مواقع التواصل الاجتماعي تضيق الخناق على وسائل الإعلام


استطلاع / أسـامة الغـيثي –
أحدثت مواقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك – تويتر – يوتيوب ” وغيرها من المواقع ثورة جديدة من نوع آخر في نقل المعلومات ..حيث أصبحت تلك المواقع وسائل إعلام يعتمد الكثير عليها في استقاء الأخبار وإبداء الآراء ومعرفة ما يجري حول العالم في أسرع وقت وذلك لتميزها في سرعة نقل المعلومة وإيصالها إلى عدد كبير من الجمهور الذي أصبح البعض يشعر بالملل لقراءة الصحف ..كما ساهمت المواقع في طرح ومناقشة العديد من القضايا والوصول إلى حلول لها فهناك من يرى أنها تعتبر مصدرا مهما للحصول على المعلومة وهناك من يرى أنها ليست مصدر ثقة وأن ما ينشر فيها لا يفي بالغرض وتعتبر مؤشرات للبحث عن بقية المعلومة الكافية … حول هذا الموضوع أجرت ” دنيا الإعلام ” استطلاعاٍ مع بعض شخصيات إعلامية وأكاديمية لمعرفة هل أصبحت مواقع التواصل الاجتماعي مصدراٍ من مصادر استقاء الأخبار¿ وما مدى مصداقيتها ¿ وما هي سلبياتها وإيجابيتها ¿ فكانت الحصيلة:

مواقع التواصل الاجتماعي هي فضاءات عمومية افتراضية صارت تؤدي دورا هاما يجب الانتباه إليه والتفكير فيه بعيدا عن خطاب الاحتفاء والانبهار فتلك الفضاءات كاليوتيوب والفيسبوك وتويتر على سبيل المثال صارت فعلا مصدرا للأخبار في بعض الحالات لاسيما الصفحات الخاصة بالسياسيين والمثقفين وقادة الرأي ولكنها تبقى مصادر غير موثوقة للأخبار لأنها فضاءات افتراضية وإمكانية اختراق الصفحات من طرف آخر ممكن .. هذا ما قاله الدكتور عبد الله الزلب – أستاذ الإعلام المساعد بجامعة صنعاء- وقال : إضافة إلى ذلك نجد هذه الفضاءات ليست للحوار الرصين والنقاش المتوازن والمنفتح بل هي في حالات عديدة فضاءات منغلقة داخل مجموعات لديها قواسم مشتركة وغالباٍ لا تقبل الاختلاف معها بل إنها تحولت إلى صفحات متاحة للنقاش الفوضوي المتوتر والقدح والتشهير والتضليل ومع ذلك لا شك أن ظهور مواقع التواصل الاجتماعي عمل على نقل الإعلام إلى آفاق غير مسبوقة وأعطى مستخدميه فرصاٍ كبرى للتأثير والانتقال عبر الحدود بلا رقابة إلا بشكل نسبي محدود ولهذا تثير علاقة مواقع التواصل الاجتماعي بالإعلام إشكاليات عديدة لا يمكن اختزالها في الأبعاد التقنية المستحدثة في مجال البث والتلقي.
وأضاف الزلب : وإذا كان من الطبيعي الإقرار بالدور الذي تؤديه مواقع التواصل الاجتماعي في الكشف عن الوقائع التي تتعمد بعض وسائل الإعلام إخفاءها وفي إعطاء الكلمة للمواطن البسيط للتعبير فإن الفضاء الأجدر بتنظيم النقاش العام في مجتمع لا يزال يعاني من الأمية الرقمية هو الفضاء التلفزيوني والإذاعي نظراٍ لقدرة المجتمع على إلزام هذه الوسائط باحترام الضوابط القانونية والأخلاقية ومساءلتها عبر هيئات مستقلة كالقضاء ومؤسسات المجتمع المدني وبالتالي من الصعب القول بأن هذه الفضاءات ستشكل تحديا كبيرا لوسائل الإعلام التقليدية التي بدأت توظف هذه الفضاءات وتعمل على أن تستفيد منها للترويج لبرامجها وللوصول والتواصل مع جمهورها في كافة أنحاء المعمورة.
” تغيير الواقع “
ويسترسل أستاذ الإعلام المساعد: مواقع التواصل الاجتماعي خصوصا وما يعرف اليوم بالإعلام الجديد عموما نظام تسكنه الفوضى فرغم ما فيها من قدرة تكنولوجية عميقة وإمكانيات مذهلة للتأثير على جمهورها فهي فضاءات لا تخلو من وجود حالة فوضى مركبة داخلها أخطرها فوضى المفاهيم والمصطلحات المتزاحمة مع فيضان من التدني اللغوي والانحطاط القيمي… فالمشكلة في مثل هذه الفضاءات التواصلية أنه لا مجال فيها للضبط والسيطرة ولا مجال كذلك لليقين فمواقع التواصل الاجتماعي عموما بتضاريسها الحالية تظل بعيدة كل البعد عن السيطرة ويبقى من الصعب التنبؤ بتغيراتها واتجاهاتها.
وأشار الزلب إلى أن هناك مبالغة في الدور الفعلي لمواقع التواصل في تغيير الواقع السياسي في إطار ما يعرف بثورات الربيع العربي لأن الحراك السياسي والاجتماعي في المنطقة العربية وفي دول الربيع بالذات انبثق من وعي الأفراد بواقعهم أولاٍ ثم تشكلت مفرداته ومفاصله في فضاءات الإنترنت المختلفة ومنها مواقع التواصل الاجتماعي واشتدت بالتفاعل والتكرار والتداول السريع للأفكار والمعلومات في الأوساط الاجتماعية المختلفة فإذا أخذنا مصر كمثال نجد أنه برغم النشاط الكبير الذي شهدته مواقع التواصل الاجتماعي فيها إلا أن التغيير السياسي الحقيقي فيها لم يولد في الانترنت بل تولد في الشارع وكان دور مواقع التواصل الاجتماعي والانترنت إجمالا كان دورا مكملا له.
” مصادر موثوقة “
عبدالحميد المساجدي- رئيس مركز اليمن للدراسات والإعلام – قال : بكل تأكيد فإن مواقع التواصل الاجتماعي أصبحت مصدرا من مصادر الأخبار ولكنها ليست كافية لأن ما يعرض أو ينشر في مواقع التواصل الاجتماعي من معلومات مثل تغريدات متصفحي “توتير” ومشاركات مجتمع “الفيس بوك” تأتي بمعلومات غير وافية وفي أغلب الأحيان تكون منقوصة لكنها تكون عبارة عن مؤشرات للصحفي لكي يبحث عن كافة المعلومات التي تكمل هذه المعلومات.
وأشار المساجدي : قد تكون منشورات التواصل الاجتماعي موثوقة خاصة إن كانت من مصادر موثوقة مثل سياسيين وكتاب أو ناشطين فمثل هؤلاء يعدون مصادر موثوقة لكن من أكبر سلبيات المعلومات على مواقع التواصل الاجتماعي ما يتم نشره من قبل مشاركين بأسماء مستعارة فمثل هذه المعلومات التي تنشر من قبل هؤلاء في كثير من الأحيان تكون عبارة عن وسائل لتمرير شائعة معينة وتنقصها المصداقية.
” إقبال متزايد “
عزالدين عبدالحق الصلوي- مدير تحرير صحيفة (حديث المدينة) -قال : إن مواقع التواصل الاجتماعي قد أصبحت مصدرا هاماٍ من مصادر استسقاء الأخبار لعوامل عدة أهمها انخراط عدد من وسائل الإعلام التقليدية والجماهيرية بما فيها وكالات الأنباء في هذه المواقع وحرصها على أن تكون جزءٍا منه من خلال إيجاد صفحاتها التي تواكب نقل الخبر أولاٍ بأول ومن خلال دعوتها وإعلاناتها المتكررة لجمهورها للتواصل معها عبر هذه المواقع ومن ناحية أخرى فإن المميزات العامة لمواقع التواصل الاجتماعي وخواص المشاركة والنشر والتعليق وغيرها من المميزات تعمل على انتشار الخبر ووصوله في الحال لعينات عشوائية من المجتمعات في أصقاع الأرض إضافةٍ إلى أن هذه المواقع تشهد إقبالاٍ متزايداٍ ومتابعة كبيرة تتبين من خلال أعداد المشتركين فيها ما يجعل القنوات والوكالات الإخبارية تحرص على استهداف هذا الجمهور الواسع الذي بدوره يتحول إلى ناقل وناشر غير حصري لأخبارها وفي نفس الوقت معلن ومسوق مجاني لها ما يكسبها انتشاراٍ وشهرةٍ أوسع.
ويضيف الصلوي : أما من ناحية المصداقية فعلينا التفريق بين الأخبار التي تستقى من هذه المواقع حسب مصدرها فالخبر المتناقل عبر الأفراد والمشتركين بصفة عامة لا يكتسب المصداقية المطلقة ويكتنفه الشك المصاحب للقصور المهني للخبر وغيره من الجوانب التي لا تجعل المتلقي متيقناٍ ولا مندفعاٍ لنشره بعكس الخبر الذي يعود مصدره لصفحات الوكالات والقنوات الإخبارية الذي يكتسب المصداقية حسب الثقة التي بنتها هذه الوكالة أو تلك مع جمهورها ومن الأمور السلبية أن هذه المواقع قد تكون وسيلة سهلة لنشر الإشاعة والأخبار الكاذبة غير أن أهم إيجابياتها أنها تجعل المتلقي مشاركاٍ بل وصانعاٍ للخبر أحياناٍ ما يجعله حريصاٍ على متابعتها اعتقاداٍ منه أنه أصبح مساهما في صنع اتجاه الرأي العام في المجتمع.
” انعدام الرقيب “
ويرى مدير تحرير صحيفة (حديث المدينة) أن مواقع التواصل الاجتماعي تتجه لمنافسة وسائل الإعلام التقليدية والجماهيرية وأيضاٍ تندرج ضمن ما يسمى بوسائل الإعلام التفاعلية بمعنى أنها تتيح للمتلقي التفاعل المباشر مع الرسالة الإعلامية والتعبير عنها ناهيك عن أنها تعمل على ربط واكتمال أطراف الرسالة الإعلامية من خلال ما يسمى ( رجع الصدى) الذي نجده هنا بصورة مباشرة من المستقبل إلى المرسل دون قيود أو محاذير وفي ظل انعدام مقص الرقيب الأمر الذي يعزز من تحقيق هدف الرسالة ويمكن المرسل من قياس الرأي العام ومعرفة اتجاهاته ومدى الإقناع الذي تكون لديه.
ويجزم الصلوي أن مواقع التواصل الاجتماعي ستطغى مستقبلاٍ – ولا شك – على غيرها من وسائل الإعلام الجماهيرية والتقليدية خاصةٍ في ظل انتشار وسائل استقبالها وقلة تكلفتها وإتاحة استخدامها بيسر لمختلف الفئات ولكن يبقى لكل وسيلة إعلامية جمهورها ومعجبوها وخصائصها التي تميزها عن غيرها ولكل زمان وسائله التي تتطور بتطور ونهضة الشعوب كما هو حال وسائل الإعلام التي تطورت بشكل مذهل واحتلت جزءٍا كبيراٍ من اهتمامات الناس واكتسبت أهمية كبيرة في حياتهم اليومية ومواقع التواصل الاجتماعي أهم هذه الوسائل في عالم اليوم.
“تحديث سريع”
ومن جهة أخرى قال عبده العبدلي – رئيس تحرير موقع (الراية نت): إن وسائل التواصل الاجتماعي أخذت مداها على الساحة الصحفية وأصبحت مصدراٍ مهماٍ من مصادر الحصول على المعلومة نظراٍ لحيويتها وقدرتها على التحديث السريع للأخبار بينما تتصف الوسائل التقليدية بالجمود إذا ما تحدثنا عن عامل الوقت.
ويرى العبدلي أن مسألة المصداقية تظل نسبية في مختلف وسائل الإعلام والكثير ممن يديرون وسائل الإعلام التقليدية هم أنفسهم الفاعلون في وسائل الإعلام المجتمعية التي دائماٍ ما تعتمد على المواقع الإخبارية وبدورها الوسائل التقليدية تعتمد على المواقع الإخبارية.. ولأن المتابع أصبح يبحث عن السرعة في الحصول على المعلومة فإن وسائل التواصل الاجتماعي ستأخذ حيزاٍ لا بأس به وستضيق الخناق على الوسائل التقليدية لكنها لن تستطيع إلغاءها نظراٍ لأن الوسائل التقليدية لا تزال تتمتع بجمهورها الخاص بها.
” وسيلة سهلة “
فاطمة الأغبري – صحفية ومدونة وناشطة حقوقية – قالت : بالنسبة لمواقع التواصل الاجتماعي ممكن اعتبارها مصدراٍ للأخبار ولكن ليس بشكل كبير كون هناك من يختلق أخباراٍ ليست موجودة على أرض الواقع ونحن صادفنا الكثير من تلك الأخبار ولهذا كما قلت إنه ممكن اعتبارها مصدراٍ ولكن ليس بشكل كبير.
وترى الأغبري أن مواقع التواصل الاجتماعي هي منافسة كونها تلتقي في مكان واحد بأكثر من وسيلة بمعنى أننا في النت نجد الأخبار المقروءة والمسموعة والمرئية وهذا جعل الكثير يتوجه لها كما أنها الوسيلة الأسهل للوصول من أي مكان.
” تعتمد الإشاعات “
موسى العيزقي – رئيس تحرير صحيفة (الحياة) : الملاحظ أن وسائل التواصل الاجتماعي قد تحولت في الآونة الأخيرة إلى مصدر من مصادر الخبر الأساسية بالنسبة للكثير من الناس.. لكن بعض الأخبار التي تنشر على تلك الصفحات لا تستند إلى حقائق ووقائع في الغالب حيث تعتمد على الإشاعات.. ولذلك يجب التحري من صحتها من خلال الرجوع إلى مصادر حية ومطلعة للتأكد منها قبل نشرها .
وأضاف العيزقي : أما في ما يتعلق بمنافستها لوسائل الإعلام التقليدية فهذا شيء حاصل لكن ليس بتلك الصورة التي قد يتخيلها البعض فوسائل الإعلام لا زالت في الريادة خصوصاٍ الالكترونية والدليل على ذلك أن أغلب من ينشرون الأخبار غالباٍ ما يقتبسونها من المواقع الالكترونية .

قد يعجبك ايضا