الجذور التاريخية للصراع اليمني السعودي” 12 “

عبدالجبار الحاج
بدأت مشاركة سلاح الجو السعودي في الأسبوع الأول للحرب التي أعلنتها منذ اللحظة الأولى وفي 2 أكتوبر 62 اتجه طيارو إحدى الطائرات العسكرية السعودية إلى القاهرة وهي التي كانت تحمل إمدادات لقوى الثورة المضادة (الملكيين) في نجران ..
وفي الفترة من 3 إلى 8 أكتوبر 62 لجأت ثلاث طائرات سعودية أخرى بطياريها إلى القاهرة وذلك شعورا منهم بقوميتهم واستنكارا ورفضا لحكومتهم وقد أدى هذا إلى إيقاف جميع سلاح الجو السعودي من المشاركة بعض الوقت ريثما يتم تطهير سلاح الجو السعودي من العناصر المشكوك بولائها ..
في اليوم العاشر من نوفمبر 62 لجأ قائد سلاح الجو الأردني إلى القاهرة وتبعه في اليوم الثاني طياران بطائرتيهما .وكشف حينها القائد الأردني بأن سربا من الطائرات الأردنية كان يتمركز قرب الطائف لغرض ضرب قوات الثورة والجمهورية في اليمن …..
بالنسية للموقف البريطاني من الثورة فقد كان عدائيا من اليوم الأول فقد تزامنت ثورة سبتمبر مع ضم مستعمرة عدن إلى الاتحاد المزعوم -وهو ما تناولناه سابقا بشكل كاف – قسرا إذ قبلها بيوم واحد فقط اتهمت حكومة الجمورية اليمنية بصنعاء بريطانيا في الخامس عشر من أكتوبر 62 بأنها كانت تسمح للامدادات العسكرية من أسلحة ومرتزقة وكانت تأمر قواتها في بيحان بدعم القوات الملكية في حريب ومارب بالأسلحة والذخيرة وتوفير المواصلات ..وذلك قبل ان تنسحب بعد ذلك .
كانت أمريكا وبريطانيا والسعودية والأردن وإيران الشاه من بين الدول التي لم تعترف بالثورة والجمهورية اليمنية عام 62 بل سارعت إلى تشكيل التحالف العسكري المعادي لإرادة الشعب اليمني .
وكان الاتحاد السوفيتي أول دولة تعترف بالجمهورية بعد يومين فقط من إعلانها وقد حذر خروشوف من أن أي تعد على ثورة سبتمبر يعد تعديا على الاتحاد السوفيتي ولم تعترف مصر بالجمهورية إلا في اليوم الثالث ..
وكانت الصين من الدول السباقة للاعتراف بالثورة والجمهورية اليمنية الوليدة ..
لماذا توقف سلاح الطيران السعودي عن الاستمرار في شن غاراته على قوى الثورة في عام 62 رغم انه بدأ بشن الحرب و الغارات منذ الأسبوع الأول للثورة السبتمبرية وفي تدشين حربه الطويلة على اليمن آنذاك..
وقد انضم ملك الأردن بعد السعودية في تلك الحرب وعقدت اتفاقية تحالف ضمت السعودية والاردن قبل انضمام ومشاركة دول أخرى للحرب على اليمن ولكن ظلت تلك الدول المعادية تشارك اما عبر انضمام معلن للتحالف أو من خلال الاكتفاء بالدعم بالخبراء والسلاح والمرتزقة وغيرها من اشكال الدعم ..
بالنسبة للقوى المؤيدة للثورة والجمهورية ففي اليوم الثامن والعشرين والتاسع والعشرين بدأت أولى البواخر المصرية تفرغ شحناتها من الجنود والدبابات والمدافع والسيارات والعتاد العسكري في ميناء الحديدة .
كانت القوات الملكية قد تلقت الدعم المادي والعسكري وعقدت مؤتمرا صحفيا وهو المؤتمر الذي أعدته كل من السعودية والأردن وفيه أعلن البدر انه وأنصاره يسيطرون على معظم الأراضي اليمنية وانه شخصيا يقود جيشا في غرب صعدة بينما يقود الحسن جيشا آخر في شرق صنعاء كما أن هنالك جيشا ثالثا قرب حريب وصرح أن هذه الجيوش الثلاثة تزيد عن عشرين الف مقاتل .
في بداية الثورة تم رفع مرتبات الجيش كما بدأ العمل في طريق البعثة العسكرية العربية المصرية في إعادة تنظيم الجيش اليمني والذي كان قوامه في ذلك التاريخ من أكتوبر ونوفمبر 62 حوالي 7000 مقاتل .
في بداية أكتوبر فقد كان هناك ما يقرب من 3000 جندي مصري يعسكرون خارج المدن وفي منتصف نوفمبر ارتفغ عدد القوات المصرية إلى حوالي 8000 جندي تدعمهم الدبابات والمدافع والطائرات .
تمكن الملكيون من السيطرة على حرض ذلك أنهم قد نجحوا في استمالة القوات الحكومية أو الحامية المرابطة هناك كما استطاعوا التغلب على الحامية الجمهورية في مارب وفي الجوف و سقطت الحزم بيد الملكيين وذلك في أثناء شهر أكتوبر 62
مع بداية عام63 رفعت مصر قواتها في اليمن إلى خمسة عشر الف رجل بما في ذلك زيادة الدبابات والمدافع الطائرات وقدرت بحوالي 200
كانت تتمركز من القوات المصرية بين حوالي 7000 من الجنود على الطرق الرئيسية المؤدية إلى صنعاء .. بينما كانت الحاميات الجمهورية تؤمن الحرف وبرط وخمر وريدة وعمران على طريق صنعاء – صعدة. وصرواح في الشرق ومعبر وذمار ويريم وإب جنوبا وسوق الخميس ومناخة على طريق الحديدة .
في نهاية فبراير 63 تحركت قوات جمهورية نحو بيحان وتعززت بمدافع المورتر وخلال المعركة تعرضت لضرب مدفعي من القوات البريطانية المرابطة ببيحان ..
حدث تصعيد لافت في مجرى الحرب التي تخوضها السعودية على اليمن بالمال والسلاح والطيران واستقدام الخبراء والمرتزقة من بلدان شتى وكانت ايران الشاه من أكثر البلدان تصديرا لإعداد الضباد والخبراء والاستخبارات، وإلى ذلك فقد وسع المصريون نطاق المعركة وخلال يومي 12 و 13من يناير 63 ضربت الطائرات المصرية نجران ..
وصل المشير عامر نهاية شهر يناير 63 واستمر تواجده في اليمن حتى مارس من نفس العام ليقود بنفسه عددا من المعارك والتي أطلق عليها حملات رمضان وفيها تحقق بعض النجاح لهذه العمليات العسكرية ومنها تلك التي اتجهت شمالا واصطدمت مع قوات ملكية بقيادة الأمير محمد ابن الحسين وتمكن المشير عامر خلال هذا الشهر من نفس العام من دخول صعدة وقيل قد دخلها كالفاتحين ….
بعد حملات رمضان بدأ الملكيون يفكرون باستراتيجية جديدة عقب نجاح حملات رمضان فذهب عنهم احمد السياغي إلى فيصل ليناقشوه تلك الاستراتبحية الجديدة خاصة ان طريق بيحان اغلقت في وجوههم بعد استيلاء الجمهوريين على حريب ومارب، وقد قررت السعودية على ضوء نتائج تلك الزيارة زيادة الدعم من اجل شراء القبائل، ومن هذه الاستراتيحية ضمان التمكن من تأمين طرق جديدة لتهريب المؤن والسلاح كخيار بديل لضمان ايصالها بعد قطع القوات الجمهورية منافذ تهريب السلاح والإمداد اللازم التي كانت عبر خطوط بيحان – حريب ومارب وبالمال الغزير نجحت الخطة إلى إقامة علاقات سرية بين بعض قواد الجانبين للتغاضي عن مرور قوافل السلاح والمؤن وعلى قاعدة “عِش وعيّـش” وبتعبير آخر (عش وخلي غيرك يعيش .. (والسبب في ذلك ان اولئك الذين في المراتب الثانوية والهامشية من القوات الجمهورية والذين لم يحظوا ولم يتلقوا أموالا من تلك التي تذهب لشراء ولاءات الشيوخ هم من كانوا يؤمنون طرق التهريب، وغدت هذه ظاهرة ممارسة من قبل عناصر قناتها علاقات خاصة ومن عناصر من الجانبين المتقاتلين .. وهنا بدأ المال السعودي يلعب دوره الخطر في شراء عناصر ورموز ومشائخ ثانويي الواجهة بصرف النظر عن مواقعهم ومكانتهم ….
وللمال في الحرب اليمنية روايتها الاستنزافية دون أن تؤدي وظيفتها الافتراضية سنتناولها في حيزها ….

قد يعجبك ايضا