مراقبون: هناك عصابات تدير هذه المجموعات .. وهؤلاء الاطفال في خطر


استطلاع وتصوير/أسماء حيدر البزاز –

متسولات يبررن نوم الصغار باالارهاق .. وأخريات بالمرض

لمدة 12 ساعة متواصلة تبقى أم علي رهينة مهنة التسول مع صغيرها الذي لم يتجاوز سن الرابعة من العمر فما أن تراه كأنك ترى صنماٍ ثابتاٍ وجثة هامدة لا حراك بها أعطيتها ما بحوزتي من نقود ثم سألتها : هل صغيرك نائم ¿ فأجابت بتلعثم: نعم أقصد كلا..
بل هو مغمى عليه لأنه مريض فهو مصاب بتضخم في القلب وشلل في أطرافه وأنا أرملة ونحن نسكن في إيجار غرفة ومطبخ وحمام بالإيجاز .. وعلى ذمتي ثلاثة أولاد أنا أعيلهم بهذه المهنة.

لم أجد طريقة تجعلها تتحدث معي بنوع من الصراحة والأريحية سوى ردي عليها بجواب استدراجي: (الحال على بعضه فأنا أحتاجك في مساعدة سأعطيك صور مؤثرة جداٍ لأحد أقاربي المرضى تتسولين بها وعلى ضوئها نتقاسم المبلغ الإجمالي نص بنص لأني بحاجة إلى المال لكن من المحال أن أمارس هذه المهنة).
فردت: أنت عادك هبلا أو كيف¿ يعني إذا حصدت من الصور حقك مبلغ عشرة ألف أجيب لك خمسة ألف وأنا خمسة آلاف مايخارجنيش!! شوفي من طفلي هذا النائم أقدر أجمع باليوم 10 ألف ريال وأحياناٍ توصل إلى أكثر من 15 ألف لأنهم لما يشوفوا شكله وهو ملقى على أرض الشارع تحت حرارة الشمس وبين الأتربة يحن قلبهم عليه ويتصدقون أكثر أما حكاية الصور بليها واشربي ميتها.
> فلم أملك سوى أن أقول لها: طيب دليني¿ علميني كيف أسوي¿
– فقدمت لي نصيحة على حد قولها نصيحة لوجه الله قائلة: شوفي واحدة تجيب لك ولدها يكون عمره من 3 – 4 سنوات وأعطيها نسبة عن كل يوم ونوميه بطريقتك بس انتبهي تجي مكاني وتحاربيني في رزقي ولعلمك المنطقة هذه كلها محجوزة (فشوفي يمكن حد يقبلك في مجموعته).
فحاولت أن أبحث معها عن تفسير لعبارتها الأخيرة إلا إن صبرها كما قالت نفذ وأضافت: هل ستدفعي فلوس على تعليمي لك أو أول يوم سماح¿!!!

أصحاب الوجاهة
متسولتان برفقة ثلاثة أطفال ما دون الخامسة من العمر أمام بوابة جامع الشايف بأمانة العاصمة قالت إحداهن: نأخذ الأطفال معنا لممارسة مهنة التسول لأنه لايوجد أحد يرعاهم في المنزل كما أننا نقضي وقتاٍ طويلاٍ في هذه المهنة ثم لأن الناس يشفقون علينا أكثر حينما يشاهدون الأطفال معنا ثم إن نومهم الآن ليس جراء مخدر ولا منوم كما تقول البعض بل هو نوم طبيعي نتيجة التعب والإرهاق.
وتابعت حديثها: ولهذا فالمشايخ وأصحاب الوجاهة والتجار هم وجهتنا في رمضان حيث يْقبلون على عمل الخير والصدقات فمثلا التي لا تملك ورقة أو أي إثباتات عن حالتها وحال صغيرها المعيشية والصحية المزرية تحصد منهم بعض الآلاف بينما المتسولات اللواتي يملكن تلك الاثباتات يجنين مبالغ تصل ما بين 30-50 ألف ريال كحد أدنى خلال يومين أو ثلاثة أيام !!

زميلات المهنة
متسولة أخرى تبكي أمام جولة الحباري في حي الحصبة هي وطفل لا يتجاوز عمره سنة سألتها عن اسمها فقالت اسمها صفية ولكن زميلتها كانت تناديها ب نجيبة كانت تظن بأني أنتمي إلى إحدى الجمعيات أو المنظمات الانسانية خاصة عندما رأت بيدي ملفا وأوراقا فبدأت تجمع زميلات المهنة وأطفالا من الجنسين لا أدري كيف تجمعوا والعجيب الغريب في الأمر أن ثلاثة أطفال أمام فرزة الحصبة كانوا مشلولين تماما كما أفادتنا والدتهم.
أم عبد الرحمن وبسرعة فائقة نهضوا من أماكنهم وتحدثوا معي والكل فتح بابا الشكوى أملاٍ في مساعدات نقدمها فلم أجد حلاٍ للخروج منهم سوى إخبارهم بأنني صحفية وأود التقاط صورة لهم فهرعوا من أماكنهم رافضين.
وأما أم حيدان فقد عللت سبب تسولها بطفلتها الصغيرة أنها تستثمر إعاقة طفلتها من أجل علاجها أي تتسول بها نهارا وتعالجها ليلا !!

تناقض
يبدو التناقض بارزاٍ في حديث الشابة سمر -جولة الساعة- فتارة تقول لنا: إن الطفلة ابنتها وتارة تقول: إن والدة الطفلة قد توفيت وحالتهم المادية يرثى لها خاصة وأن والد الطفلة كما قالت: عامل نظافة -وهو عائلهم الوحيد- فمعاشه لا يغني ولا يسمن من جوع بل زادت في القول: والله لو وجدنا من يوفر لنا أي عمل يكفل لنا قوت يومنا لما نزلنا إلى الشارع نطلب الناس ونتحمل كل المضايقات والإهانات ولكنها الحاجة المرة.

عصابات
خلف مدرسة الأمجاد جاءت إحدى المتسولات منذ وقت مبكر وبسطت فراشاٍ على الأرض وطلبت من طفليها الصغيرين أن يناما وكلما ضحكا قامت بتوبيخهما فقد دقت ساعة العمل وبدأ التمثيل بالبكاء والعويل والصراخ بينما دورها اقتصر على توزيع الدعوات على المارة واستعطافهم من أجل صغيريها جاعلة فيهم كل الأمراض والأعراض تحدثت معها قليلا وتعاطفت مع وضعها المأساوي فغبت برهة عنها وعدت فإذا برجل يتحدث معها ثم أعطته كل ما جمعت فقام بعد المبلغ وأعطاها نسبة ولا ندري أين ذهبت بطفليها وكأن الموضوع شغل عصابات منظمة في الأماكن والمراقبة والحصاد!!

قربان للناس
ختمنا جولتنا الاستطلاعية مع نبيلة وهي امرأة طاعنة في السن حيث قالت: نحن إن خرجنا للتسول فنحن خرجنا لأننا نعيش مأساة معيشية وواقعاٍ مؤلماٍ وفقراٍ مدقعاٍ ليس كالمتسولات الجدد اللاتي صارت مهنة التسول لديهن مجرد عادة وإدماناٍ وهن في هذا العمر عمر العطاء والعمل ولكنهن يجدن في ذلك فرصة للربح السريع دون عناء أو كلل مْقدمات أطفالهن الصغار والرضع كقربان للناس لنيل إحسانهم !!

قد يعجبك ايضا