جمال الغراب
لكل زمان دولة ورجال، وأبرز رجال هذا الزمان بلا منازع الشهيد صالح الصماد، مسماه يتكرر بين الأسماع كما لم يتكرر مسمى شخصية قيادية من قبل، يذكره الناس بالخير ويتناقلون أعماله وانجازاته التي ما انفكت تتناسل بسرعة قياسية، ومع انه يحيط جانباً من أعماله بالتكتم حرصاً على نجاحها إلا أن الناس وتحديداً البسطاء منهم يتناقلون تلك الأعمال بشيء من الارتياح والابتهاج كونها تصب في مصلحة الوطن قبل أي اعتبارات أخرى، يتناقلون ايضاً ما خفي عن الأسماع والأبصار من مآثر الرجل والقصص المترافقة مع أعماله وعطاءاته في الجانب الرسمي، حيث يضعونه في منزلة القادة العظماء الذين استطاعوا أن يضعوا لذواتهم سطوراً خالدة في أسفار التاريخ.
رجل المرحلة
حين ينظر المرء الى أعمال وانجازات وعطاءات الشهيد صالح الصماد يجزم انه يحتل وبلا منازع صفة رجل المرحلة، الأسباب والدواعي لذلك كثيرة ومتعددة فعدا عن أداءاته في العمل اليومي يطيب للشهيد الصماد ان يضع الآخرين أمام واقع من العطاء الخالي من النظير حيث يفاجئ الجميع بتحركاته ومسارات عمله اليومية التي تدل على عدة أمور أولها بساطة القائد وثانيها حرصه على التواجد في عناوين المشهد وتفاصيله وثالثها بحثه عن أداء متجاوز لحدود المألوف.
شاطئ التخليد
عندما يكون الوطن في الأجندات والقوائم أولاً تتخلق القيادة الناجحة والفريدة والقابلة للتخليد، مثل هذا النص يسري على شخصية الرئيس صالح الصماد، فحين جاء الرجل الى موقع الر الشهيدجل الاول عبر المجلس السياسي لم يكن همه كما هو حال كثيرين بناء ارصدة بنكية وجني ثروة من عوائد الأعمال اليومية والسياسية لقد سخر الشاب الثلاثيني جل وقته وعمله وحتى طموحاته في اثراء الوطن بالانجازات والأعمال التي لا تتغيا سوى رفعة الوطن وسموه وإعلاء شأنه وبذلك يكون قد وضع شخصيته على شاطئ التخليد والذكرى الجميلة والعطرة.
ادوار لم تكن في الحسبان
كانت لحظات عصيبة للغاية تلك التي تشكل خلالها المجلس السياسي الاعلى بموجب اتفاق سياسي بين المؤتمر الشعبي العام وانصار الله حيث لعلعة الرصاص لا تفارق الأجواء مع أزيز الطائرات وأصوات الانفجارات والمدافع.
يومها سخر البعض من خطوة تشكيل المجلس ومن تعيين الصماد رئيساً له وكان لسان الحال ماذا بوسع قيادي شاب ان يفعل في مواجهة عدوان يتشكل من سبعة عشر دولة تقريبا.
تركة 38 عاماً من حكم الأنظمة السابقة إرث ساهم من تعقيدات الموقف وصعوبة واستعصاء القيام بخطوات في اتجاه تصحيح الامور ومعالجة المشكلات العالقة.
مضافاً الى ما سبق غياب التجارب القيادية السلطوية بالنسبة للشهيد الصماد جعلت الرأي القائل باستعصاء مهمته يتنامى بالتدريج لدرجة ان البعض تنبأ له بالفشل منذ الايام الاولى.
بعد تشكيل المجلس وتعيين الصماد تبدت مسارات جديدة في مسرح القول والتقييم.
فالشاب الذي حكموا عليه بالفشل أخذ ينساق في اتجاهات مذهلة واضحى يؤدي أدواراً لم تكن في الحسبان.
أداءاته وأعماله اليومية جعلت القائلين بفشله يتراجعون تدريجياً، فالشاب الثلاثيني بات يجابه مخططات العدوان بصلابة منقطعة النظير وبدهاء وحكمة المجابهين في الميدان الصامدين في وجه العدوان المشرعين اكفهم للسلام حين يعلو صوته من حين لآخر.
لقد نجح الشاب الثلاثيني في المهمة بامتياز مع مرتبة الشرف واستطاع ان يخلق جواً وطنياً عاماً مناهضاً للعدوان مؤيداً لمسار السلام.
من معسكر الى آخر ومن جبهة الى أخرى قضى الشهيد الصماد جل انشطته التي لم تغفل الأمور السلطوية الأخرى كالادارة اليومية للدولة.
لقد جعل من كل القوى الوطنية ومن المحافظات الخاضعة لسيطرة انصار الله يداً واحدة في مواجهة اعتى عدوان يلج عامه الرابع.
الإحساس بوطن كامل
مع أن صنعاء هي معقل الحكم والمركز السياسي لادارة دفة المحافظات الخاضعة لسيطرة أنصار الله وهو ما يتطلب تواجد الطاقم الرئاسي والسياسي فيها بدائمية واستمرار، إلا أن الشهيد صالح الصماد ليس من النوع الذي ينكفئ على الذات ويكتفي بإدارة الأمور من هذا المعقل، في أعماله اليومية، يلحظ المرء توزيعاً فريداً لأماكن تواجد الشهيد الصماد وتحركاته حيث يدير الامور من صنعاء وفجأة يطل على الرأي العام من الحديدة ثم نراه يترجل في ذمار وبعدها يعرج على عمران وهكذا دواليك، إنها حالة من الإحساس بوطن كامل وليس بعاصمة محدودة جغرافيا.
بساطة القائد
عادة ما يكون لأي رئيس في أي دولة بالعالم هالة سلطوية من التعالي والاستعلاء وهي عادة تتناقلها الأجيال في معظم الدول، في حالة الرئيس الشهيد الصماد نجد حالة من انعدام هذه الهالة، حيث تتبدى بساطة القائد في تصرفاته واعماله وسلوكه اليومي. يقول مصدر مطلع عن الشهيد الصماد: يقوم الرئيس الصماد بإدارة المعارك عبر تلفون مهترئ ويرتدي بذلة لا تتجاوز قيمتها عشرة آلاف ريال ويتناول وجبات الغذاء مع مرافقيه وحين يحل ضيفاً على أحد المعسكرات فانه يتناول طعام الغداء مع الافراد في المعسكر.
واحدة من المآثر
من حين لآخر يتناول البسطاء مآثر الصماد والحكايات التي عادة ما تترافق مع أي أعمال يقوم بها من تلك المآثر على سبيل الذكر فقط قيامه لصلاة الفجر حيث أقدم على ايقاض مرافقيه لأداء صلاة الفجر وذهب ليصلي وحينما فرغ من الصلاة عاد ووجد بعض المرافقين نائمون فما كان منه سوى أن أمسك بقطرات ماء وشرع في وضعها على رؤوسهم وهو يضحك الى أن قاموا لأداء الصلاة، مآثر كهذه جعلت الصماد يحتل مكانة في قلب مرافقيه وأفراد جماعته الذين يبادلونه ذات الشعور وبات هؤلاء المرافقون والافراد على أتم استعداد للتضحية في سبيل قياداتهم.
التعاطي مع الجنوب
في تعاطيه مع المخططات التآمرية التي تديرها أطراف خارجية في الجنوب اتخذ الرئيس الشهيد الصماد من الحكمة منهاجاً وسلوكاً حيث تخاطب مع الجنوبيين بمنتهى العقل والحكمة واخذ يحاول تقريب وجهات النظر وتحاشي سلوك الصراع مع قيادات الحراك الجنوبي وبشخصية القائد المفعم بالاحساس بهموم وطنه وشعبه اعترف الصماد للجنوبيين بمظلوميتهم التي يعانونها والتي كان سببها النظام السابق، اعترافات الشهيد الصماد وطريقة تعاطيه مع الجنوبيين أدت الى تخليق واقع من التفهم الجنوبي وهو ما ادى الى توليد حالة من الاحترام والتقدير للرئيس الشهيد الصماد ولمواقفه السياسية المعلنة تجاه الجنوب وقضيته العادلة.
لم تكن هذه الانجازات الكبيرة والعظيمة وحدها التي دعتنا لإنصاف الرجل الذي يعمل بصمت من ويقود الوطن في أحلك الظروف ، ولكن رغم كل هذه الصراعات التي تعصف بالوطن والحصار المفروض عليه جواً وبراً وبحراً من قبل دول العدوان والتي أرادت تركيع الشعب اليمني العظيم، لم ينس الرئيس الشهيد الصماد الجوانب الخدمية في البلد والتي وفر لها كل الإمكانيات اللازمة لاستمرار حيويتها ونشاطها، رغم تدهور الاقتصاد اليمني بسبب نقل البنك المركزي، وتحويل إيرادات الدولة إلى جيوب مرتزقة الرياض، لم يكن ذلك الأمر الجلل عائقا أمام عزيمة الرجل الذي حمل ومازال يحمل مسؤولية الشعب اليمني على كتفيه، وهذا الأمر لن ينساه الشعب اليمني والذي يبادل سيادة الرئيس الثقة والتعظيم.
نسخة عن ابراهيم الحمدي
عهد ابراهيم الحمدي يكاد أن يكرر ذاته تعبير يدل على ما استطاع الشهيد صالح الصماد أن يحققه خلال وجوده على رأس المجلس السياسي الاعلى، ومع أن الرئيس الشهيد ابراهيم الحمدي يصعب تكراره إلا أن هنالك آراء ترى فيما يقوم به الشهيد الصماد ويؤديه من أعمال ومهام إعادة انتاج لتجربة الحمدي مع بعض الفوارق في الاداءات.
ظروف استثنائية حملت الشهيد الصماد الى سدة الرئاسة وهي في واقع الامر بقدر ما قدمت خدمة للشعب اليمني إلا أنها أيضاً كشفت امكانية ان يعاد تكرار تجارب سلطوية تاريخية يستعصي اعادة انتاجها.
في مناقب ومآثر الشهيد صالح الصماد يطول الحديث ويتشعب لكن تظل هنالك حقائق ثابتة مفادها أن الأيام صنعت قائداً يستعصي على النظير.
سيرة الصماد
غداة تشكيله في صنعاء اثر الاتفاق بين انصار الله والمؤتمر الشعبي العام فوجئت الأوساط السياسية والمجتمعية والجماهيرية بقيام المجلس السياسي الاعلى بانتخاب الصماد رئيساً له في حين حل الدكتور قاسم محمد غالب لبوزة نائباً للرئيس.
في اعقاب هذا الانتخاب أخذت سيرة حياة الصماد تنتشر كالهشيم في النار وتناقلت وسائل الإعلام هذه السيرة لتعريف عامة الشعب برئيسهم الجديد.
في تفاصيل السيرة نجد الآتي:
صالح الصماد هو المشرف الثقافي العام لأنصار الله وعرف بحفظ للقرآن الكريم كاملا ، تمكن من استيعاب الثقافة القرآنية بشكل كامل حتى أن ثقافته وقوة طرحه ومحاضراته أصبحت مضرب الأمثال بين أوساط جماعة أنصار الله ، هذا فضلا عن كونه من اكثر قيادات أنصار الله قربا من السيد عبدالملك الحوثي الأمر الذي جعله واحداً من قيادات أنصار الله التي كانت مطلوبة أمنيا للنظام السابق ضمن قائمة الـ 55 بتهمة التمرد.
ـ من مواليد 1 يناير 1979م بني معاذ مديرية سحار بمحافظة صعدة.
– خريج جامعة صنعاء .. عمل مدرسا في مدارس صعدة.
ـ لمع نجم صالح الصماد في حرب صعدة الثالثة حين فتح جبهة مقاومة في بني معاذ لتخفيف الضغط العسكري على مران ونشور وضحيان.. ليقود مع مجموعة قليلة من المكبرين مواجهات شرسة في المناطق القريبة من مدينة صعدة.. مابين المقاش والطلح .. في سهول قيعان الصعيد الزراعي.. لتأتي الحرب الرابعة ضارية الهجوم على قرى بني معاذ وما حولها فكان أبو فضل للخصوم بالمرصاد..
ـ هدمت الطائرات الحربية بالغارات الجوية منزله و دمرت مزارعه .. سقط اثنين من أشقائه شهداء في الاشتباكات.. لاحقته قذائف الدبابات والمدافع إلى كل مترس وجرف بهدف قتله.. عارك الموت عشرات المرات.. واجه الرصاص بصرخته المدوية وشجاعته التي صارت مضربا للمثل.. إذ يتقاسم الرجل شيئين: العلم والبطولة.
– درس الصماد العلوم الدينية على يد المرجعيات الزيدية مثل العالمين الجليلين مجدالدين المؤيدي الذي كان مقيما في منطقتهم، والسيد بدرالدين الحوثي الذي من خلاله ارتبط بنجله السيد حسين بدرالدين منذ مطلع الألفية الثالثة.
شغل منصب مستشار رئيس الجمهورية عن جماعة انصار الله عام 2014م.
تخليص العاصمة من فكي الأسد
في أعقاب فتنة ديسمبر من العام المنصرم راهن كثيرون على أن الأوضاع في صنعاء لن يكتب لها السير الى طريق الاحتواء نظراً لحجم الاحداث وهولها غير ان تلك الرهانات لقيت مصير الفشل، حيث استطاع شاب في الثلاثينيات من عمره ان يحفظ توازن الدفة في أوقات الشدة وتمكن بحنكة نادرة من الحفاظ على سير ومجرى الأمور لتستعيد العاصمة صنعاء بذلك مسار الاستقرار تحت قيادة شاب من خيرة رجالات اليمن ألا وهو الرئيس صالح الصماد.
واقع الأمر أن أحداثاً بحجم أحداث ديسمبر لم تكن قابلة للاحتواء لو أن قائد وربان الدفة شخصية اخرى غير الصماد حيث كان الوضع مرشحاً لانفجار مدوى يزلزل التفاهمات والتوافق ما بين طرفي الجبهة المناوئة للعدوان إلا وهما المؤتمر الشعبي العام وانصار الله.
كانت الفتنة في مسيس الحاجة الى قيادة تتصف بمهارات عالية وحكمة ودهاء وذلك لضمان طي صفحتها والشروع في ترتيبات تكفل عودة أجواء الأمن والاستقرار الى العاصمة صنعاء وهو ما حدث حيث أشرف صالح الصماد على معالجة الامور وقاد الدفة بإحكام ومهارة ودهاء حتى استطاع أن يستنزع أمان العاصمة واستقرارها من بين فكي الاسد.
تبديد الضغائن
رغم أن أحداث ديسمبر الماضي استحثت واقعاً من الضغائن لدى البعض ضداً على مصرع الرئيس الاسبق صالح إلا أن أعمال الصماد تمكنت من تبديد جانب من تلك الضغائن بأدائه العالي وتحركاته التي لا تخلو من فطنه وذكاء: يقول أحد الجنود القدماء عن زيارة الصماد للمعسكر الذي يعمل فيه هذا الجندي “منذ أن قتل علي عبدالله صالح وأنا أحمل ضغينة على جماعة الحوثي، بشكل لايتصورها أحد، لكن وبعد زيارة الصماد إلى معسكرنا حيث ألقي فينا خطاب غير قناعاتي 180 درجة .. حدثنا من القلب الى القلب.. أوصانا بالثبات وتقوى الله، وقال لنا النصر سبيلنا في مواجهة العدوان، وكلمات كثيرة أثلجت صدورنا حتى شعرنا أن من يحدثنا إبراهيم الحمدي وليس قيادياً حوثياً قادماً من بين كهوف صعدة.