البيان الرئاسي لمجلس الأمن بشأن اليمن .. خطوة للأمام خطوتان للخلف
أبو بكر عبدالله
سوى خطوة واحدة للأمام في الملف الإنساني أعادت الصيغة البريطانية المعدلة لبيان مجلس الامن الصادر الخميس بشأن اليمن ملف الأزمة اليمنية خطوتين للخلف بعدما ضمنت ضغوط الداعمين الدوليين للعدوان البيان الأممي تأكيدات باعتماد رؤية ودول العدوان للتسوية السياسية المتاحة المستندة على المرجعيات الثلاث بما فيها القرار الأممي 2216 سيئ الصيت، ناهيك بالاقرار بشرعية الحصار بذريعة تنفيذ القرارات الأممية المتعلقة بحظر توريد الاسلحة ومخاوف تهديدات ايران وأمن الملاحة الدولية.
هذه النتيجة كانت كافية للكشف عن اخفاق المجتمع الدولي مرة أخرى في تجاوز الجدار الصلب للاعبين الدوليين وفي المقدمة بريطانيا واميركا وفشل محاولاتها باختراق الصيغة الجامدة المطروحة للحل السياسي سوى بالعبارات عديمة الفائدة التي ارودها البيان بدعوته الاطراف إلى التخلي عن الشروط المسبقة والدخول بالمفاوضات التي ترعاها المنظمة الأممية بنيات حسنة.
لكن البيان الأممي افضح بالمقابل عن توافق دولي نسبي في الملف الانساني برز إلى الواجهة بإعلانه بلغة مبهمة رفض المجتمع الدولي استخدام دول العدوان سلاح الحصار والتجويع في حربهم على اليمن واشارته المفتوحة إلى المسؤولية القانونية وكفالة المحاسبة حيال جرائم الحرب والتداعيات الانسانية للحصار وفي الصدارة انتهاكات اقفال المنافذ البحرية والجوية امام المساعدات الانسانية.
ورغم اللغة الديبلوماسية الحذرة التي سيطرت على البيان وتجنبها الاشارة الصريحة إلى مسؤولية النظامين السعودي والاماراتي وداعميهم الدوليين في النتائج الكارثية للعدوان والحصار، إلا أنه مثل حالة متقدمة بين سلسلة البيانات والوثائق الأممية بشأن الأزمة اليمنية كما عكس التغير في الموقف الدولي حيال الأزمة اليمنية ومدى انحسار الدور الاميركي البريطاني الذي ظل لسنوات يستثمر المنبر الأممي لتسويق الذرائع ومنح دول العدوان الحصانة الدولية.
بدا ذلك واضحا بتجاوز البيان الخطوط الحمر حيال جرائم الحرب التي تطاول المدنيين بالغارات الجوية للعدوان وتعبيره لأول مرة عن الانزعاج البالغ حيالها وتشديده على كفالة المساءلة في الانتهاكات المرتكبة، فضلا عن دعوته دول العدوان إنها الطابع الجنوني للحصار بفتح الموانئ اليمنية بشكل كامل ودائم وضمان استمرارها في استقبال الواردات التجارية والانسانية.
قياسا بذلك بدا التأييد الدولي الواسع لرفع الحظر عن مطار صنعاء ضعيفا تماما أمام ضغوط اللوبي الاميركي البريطاني الذي نجح في تعديل فقرات في مشروع البيان كانت دعت إلى رفع الحظر عنه واعتماد صيغة بديلة دعت دول العدوان إلى “تحسين امكانية الوصول لمطار صنعاء لأغراض وصول شحنات الاغاثة الانسانية واجراءات سفر المدنيين.
لم يخل البيان الأممي من جوانب إيجابية عدة، فهو سلط الضوء لأول مرة على اكاذيب دول العدوان بشأن المساعدات الانسانية بتأكيده على احترام مبادئ الحياد والتجرد والنزاهة والاستقلالية وتقديمها دون تجيز أو اهداف سياسية، ناهيك بتحويله الاعلانات الدعائية لدول العدوان بشأن وديعة الملياري دولار واعادة تأهيل الموانئ والجسر الجوي للمساعدات إلى التزامات خاضعة للرقابة الدولية، فضلا عن وضعه دول العدوان وحكومة الفار هادي أمام التزامات في اولوية صرف مرتبات الموظفين بجميع انحاء اليمن ورفع اليد عن البنك المركزي اليمني بما يتيح له وضع وتنفيذ سياسة نقدية محايدة.
يضاف إلى ذلك تسليطه الضوء على أوراق الحرب الاقتصادية بتأكيد دعمه لآلية الأمم المتحدة للتحقيق ولتفتيش لتسيير النقل البحري التجاري لليمن ودعوته دول العدوان تقديم تقارير كتابية إلى لجنة الجزاءات، مواجهة أي اجراءات تعرقل أو تؤخر وصول شحنات السلع إلى الموانئ.
البيان الأممي لم يغفل أيضا الاشارة إلى مشاريع قوى تحالف العدوان السعودي الاماراتي في تمزيق اليمن والسيطرة على موارده بتأكيد التزامه القوي بوحدة اليمن وسيادته واستقلاله وسلامته الاقليمية.
اخيرا ينبغي الإشارة إلى أن ورود هذه القضايا في بيان رئاسي غير ملزم لا يقلل أهميتها فالمرجح أن تتلوها خطوات أكثر تقدما، كما أن خروجها اليوم على هذا النحو في ظل الهيمنة الاميركية البريطانية على الامم المتحدة مثل خطوة متقدمة في هذا المنبر الدولي الذي صار يدين جرائم دول العدوان بصوت مرتفع بعد ان ظل لسنوات يوجه لها رسائل الشكر.