فساد الطوابير

عبدالرحمن علي الزبيب
الطوابير والتزاحم والاكتظاظ مؤشر واضح لفشل إداري في تنظيم العمل وتقديم الخدمة ويعتبر فساداً يرهق الشعب .
يلاحظ وجود طوابير متعددة في كل مكان أما للحصول على خدمة أو سلعة وبدراسة سبب الطابور نجد أنه نتيجة واضحة لخلل في آلية العمل وفساد العمل وسوء في الإنتاج والتوزيع مما يخل بميزان العرض والطلب فالطلب كبير والعرض منخفض والطبيعي هو التوازن بين العرض والطلب .
والبعض يوقف بلا مبرر مراكز ومكاتب استقبال وتحديدها في عدد محدود وإغلاق البقية ليكتظ المستفيدون في طوابير طويلة وكأنه يتمتع بتعذيب الناس في الازدحام في طوابير طويلة ما كانت لتكون لو تم فتح جميع المكاتب والمراكز بطاقتها الكاملة وتوسيعها إن استلزم الأمر ذلك .
البعض يتصور خطأً بأن الطوابير الطويلة مؤشر لوجود خدمة وسلعة ذات جودة عالية ومطلوبة يتزاحم الناس عليها في طوابير طويلة ولكن ؟؟
هذا التصور خطأ لأن الواقع أن سبب الازدحام هو فشل إدارة تلك المؤسسات والمراكز وعدم استيعابها للطلب والاحتياج بشكل طبيعي وبإدارة والية عمل ناجحة كون الطوابير مؤشر فشل وإخفاق مهما كانت السلعة والخدمة جيدة يتزاحم المواطنون عليها فإدارتها سيئة وفاشلة لتسببها في ازدحام وطوابير .
حيث يفترض أن يتم دراسة حجم الإقبال على الخدمة أو السلعة قبل فتح باب التقدم للحصول عليها وأن يتم تحديد الطاقة الاستيعابية الطبيعية وإذا حدث طارئ يستوجب استقبال عدد من المراجعين وطالبي الخدمة وفقاً لآلية سريعة وشفافة ورفع عدد مكاتب الاستقبال لتلائم حجم الإقبال وتنظم المتقدمين قبل وصول الوضع إلى تشكيل طوابير طويلة, تهان فيها كرامة الإنسان وتضيع الحقوق.
ويستغل البعض هذه الطوابير والتزاحم للسرقة والنشل نتيجة التدافع والبعض يقوم بالتلاعب بالطوابير ويتجاوز الطابور الطويل ويدخل من أبواب خلفية إخلالا بمبدأ المساواة بين الجميع استغلالاً لعلاقة أو وساطة والضحية هنا المواطن الضعيف المستحق للخدمة أو السلعة والذي يضيع أوقاتا طويلة في الانتظار ويراوح مكانه لفترات طويلة لا يتزحزح بسبب دخول أشخاص مخالفين من وراء الكواليس أو حتى مباشرة بوقاحة يدخلون إلى مقدمة الطابور من دون حياء أو خجل, والبعض يبتز المتحاجين لها للحصول على مبالغ مالية غير مشروعة أو الانتقاص من كرامة الإنسان وإهانته لها .
يستلزم سرعة تشخيص أسباب الطوابير والازدحام في جميع المكاتب والمؤسسات والشروع في معالجة سريعة للقضاء على هذه الظاهرة الخطيرة التي سببها الخلل في التنظيم وسوء الإدارة وغياب التخطيط الجيد .
أن يتم دعوة موظفي الدولة إلى مكتب أو وزارة لتدقيق بياناتهم الوظيفية خلال فتره وجيزة واكتظاظ وازدحام موظفي الدولة في ذلك المكتب أو الوزارة خلل كبير واستعجال في إصدار القرارات قبل إعداد خطط الاستيعاب لهم .
أن يتزاحم مستحقو المساعدات والإغاثة الإنسانية في بوابات ومراكز توزيع المساعدات والإغاثة الإنسانية في المنظمات الإنسانية ومؤسسات الدولة ذات العلاقة ويكتظ المواطنون في طوابير طويلة خلل في الإدارة لدى تلك المنظمات الإنسانية ومؤسسات الدولة المختصة وغياب للتخطيط الجيد تهين كرامة المحتاجين للمساعدة والإغاثة وتريق ماء وجوههم ويستغل البعض ذلك الخلل وغياب التخطيط ليفسد فيها ويتلاعب في الإغاثة والمساعدات ويحرم المستحقين لها .
ازدحام المواطنين في محطات المشتقات النفطية وإلغاز ومراكز الخدمات العامة في طوابير طويلة خلل في إدارة تلك المؤسسات وغياب للتخطيط الجيد وفشل وفساد في المؤسسات والهيئات ذات العلاقة .
ازدحام وتوقف حركة السير في خطوط السير داخل وبين المدن ودخول السيارات في طوابير طويلة, خلل في إدارة حركة السير وغياب لرجال المرور عن عملهم ومهامهم ما يوجب معالجة أسباب توقف حركة السير بسرعة وفعالية وأن لايتوقف عملهم في بعض التقاطعات بل يجب أن تتم مراقبة حركة السير في جميع الخطوط باستمرار وبلا توقف وتقييم أي اختلالات تتسبب في توقف حركة السير واتخاذ الاجراءات الرادعة لمنع استمرارها و تكرارها .
ازدحام المواطنين أمام المحلات التجارية, ومسالخ اللحوم والمطاعم والأفران وغيرها من المراكز التجارية خلل في إدارة العمل وفشل في استيعاب الإقبال الذي يفوق طاقة الاستيعاب ودخول المواطنين في طوابير طويلة وازدحام واكتظاظ داخل تلك المحلات والمراكز التجارية إما بسبب محاولة أصحاب تلك المحلات والمراكز الاقتصاد في مصروفات عمال ومكاتب أكثر ولو على حساب المواطن ووضعه في طابور طويل حتى يحصل على السلعة أو الخدمة أو بسبب عدم مواكبه تلك المراكز والمحلات للاحتياج.
ويستوجب أن يتم كسر أي احتكار وإفساح المجال للتنافس الايجابي الذي سيفتح الباب واسعاً للتطوير والتحديث وإنهاء الطوابير لأن التنافس يفتح الباب واسعاً لتقديم خدمة وسلعة ذات جودة عالية وبإجراءات سهلة وبسيطة, والعكس من ذلك الاحتكار الذي يطحن المواطن ويحاصره في زاوية ضيقة جداً وطوابير طويلة جبراً لا اختياراً لانعدام البدائل لها التي تكسر احتكارها وتشعل التنافس الايجابي .
ازدحام المواطنين أمام محلات الصرافة والبنوك خلل في إدارة العملية المصرفية وتقوقعها في محلات صرافة محدودة وبنك محدد بسبب فساد وتلاعب وسوء إدارة وغياب التخطيط, ويجب أن يتم توسيع عدد محلات الصرافة والبنوك وبما يمتص أعداد المستفيدين الكبيرة وتشتيت وتوزيع الازدحام في مسارات متعددة .
الازدحام في طوابير طويلة في المستشفيات الحكومية مؤشر لخلل وفساد ذلك المستشفى افضى إلى عجزه عن استقبال الحالات المرضية بكفاءة وفاعلية وبلا طوابير ولا اكتظاظ, ويوجب دراسة أسباب ذلك ومعالجته بسرعة, فإذا كان السبب انخفاض عدد الأطباء والكادر العامل في تخصصات متعددة يتم تحفيز طلاب كلية الطب لدخول هذه التخصصات لسد الاحتياج لها, وإن كان السبب انخفاض الطاقة الاستيعابية لها فيستوجب الشروع في توسيع للطاقة الاستيعابية لاستيعاب جميع الحالات المرضية بآليات سلسة وسهلة وبلا طوابير معقدة .
حتى في مراكز دفع الفواتير والرسوم والضرائب توجد طوابير طويلة لامبرر لها, ويفترض توسيع مراكز الاستقبال لإنهاء تلك الطوابير الشاذة وغير المنطقية واللامعقولة .
وغيرها وغيرها الكثير الكثير من الطوابير الطويلة التي لا نستطيع حصرها وتنتقص من كرامة الإنسان بلا مبرر, فقط الفشل والإخفاق في الإدارة وغياب التخطيط وآليات التنفيذ الناجعة هو المتسبب في كل ذلك الفشل والفساد .
الجميع شارك في طوابير طويلة جداً للحصول على سلعة أو خدمة ولاحظ المعاناة الكبيرة بسبب التلاعب والظلم والحرمان الذي يصاحبها والذي يمكن تلافيه بفاعلية وكفاءة ومعالجة الطوابير الطويلة بمعالجة أسبابها, وعلى الأقل إن لم يتم معالجتها يتم تخفيفها وعبر خطوات ايجابية كالتالي :
1 – تحديد عدد المستفيدين و مقدار الاحتياج من السلعة والخدمة .
2 – وزيع المستفيدين في كشوفات استحقاق وفي حدود الطاقة الاستيعابية للجهة أو المؤسسة وإن كان هناك طارئ يتم استحداث مكاتب ومراكز استقبال وتوزيع طارئة لاستيعاب الأعداد الكبيرة من طالبي الخدمة أو السلعة.
3 – توزيع كروت للمستفيدين بحسب ما هو متاح من الخدمة أو السلعة من دون تلاعب أو فساد بحيث يتم تحديد عدد المستفيدين وإقناع الفائض منهم بعدم الانضمام للطابور لعدم جدوى ذلك .
4 – تقسيم المستفيدين إلى مراحل وعدم حشرهم في مرحلة واحدة, وتوزيعهم على مراكز ومكاتب استقبال متعددة .
5 – مناقشة ودراسة أسباب الازدحام والاكتظاظ, وبذل الجهود لتقصير الفترة الزمنية للطوابير ومعالجتها قبل تفاقمها والشروع في معالجات إيجابية لها تضمن أن تكون لفترة بسيطة وعدم تكرارها .
6 – تعزيز الرقابة والتقييم المستمر الرسمي والشعبي وتعزيز الشفافية الكاملة على جميع مراحل توزيع الخدمات والسلع لضمان عدم التلاعب بها وفسادها والذي يتسبب في تطويل الطوابير واستمراريتها وتكرارها .
وفي الأخير :
نأمل أن تتم معالجة وتصحيح جميع الإجراءات التي تتسبب في الازدحام والاكتظاظ في طوابير طويلة, وأن تكون الطوابير مؤشر تقييم واضح لخلل في إدارة المرفق أو المؤسسة التي يكتظ امامها المواطنون ويستوجب من جميع الجهات ذات العلاقة الشروع في تشخيص أسباب الازدحام والشروع في تنفيذ خطط سريعة وإبداعية في جميع المرافق التي تشهد طوابير طويلة لامتصاص تلك الطوابير وتخفيض حجمها وصولاً إلى الوضع الطبيعي بإنهاء الطوابير بتعدد مراكز ومكاتب الاستقبال والتوزيع وعدم احتكارها في مكاتب ومحلات ومراكز محددة .
كما يتوجب أن تقوم مؤسسات الدولة بالتكاتف والتكامل مع الجهود الشعبية المجتمعية لتعزيز الرقابة والتفتيش والتقييم الدوري والمستمر لجميع الجهات التي تشهد طوابير وازدحاما وبما يؤدي إلى معالجة الخلل والفساد كون الازدحام والطوابير الطويلة مؤشر واضح لخلل وفساد وفشل إدارة تلك الجهات في مهامها وتوافر فساد الطوابير بها .

قد يعجبك ايضا