمؤسسة ولكن لاستيعاب مستويات للصف المشائخي الديني والعسكري التابع لسعود بحسب الحاجة المؤقتة والمهمة الموكلة له سعوديا ..
في مقال مطول تضمن العديد من الفقرات حول القضايا والموضوعات اليمنية والحرب والاحتلال وفي إحدى الفقرات التي أعادنا بها الرفيق أحمد حاشد هاشم إلى اتفاق او اتفاقية 70 وهي الصيغة التي توجت انتكاسة 26 سبتمبر 62 وأضاعت ودفنت كل التضحيات ليس هذا وحسب بل وكانت تتويجا لفترة التطهير والتصفية الجسدية للفريق الثوري داخل مؤسسة الجيش ومواقع القرار في كل مستويات المؤسسة السياسية في اليمن آنذاك ولاحقا .. وهي تصفية كفلت وضمنت الإخلال الكلي بالتوازن داخل مؤسسة وأجنحة الحكم الذي ظل مرات لصالح خط الثورة الحقيقي ومرات أكثر وأطول لصالح الفريق السعودي في جمهورية سبتمبر للأسف واخل بالتوازن النسبي بين فريقي الصراع بين قوى الثورة وقوى الثورة المضادة في اليمن وخاصة بعد أحداث مارس ٦٨ في تصفية المقاومة الشعبية وأحداث أغسطس في تصفية قيادات الجيش الحديث لصالح تركيبة انقلاب نوفمبر ولصالح تفريغ الثورة والجمهورية من مضمونها تفريغا وتطهيرا يكفل مسيرة آمنة من معارضة قوية فاعلة ضد المصالحة السعودية التي أسموها مصالحة وطنية زيفا !!
اقتطف من مقال للرفيق حاشد الفقرة التالية: (هل تعرف شيئا عن أخطر بنود اتفاقية المصالحة بين الجمهوريين والملكيين عام 1970، والتي تمت برعاية سعودية؟!!
هل تعرف أن جذر بعض ما نعانيه اليوم يرجع إلى بعض بنود تلك الاتفاقية؟!
هل تعرف أن أخطر بنود تلك الاتفاقية ظلت سرية للغاية حتى تم تسريبها من قبل السوفيت للنظام في الجنوب؟!
لماذا بعض الاتفاقيات تناقش بسرية وتستمر طي الكتمان وسرية للغاية عشرات السنين..؟!!
أليس من حق الشعب أن يعرف ما فيها؟!
أخشى أن يتكرر الحال اليوم؟)!
وهي فقرة أثارت لدي معالم وخطوط مرحلة تاريخية كثيرا ما قرأت وسمعت عنها وصارت صورتها عندي هي صورة أحط أشكال السقوط اليمني في حضن التبعية المطلقة لآل سعود تبدأ بمحطات هي:
/اتفاقية جدة 70
/ قرار السعودية بإشعال حرب 72 ضد اليمن الديمقراطية
/بيان جدة حول سريان بنود اتفاقية الطائف بما يؤدي الى جعل نجران وجيزان وعسير وغيرها سعودية وذلك عبر بيان جدة من قبل القاضي الحجري رئيس الوزراء ومحمد احمد نعمان الابن نائب رئيس الوزراء في مارس 73 ومشاركة عدد كبير من الوزراء والمسؤولين .
سأبدأ هنا تناول اتفاق 70 سيئ الذكر والمضمون .
لقد استخدم الفريق الجمهوملكي وهو فريق مكون من ثورة 48 وكبار المشائخ والإقطاع وأعداء الثورة أو قل أعداء التغيير الجذري .وفي شعاراته المعادية ضمنا للثورة والمجمهرة شفاهة اتخذ ستارا لأهدافه وحقيقة علاقته واتصاله بالسعودية في أوج أيام الثورة سرا أحيانا وعلنا أحيانا أخرى واتخذ من دعاوى السلام وإيقاف الحرب الأهلية وجمهورية إسلامية – على هدى النهج والمنهج الوهابي – بدلا من جمهورية الثورة اليمنية وكان توجههم ومسارهم يشير ويصرح إلى الوجود المصري ويوصفه بصفة واحدة انه احتلال وراح يعقد مؤتمرات السلام منذ 63 وحتى ٦٧ في خمر وعمران وسبا والجند وووو .. وصولا إلى تحقيق انقلاب الخامس من نوفمبر ٦٧ كان الانقلاب جسرا للعبور على جثث القيادات والعناصر الثورية الوطنية وتطهير الجيش من العناصر الثورية المخلصة والفاعلة ومن ثم القضاء على توازن الحيش النسبي لصالح التركيبة الموالية للسعودية وهو الجسر الذي تم عبره تمهيد الطريق وصولا إلى اتفاق جدة 70 السيئ الذكر والنتائج الوخيمة على مستقبل اليمن لاحقا وهو الاتفاق السري إلى اليوم الذي بالفعل توجت نصوصه المشيئة السعودية المطلقة وتمكين قبضتها على القرار اليمني وتسليم زمام القرار اليمني كليا ..
لمزيد من التقريب للوثيقة التي بالفعل ظلت سرية ولم يتم كشفها إلا من قبل جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية التي حصلت عليها عن طريق السلك الديبلوماسي وجهاز امن الدولة ..
لعل كشف الوثيقة الخطيرة شكل فضيحة خطيرة أراد نظام صنعاء أن يغطيها بشعار الوحدة حربا أو سلما وكانت الوثيقة إضافة إلى خمسة مطالب وضعتها السعودية أمام الإرياني واجبة التنفيذ وسأتناولها بمقال تال من الأسباب الضاغطة بتعجيل وتسريع إعلان الحرب على اليمن الجنوبي عام ٧٢ والذي اتخذ بقرار سعودي ..وكيف لا.. فقد كانت اتفاقية جدة 70 تحوي نصوصا تؤمن الدور السعودي في القرار اليمني ..
في نقاش مع صديق لي كان قد اطلع على الوثيقة وكان أيضا قريبا من موقع القرار في اليمن الديمقراطي كشف لي بعضا مما تضمنه اتفاق جده الذي أطاح كليا بالثورة والجمهورية والذي لم يعد يسمح ببقائها إلا اسما.. نعم/ اسما فارغ المعنى والجوهر /!! ففي عديد من الرسائل الرسمية التي كان يوجهها كمال أدهم رجل المخابرات ومستشار فيصل حينها رسائله إلى الارياني برئيس المجلس دون اكمال الصفة بالجمهوري ..
ومما تضمنته الوثيقة الخطيرة التي نحن بصدد انتظار الاطلاع عليها واطلاعكم بالتالي عقب وصولها .. والوقوف عليها ونشرها كشفا لحقائق التاريخ والجرائم الخيانية العظمى للحكومات اليمنية المرتهنة من بيع وتفريط بحق سيادة الوطن والشعب والثورة والجمهورية والحق التاريخي والأرض والعرض في الوثائق الخفية والمخفية .. مما جاء في تلك الوثيقة ومن نصوصها :
/ان يكون الرئيس زيديا ونائبه /أو رئيس الوزراء شافعيا .
/ان ( تشارك الشقيقة !!(في تسمية الرئيس ونائبه ورئيس الحكومة أو المجالس المقابلة أو أعضاء الحكومة .
/ ان يعتمد في المنهج التعليمي في المقررات وبخاصة في مجال التاريخ والجغرافيا والوطنية والمواد الدينية ما هو معتمد في مناهج الشقيقة السعودية .
/إنشاء اللجنة الخاصة وصرف المخصصات يدا بيد ..
/تبادل الرأي والمشورة في تكوين وإنشاء وتعيين قيادات الأجهزة الأمنية والاستخباراتية .
وفي محاولة لإغلاق وإحكام الأبواب الموصدة بما يضمن عدم نشر وثائق من هذا النوع … ففي اليمن الشمالي صدرت قوانين غريبة تنص على تحريم وتجريم نشر وثائق هي من إسرار الدولة إلا بعد مضي سبعين سنة ..
وبعد سبعين سنة لمن حصل عليها ..أما إذا ظلت خفية ومفاتيحها بيد أصحابها فحسب فلن تظهر اصلا لأن القانون هذا لا ينص على الكشف عنها بعد مضي السبعين سنة !!!!…

قد يعجبك ايضا