رمضان محطة التزويد الإيماني
سعاد الشامي
كلنا ندرك أن من صنع السيارات كان قد صنعها بغرض خدمة الناس كوسيلة لنقلهم وحاجاتهم إلى حيث يرغبون.
وعندما قام بصناعتها خصص فيها مكاناً يتم تعبئته بمادة البنزين التي تعتبر الوقود المحرك لها، وبناء على ذلك كان وجود محطات مخصصة لتتزود منها السيارات بما يجعلها مؤهلة للقيام بمهمتها الأساسية وهي النقل بالإضافة إلى مراكز الصيانة الدورية المعتمدة .
ونحن البشر كذلك، فعندما خلقنا الله للقيام بمهمتنا الأساسية وهي عبادته لم يتركنا هكذا سدى دون أن يجعل لنا محطات في مشوار حياتنا نتزود منها الطاقة الإيمانية التي تؤهلنا لعبادته على الوجه الذي يرضاه هو منا، وكذلك مراكز لصيانة الأرواح والقلوب وبصورة دورية ورعاية إلهية .
شهر رمضان هو أهم هذه المراكز و المحطات المقدسة التي يمن الله بها علينا رحمة لعلمه بأن تراكم الذنوب والآثام المكتسبة بمرور الأيام قد يضعف ويوهن العباد عن مواصلة عبادة رب العباد، فمنحنا هذه الفرصة الذهبية في كل عام لننقي قلوبنا من شوائب الذنوب ونزود أرواحنا بوقود التقوى والبصيرة والاستقامة والإحسان والصبر والإيثار وكل ما من شأنه التقرب إلى الله ونيل رضاه.
فوا أسفاه على شهر أنزل فيه القرآن لم نكن فيه حملة للقرآن ولم نتزود منه الوعي الإيماني والبصيرة المحضة ولم نجسد آياته سلوكيات وأخلاقيات ومبادئ تطبق عمليا على أرض الواقع!
ويا أسفاه على شهر الرحمة والإحسان أن تمر ساعاته وأيامه بلا بذل ولاعطاء ولم نتزود منها قواعد وأساسيات الاهتمام في ملامسة هموم ومعاناة واحتياجات الآخرين!
ويا أسفاه على شهر الدعاء والالتجاء والتقرب إلى الله ونحن نتقرب فيه إلى شاشات التلفاز والتلفونات واللابتوبات والإيبادات!
ويا أسفاه على شهر المغفرة إن مر ولم تمر معه ذنوبنا ولم نتزود منه وسائل الحصانة و مرتكزات الوقاية وطرق الحماية من هفوات الرغبات وغرائز الشهوات!
ويا أسفاه على شهر الصبر إن لم نتزود منه معاني القوة والثبات التي تجعلنا نواجه عواصف الصعوبات والتحديات !
ويا أسفاه على شهر الفضيلة إن لم نتزود منه منهجية الوفاء ولم نقدّر التضحيات الجسيمة ونتجاهل أن نعطي أسر الشهداء أولويات اهتمامنا ونسند المجاهدين والمرابطين في جبهات العزة والكرامة بجزيل عطائنا وكثير دعائنا!
ويا أسفاه أن نحظى بالوصول إلى المحطة الرمضانية ولكن نتخاذل ونتكاسل ونسهو حتى يفوتنا قطار الإيمان فلا نستحق مكأفاة العتق من النيران!.