الأطماع الجيواستراتيجية والاقتصادية وراء العدوان على اليمن

فيما السيطرة على ثروات اليمن تتصدر قائمة أولويات المعتدين والغزاة

 

الثورة/أحمد المالكي

.كل يوم وعلى مدى ثلاثة أعوام من العدوان والحصار الاقتصادي الممنهج تتبدى الأهداف الحقيقية لواشنطن وأدواتها في غزو واحتلال اليمن منذ الـ 26 من مارس عام 2015م، حيث سعت السعودية والإمارات وبإيعاز ودعم أمريكي إلى السيطرة على البلاد وخصوصاً الموانئ والمناطق الساحلية في عدن والمكلا وغيرها، وكذلك منابع الثروة النفطية في محافظتي شبوة وحضرموت وإمدادات الغاز من مأرب إلى ميناء بلحاف على ساحل بحر العرب.
وكما يعلم القاصي والداني فإن اليمن بتعدد ثرواته الطبيعية يظل هدفاً رئيسياً لتحالف وقوى الغزو والعدوان، والأيام والشهور الماضية تكشف ان شرعية هادي (العدوان) هي الاسم المستعار للأطماع الأجنبية الواسعة، لموقع اليمن الإستراتيجي وثرواته المتنوعة.
ودخول الأمريكان على خط الضجيج المفتعل والمشاركة الفعلية والعلنية يؤكد حرصهم على نيل النصيب الأكبر خاصة وأن العدوان على اليمن أعلن ليلة الـ26 من مارس 2015م من واشنطن أما السعودية والإمارات فلها نصيبها، لأنها تعتبر إن ثروات اليمن باتت أشبه ما تكون بالغنيمة..فماذا عن الخلفية الجيواستراتيجية والاقتصادية للعدوان على اليمن ؟!

أهداف
من بلحاف إلى عدن إلى حضرموت إلى سقطرى إلى باب المندب يتكشف جانب مهم من أهداف العدوان ،فإلى جانب إفقاد اليمن قوته وحضوره على المسار السياسي والعسكري في المنطقة فإن السيطرة على ثرواته هي في قائمة الأولويات، أما الشرعية المزعومة فوظيفتها لا تتعدى حراسة تلك المنشآت .
مؤخراً اتهمت صحيفة “ايكومينست” البريطانية، الإمارات العربية المتحدة، بدعم الجماعات الخارجة عن القانون في اليمن، والعمل على إشعال ونشر الفوضى في المدن اليمنية ، وقالت بأن الدور الإماراتي تجاري بحت يهدف إلى تعطيل المصالح التجارية اليمنية، لكي تنتعش التجارة في دولة الإمارات، وأشارت إلى أن إستراتيجية الإمارات تهدف إلى السيطرة على الموانئ الإستراتيجية في الشواطئ التي تمثل أكثر طرق الشحن التجاري ازدحاماً على مستوى العالم.
قواعد
وأضافت الصحيفة أن جزيرة سقطرى أصبحت اليوم قاعدة عسكرية إماراتية. لافتةً إلى أن الإمارات دربت قوات عسكرية تصل إلى 25ألفاً في حضرموت تحت مسمى “النخبة الحضرمية، ومثلهم في شبوة وغيرها من المناطق الجنوبية.
ونقلت عن محليين أن الهدف الرئيسي للإمارات هو تعزيز موقع مينائها في جبل علي من خلال خنق التجارة في اليمن وذلك بالسيطرة على موانئها..
وأكدت الصحيفة أن الإمارات وعبر “النخب” والجماعات الموالية لها، استولت على سلسة الموانئ الجنوبية وميناء المخا، كما تسيطر على النفط والغاز في ميناء بلحاف، ومحطة تصدير النفط في الشحر.
أحلام
وتسير الإمارات في “سقطرى” على خطى أحلام الماضي القريب للأميركيين، وهي تبدو راغبة في الذهاب إلى أبعد مدى، بعد تقارير تشير إلى أن ولي عهد أبوظبي يخطط أيضًا لنشر قوة عسكرية ساحلية في جزيرة “ميون” قرب شواطئ باب المندب. وتنسجم هذه التحركات الإقليمية مع الترتيب الإقليمي الجديد الذي تنتهجه البحرية الأميركية بشأن السيطرة على المضيق والذي يمنح بموجبه أدوارًا أكثر فاعلية للقوات البحرية الإماراتية والمصرية في مكافحة القرصنة ومواجهة احتمالات “التمدد الإيراني”بحسب زعمهم، وهو ما يفسر استثمار الإمارات خلال العامين الماضيين في تعزيز قواتها البحرية بشكل ملحوظ، بما يشمل إدراج أسلحة جديدة تشمل غواصات وسفن تدخل سريع وأنظمة ملاحة مائية، وصولًا إلى خطط لتمويل شراء حاملات مروحيات، كما يفسر أيضًا الدعم المادي الذي قدمته الإمارات لخطط تسليح البحرية المصرية، وعلى رأسها حصولها على سفن ميسترال الفرنسية، وإنشاء الأسطول المصري الجنوبي على البحر الأحمر.
هذه الخطط تسير بانتظام حتى الآن على قدم وساق، بما في ذلك اقتراح الوحدة العسكرية “السوقطرية”، التي تبدو منسجمة مع الوحدات العسكرية الخاصة التي أنشأتها الإمارة في أجزاء أخرى من جنوب اليمن، حيث أنشأت أبوظبي في كل من “حضرموت” و”عدن” وحدات عسكرية خاصة مستقلة عن بعضها البعض وعن أي نظير يمني، يتم تمويلها وإدارتها بالكامل من قبل الإماراتيين. وتمثل هذه الوحدات الفصل التالي في خطة “بن زايد” التوسعية اليمنية، وهو استثمار إماراتي يهدف بالأساس إلى حماية النفوذ البحري لها، حتى لو كان ثمن ذلك هو تقسيم اليمن بأكملها كمان الإعلان مؤخراً عن عمليات عسكرية في محافظة شبوة تحت ذريعة محاربة القاعدة هي مقدمة لوضع اليد على ثروات المحافظة والسيطرة على أهم منشآتها الصناعية وفي مقدمتها مشروع بلحاف لإنتاج الغاز المسال اكبر مشروع صناعي في اليمن.وبذات الذرائع السابقة والمستهلكة أعلن المتحدث باسم البنتاجون ((جيف ديفيز)) أن قوات خاصة أمريكية تولت مساعدة الإماراتيين في عمليات ضد ما يسمى تنظيم القاعدة في شبوة.مراقبون قالوا أن هذه العملية تأتي في سياق تبرير تواجد القوات الأمريكية على الأهداف الحقيقية في السيطرة على اليمن ومنابع الثروات فيه.
احتلال
..وذكرت مجلة «إيكونوميست» البريطانية أن كثيراً من اليمنيين يخشون مما يعتبرونه «احتلالاً» سعودياً إماراتياً لبلدهم، مشيرة إلى أن القوات التي نشرها البلدان الخليجيان تساهم في تفتيت اليمن، وتعقيد حياة المواطنين.
وأضافت المجلة -في تقرير لها أن المسؤولين السعوديين والإماراتيين يزعمون أن نشر القوات في أنحاء البلاد جزء من جهودهم الحربية، لكن، يبدو أن المملكة تسعى لإقامة ممر جديد للساحل، وفي الوقت نفسه، يبدو أن الإجراءات التي تتخذها أبوظبي في اليمن هي جزء من إستراتيجية أكبر للسيطرة على الموانئ على طول أكثر طرق الشحن ازدحاماً في العالم. وأشارت المجلة إلى أن السعوديين الذين يعملون في مطار الغيضة -الذي استولوا عليه قد اشتروا ولاء شيوخ القبائل في الشرق والجنوب، من خلال توزيع الأسلحة والسيارات وجوازات السفر السعودية، أما الإمارات، فقد استولت على سلسلة من الموانئ الجنوبية، مثل: المكلا، وعدن، والمخا، وتسيطر على المصنع الوحيد لتسييل الغاز في اليمن.
ومضت المجلة للقول إن «من اليمنيين من يخشون فقدان سيطرتهم على بلدهم أمام التوغل السعودي الإماراتي، كما يشكو آخرون في محافظة المهرة من فقدان أعمالهم التجارية.. وفي الوقت نفسه، يتزايد التوتر بين الوكلاء السعوديين والإماراتيين.. ففي حين تسعى المملكة لإعادة الجيش القديم في الشمال، تقوم الإمارات بتدريب مقاتلين من الجنوب». وأوضحت المجلة أن الميليشيات الجديدة -التي تدعمها السعودية والإمارات- تساهم في تسريع تفتت اليمن،
تدخل
..ويعاني اليمن منذ عقود طويلة من التدخل السعودي الواضح في كافة تفاصيل البلاد وهذا التدخل بالتأكيد يمنع اليمن من التقدم وتحقيق الأمن والرفاهية لشعبه ويُبقية تحت السيطرة والهيمنة السعودية بالإضافة إلى شراء بعض شيوخ العشائر في اليمن ونشر الفوضى والفكر الوهابي أيضاً واستخدام الأوراق المذهبية خدمة للمشاريع الاستعمارية الأمريكية الغربية والصهيونية لتفكيك المجتمع اليمني المتماسك وتسهيل مهام قوى العدوان والأستعمار في السيطرة على ثروات ومقدرات الشعب اليمني المستهدف ..وإرهاصات التدخل الخارجي في اليمن بعيد ثورة 21 سبتمبر 2014م، وكيف نسجت النخبة الإعلامية العربية والسياسية التوجسات القلقة بشأن التهديد المزعوم للأمن القومي العربي في اليمن، واستغلال ما يسمى بشرعية هادي لتشكيل قوة عربية مشتركة تردع إيران، لكن بضرب اليمن.ومما لاشك فيه فإن المصالح المالية والاقتصادية التي شكلت تحالف العدوان، ودفعت أطرافه الداخلية والخارجية إلى التصادم بشأن تقاسم النفوذ في اليمن، إلى أن تطلب الأمر تقسيم البلاد وتجزئة المجزأ، على عكس ادعاءاتهم المتواصلة بشأن الحفاظ على وحدة اليمن وسلامة أراضيه.
استقلال
وبحسب المحللين وخبراء السياسة والاقتصاد ونظراً للنزعة الاستقلالية التي امتازت بها ثورة 21 سبتمبر، وتطلع مكونات الثورة إلى تحرير اليمن من الوصاية الخارجية والهيمنة السعودية الأمريكية على القرار اليمني، اتجهت قوى الهيمنة الدولية والإقليمية إلى تضييق الخناق على اليمن، وإفشال اتفاق السلم والشراكة الوطنية بين القوى السياسية اليمنية، وإغلاق عدد كبير من السفارات بالعاصمة صنعاء، وصولاً إلى التدخل العسكري المباشر، وإعلان تحالف عاصفة الحزم، بضوء أخضر من الولايات المتحدة الأمريكية.
واعتبر مراقبون في حينه، أن التوصيف غير المنطقي من قبل دول الخليج للحالة في اليمن، خلال قمة دول الخليج بالدوحة في 9 ديسمبر 2014م واعتبار اللجان الشعبية التي تكفلت بسد الفراغ الأمني قوى احتلال، مؤشر على نوايا سعودية-خليجية مبيتة للتدخل العسكري في اليمن. وفي حينه أيضاً، اعتبر المجلس السياسي لأنصار الله توصيف قمة الدوحة لبعض محافظات البلاد، على أنها محتلة من قبل أنصار الله ومطالبتهم الانسحاب منها، توصيف يندرج في خانة التدخل المباشر في شؤون الغير.
وإذ لم يصدر عن أنصار الله واللجان الشعبية والقوى الوطنية المواجهة للعدوان ، ما قد يعتبر استهدافاً للسعودية الجار الأكبر لليمن أو لدول الخليج بشكل عام، فقد كان لافتاً أن أقلاماً صحفية مشهورة على المستوى العربي قد بادرت إلى قراءة الحدث اليمني بشكل مبالغ فيه، فمثلاً قال الكاتب السعودي جمال خاشقجي “إن اليمن كما نعرفه، وبكل تقلباته منذ 1970م انتهى، وثمة يمن جديد يتشكل، المملكة السعودية خسرت تفردها بالتأثير هناك، سيظل لها نفوذ، ولكن مع شريك لا تحبه وما دامت المملكة قد خسرت نفوذها في اليمن بحسب الكاتب السعودي، فلا عجب أن نسمع بعد ذلك موقفاً خليجياً يتضمن تلويحاً بالتدخل في اليمن.ومع بدء العدوان على اليمن ليلة 26 مارس 2015م، لم تكن مبررات التدخل العسكري في اليمن كافية لإقناع الرأي العام اليمني والعربي، ما دفع العدوان إلى تسويق (شرعية هادي) كأساس لانطلاق عاصفة الحزم. ويبدو أن هذا التبرير لم يكن معمماً على دول التحالف، مما جعل التصريحات السياسية بشأن العدوان على اليمن، تسلك منحى التضارب، فمثلاً صرح رئيس مجلس الأمة الكويتي بأن مشاركة بلاده في عاصفة الحزم جاء بناء على طلب من السعودية التي تتعرض لتهديدات عسكرية دفاعية عبر الحدود المشتركة مع اليمن ووجود منصات صواريخ بالستية موجهة لمناطق آمنة في السعودية.ناهيك عن تهديدات إيران والأمن القومي العربي وغيرها من الشماعات التي رفعت لاستهداف واحتلال وغزو اليمن..
حيادية
..لقد قرأت سلطنة عمان المشهد بواقعية وحيادية، فنأت بنفسها عن التدخل في اليمن، وتأييد عاصفة الحزم، بينما شاركت بقية دول الخليج في العدوان “السعوصهيوأمريكي” ولا تزال. وقد كشفت يوميات العدوان وتداعياته جانباً من المطامع الخليجية في اليمن، خصوصاً بعد دخول القوات الغازية إلى عدن والساحل الغربي ومناطق في مأرب وغيرها.فالإمارات التي كانت في ظاهر الأمر غير متحمسة للتحالف، نظراً لموقفها المناهض للإخوان المسلمين وحزب الإصلاح، اتضح أن قواتها كانت السّباقة لغزو مدينة عدن، ممّا كشف عن مطامعها بشأن الميناء الاستراتيجي، وقد دلت التقارير على أن حكومة أبو ظبي أسهمت في تعطيل نهوض ميناء عدن حتى لا يسحب البساط عن ميناء دبي العالمي. ووجود قواتها الغازية في عدن لا ينفصل عن الاستمرار في هذه المهمة. وإن كان لا بد من تطوير المدينة ومينائها فليكن في إطار استثمار إماراتي يعود بالربح الأكبر إلى خزائن أبو ظبي.
..قطر هي الأخرى تبحث عن مصالح اقتصادية في اليمن، لكن عبر إعادة حلفائها الى السلطة من الإخوان المسلمين الذين شكلوا رافعة الربيع العربي في المنطقة المسنود من قطر وتركيا، قبل أن يأتي التدخل السعودي الإماراتي في مصر ليضع حداً لمشروع أخونة السلطة.
أطماع
ولأن الأطماع الخفية قد تكشفت، فقد بات خلاف قوى العدوان على أشده، وانعكس على شكل صراعات وفوضى واغتيالات أمنية تشهدها عدن كل يوم تقريباً، الأمر الذي يحول دون عودة ما يسمى بالحكومة الشرعية إلى المدينة.
حضرموت حاضرة كذلك في الأطماع الخليجية، ومنذ تسليمها للقاعدة مع بداية العدوان، غدت على سكة مخطط التقسيم والانفصال، مع أحلام بضمها للسعودية أيضاً.
على المكشوف
ولأننا في زمن اللعب على المكشوف، فإن الدور الأمريكي في تشكيل ومساندة عاصفة الحزم، يأتي بهدف بناء قاعدة عسكرية في أرخبيل سقطرى. هذا ما كشفته مواقع إعلامية رصدت حركة بناء في الأرخبيل، وتوافد المئات من العمالة الآسيوية لبناء القاعدة البحرية الأمريكية مستغلين انشغال اليمن بمواجهة العدوان.
ويقول مراقبون إن أرخبيل “سقطرى” الذي يقع في نقطة التقاء المحيط الهندي مع بحر العرب، يمثل نقطة إستراتيجية بحرية شديدة الأهمية، جعلته في مرمى الأطماع الأمريكية، التي لا تتوانى في البحث عن موطئ قدم لها يساعدها على توسيع نفوذها في المنطقة براً أو بحراً.
وهكذا بات جلياً من خلال استعراض حال ومآل تحالف العدوان على اليمن أن الذرائع المشبوهة، والاسترزاق الرخيص الذي جمع دول تحالف الشر، كانت تخفي معها مطامعاً أمريكية وخليجية، جرى التسويق لها سياسياً قبل 21 سبتمبر 2014م من خلال مشروع الأقلمة سيئ الصيت، فلما فشل المخطط، وبات الجيش واللجان الشعبية حاضرين في غالبية مناطق اليمن لضبط الأمن وحماية وحدة البلاد، جاءت “عاصفة الحزم” لتقوم عبر العمل العسكري بما عجزت عنه الأدوات السياسية والاستخباراتية. ومع التطورات الأخيرة بات جلياً أكثر أن شماعة شرعية هادي لم تكن سوى غطاء لتنفيذ مؤامرة التجزئة والتقسيم بحق اليمن، التي لا يمكن فصلها عن المشروع “الصهيوأمريكي” ومخططاته بالمنطقة.
ويبقى القول: إن جرائم الحرب والإبادة التي ارتكبتها دول العدوان على اليمن لن تسقط بالتقادم، ولن ينفع معها أية دعاوى أو تبريرات كاذبة ومتهافتة، وستبقى وصمة عار في جبين آل سعود وحلفائهم ومرتزقتهم في الداخل وفي الخارج.موقنون بالنصر المبين الذي نراه قريبا بلا شك يلوح في الأفق.

قد يعجبك ايضا