الشهيد طه المداني

خلود العظماء وعطاء المحسنين
مواقفه البطولية الخالدة بمختلف أقسامها الثقافية والأمنية والعسكرية تحكي اليوم عن عظمة صاحبها , اليوم نتنفس كرامة ونعيش بعزة كل ذلك هي نتاج لتضحيات مثل هؤلاء الأبطال الخالدون في ذاكرة التاريخ ووجدان كل يمني شريف .
الشهيد ابو حسن طه المداني عمل بكل صمت وتفانى في تقديم عمله بكل صدق وإخلاص , غاب عن أعين الناس وفضل عدم الظهور في وسائل الإعلام لكن ثمرات جهوده وثقت في قلب اليمنيين ولامسوا تلك الجهود الكبيرة والاستقرار الأمني منذ توليه إدارة اللجان الأمنية وحتى يومنا هذا .
ولادتُه ونشأتُه:
وُلِدَ الشهيد طه المداني في مدينة ميدي الحدودية على ساحل البحر الأحمر سنة 1979م،
التحق بمدرسة الثورة، فدرس الصفين الأَوّل والثاني قبل أن ينتقلَ مع والدُه وأسرته إلى مدينة صعدةَ؛ ليُكمِلَ دراستَه الابتدائية والإعدادية في مدارس صعدةَ بالتزامُن مع مشاركته الفاعلة في الدورات الصيفية في منتدى الشباب المؤمن.
تخرّج من الثانوية العامة من مدرسة عبدالناصر في صنعاء، ثم التحق بجامعة صنعاء كلية الشريعة والقانون حتى عام 2003م، حيثُ كان في اختبارات السنة الرابعة من الدراسة.
صفاتُه وانطلاقته :
عرف عن الشهيد خلال السنوات الأولى لشبابه وتحديداً الخامسة عشرة وما تلاها صفات أبرزها العِصامية والاتكال على النفس، حيث كان يحرِصُ على أن يقومَ بكل شيء بنفسه والشجاعة في القول والفعل.
كما تميز في ذلك الوقت بحِسٍّ أمني عالي ، وكانت لديه مهاراتٌ فطرية في التحليل والتحقيق والقيادة وَمَيْلٌ إلى تقديم المساعدة للآخرين بكُلِّ نُبلٍ ومروءة.
كان الشهيد المداني عليه السلام من أوائل المتحركين لنشر المسيرة القرآنية وتوعية الناس وتثقيفهم من خلال نشر الملازم وحث الشباب على ترديد الصرخة في مدينة صعدة قبل أن ينطلق الى العاصمة صنعاء , تحَـرَّكَ الشَّـهِيْدُ بعد ذلك للعمل الجاد ونشر الملازم وتوعية الشباب بضرورة الشعار كتحَـرُّكٍ عملي وموقف في مواجهة الهيمنة الأمريكية، وكان قد تحَـرّك مع رفاق له لإطْلَاق الشعار في الجامع الكبير في صنعاء وفي عدة جُمَع وتعرض لاعتداءات من قبل عصابات كان منوطاً بها الاعتداء على المكبرين وجُرح في إحداها في رقبته ونجا من الاعتقال عدة مرات.
أبرزُ المهام التي أوكلت إليه:
عقبَ انتهاء الحرب السادسة أوكل السَّـيِّدُ القائدُ إلى الشَّـهِيْد تأسيَس الدائرة الأمنية وإدارتها بشكل مستقل عن الجانب العسكري والجهادي، فشكّل الشَّـهِيْدُ ما عُرف حينها بقسم الأمن الداخلي.
كانت لدى الشَّـهِيْد قدرةٌ فائقةٌ على تطبيق العلوم العسكرية كمدرسةٍ في الأداء العسكري في الحروب وبلورة منهجية أرقى مما درجت عليه مدارسُ العلوم العسكرية فتجاربُه الميدانيةُ وخططُه الإبداعية تستحقُّ أن تُدرَّسَ في الأكاديميات العسكرية، كما يقول متخصصون، وهي ليست إلا شاهدٌ على تجلّي الهداية الإلهية لمَن يسيرون على المنهجية القرآنية ويلتزمون توجيهاتِ قيادة ربّانية، وهذا ما كان يتميّزُ به الشَّـهِيْد كُلّ التميز.
اللجان الأمنية الشعبية
برز دورُ الشَّـهِيْد أبو حسن بشكل أكبرَ عقب ثورة 21 سبتمبر 2014م حيث كانت مهمته تتمثل في المحافظة على وزارة الداخلية كمؤسسة سيادية من أهم مؤسسات الدولة.
حيث كان للجان الأمنية الشعبية الدور الكبير في حماية العاصمة صنعاء ومختلف المحافظات من اختراق الإرهابيين والمندسين ومنذ ان تسلمت اللجان الأمنية الى جانب الأجهزة الأمنية دور حفظ الامن والاستقرار شهدت العاصمة استتباب امني غير مسبوق من حيث انخفاض معدل الجريمة والقضاء على الجماعات الإرهابية كما اعتبرت العاصمة نموذج امني نادر من بين مختلف المدن والمحافظات الأخرى نتيجة للحس الأمني العالي والقيادة الأمنية الحكيمة التي رسم خطاها الشهيد طه المداني .
وقد شهد حينها وزيرُ الداخلية حينذاك اللواء/ جلال الرويشان للشهيد وبرقي التعامُل وقوة الشخصية وبعد النظر وكان لحكمة الشَّـهِيْد ورؤيته الثاقبة وفهمه العميق للمهمة التي أوكلت إليه ولفريق عمله دورٌ أساسٌ، وبذلك فقد كانت وزارة الداخلية من أنجح الوزارات التي شهدت انسجاماً بين ضباط الأمن واللجان الأمنية، وقد جنّبها حضورُ الشَّـهِيْد على رأس اللجان الشعبية كُلَّ الإشكالات، وهكذا فإن ما تشهده البلاد من أمن رغم طول أمد العدوان وحرص العدو على إحداث اختراق أمني وتفجير الوضع من الداخل، هذا الأمن والاستقرار وفشل العدو في استهدافه له دلالةٌ عميقة على حجم أثر الشَّـهِيْد في هذا الجانب، ولا مبالغة إن قلنا إنه حسنة من حسناته.
تقلد الشَّـهِيْد الكبير منصبَ عضو اللجنة الأمنية العليا عقب الإعْــلَان الدستوري في 7 فبراير 2015م عندما تسلّمت اللجنة الثورية العليا قيادة البلاد.
استشهادُه:
منذ بدء العدوان السعودي الأمريكي الغاشم على بلادنا كان للشهيد ابو حسن دور كبير وبارز في مواجهة العدوان , فواجه العدوان وجه لوجه في الصفوف الأولى للجبهات الى جانب أعماله القيادية والمهام الجسيمة التي أوكلت اليه حينها من تأمين العاصمة وحشد للجبهات ورسم خطوط المواجهة للعدو فأكرمه الله الشهادة وهو يدافع عن أرضه وعرضه وفي الصفوف الأمامية في 15 شعبان 1436هـ الموافق 5 /6 /2015م وفاز الشَّـهِيْدُ بكرامة الله تعالى، ونال ما كان يتمنّى، وخسرت برحيله اليمنُ والأمة شخصية وطنية مخلصة إلا أن العزاء فيه أنهُ ربّى رجالاً في دُنياه سيواصلون مسيرتَهُ في الدفاع عن امن الوطن وسيادته.

قد يعجبك ايضا