الثورة / عبدالباسط محمد
هناك حيث وصلنا عبر طريق تسكن على جنباته الطبيعة الفاتنة بإشكالها المتعددة بين جبال تطل على فضاءات رحبة وبين سهول تسكنها الوديان الخصبة وأي واد أكثر جمالا وثراء بالاخضرار وخرير المياه والينابيع العذبة من وادي عنة وأيضا ذلك الوادي الذي تغنى به الشعراء وجادت قرائحهم كلمات أبدعتها الألحان فتحولت إلى لوحات فنية راقية تطرب مسامع وأفئدة الناس ولعل الجميع يذكر تلك الأغنية اليمنية الأصيلة التي تحدثت عن هذا الوادي الواسع والخصب الذي يقع أيضا في طريقنا إلى المزاحن مركز مديرية فرع العدين ( وا مغرد بوادي الدور ) .
ربما تحدثنا وتحدث الكثيرون عن وديان قضاء العدين الشهيرة وادي عنه ووادي الدور واليوم لنجعل الصورة تتحدث عن عراقة وأصالة ميزة أخرى لقضاء العدين وهي تلك الإعجازات العمرانية التي وصل إليها اليمانيون في الكثير من المناطق اليمنية التي بالكاد يصلها الإنسان راجلا فوصلها الإنسان اليمني وأبدع فيها وتفنن في تصميم منازل كأنها رسمات فنية بديعة متحديا بذلك وعورة الطريق والجبال الشاهقة التي باتت مروضة لهذا الإنسان لأنها لم ولن تعجزه فاليمنيون معروف عنهم شدة بأسهم وقدراتهم العالية لتطويع الجبال وهذا ربما يفسر سبب تغلب اليمنيين على أقرانهم في الجبال ممن يواجهونهم في الحروب فهم أسود الجبال .
في المزاحن تفنن الإنسان اليمني ولازال يتفنن في رسم لوحات للمعمار في قمم الجبال لتكون بمثابة التيجان التي تزين ما بين الأرض والسماء فلا قساوة الأرض ولا وعورة الطريق ولا الجبال الشاهقة كانت عائقا أمامهم ؛ لم يكتف البناءون بالبناء المتقن والأدوار المتعددة والأحجار التراتبية الفريدة بل ذهبوا لأبعد من ذلك عندما عمدوا إلى التفنن واستخدام النقوش والزخارف الجمالية التي أضافت مزيدا من الجمال يجانس ويحاكي تلك الفرادة التي وهبها الخالق عزوجل لهذه المنطقة والمناظر الخلابة والطبيعة الساحرة والاخضرار الذي يعم المكان خاصة في فصل الصيف حيث تتحلى أودية وحتى جبال هذه المنطقة بأبهى زينة كيف لا وهي زينة أبدعها خالق هذا الكون الفسيح ؛ وإن كانت الصور التي التقطناها في فصل الشتاء حيث تنحسر فيها الجماليات ويتقلص الاخضرار نزولا حتى يصل إلى المواقع المحاذية للواديين الشهيرين .
ولابد لنا من زيارة نرتاح فيها من وعثاء السفر ومرارة الحياة والتفرغ لتغذية الروح ومحاكاتها بالهدوء والاستمتاع بصحبة تلك المناطق التي حباها الله أسرار السعادة ومقومات المتعة في مناطق قضاء العدين وتحديدا على ضفاف الواديين الاشهرين على مستوى اليمن وادي عنه ووادي الدور وكل تلك المنطقة والعدين بشكل عام الذي يضم أربع مديريات ( العدين وفرع العدين والحزم ومذيخرة ) وكلها تتحول في فصل الصيف الذي بدأت ملامحه تظهر في الأرض والطبيعة مع أول زخات لمطر الصيف في هذه المناطق.
ونصيحتنا لكل الباحثين عن المتعة والجمال والغوص في ثنايا الطبيعة وأسرارها الفاتنة والساعين لمتعة الروح وسعادة الفؤاد ومناجاة النفس واختطاف أوقات من البهجة والسرور فما عليهم إلا التوجه نحو قضاء العدين ووادي عنة ووادي الدور .