خوف الغرب من حضارة الشرق
شايف ابوحاتم
من تحليلي البسيط للمخطط الأمريكي والغربي للمنطقة فقد لاحظت أن حضارتنا الإسلامية تهدد التطور الغربي الحديث، حيث أنه يتضح للقارئ اللغوي العربي الفرق ما بين معنى الحضارة ومعنى التطور، فأصبحت أجزم أن الأولى أقوى وأشمل من الثانية، واستنتجت ذلك من خلال ما يفكر به الغرب تجاه المسلمين، فهم دائما ما يفكرون بأن المسلمين قوم متحضرون ولا يمكن تطورهم! وإذا خلوا سبيلهم فسوف يفاجئون الكون بموجات بشرية تدمر عالمهم التطويري غير الحضاري، وبالتالي فإنهم يرون الحل الأنسب للتعامل معهم هو إعادة استعمارهم وتدمير ثقافتهم الدينية الأزلية التي هي أساسا منشأ حضارتهم وذلك خوفا من أن تصحو الحضارة الإسلامية وتجتاح أمريكا وأوروبا وتدمر ما قد تتطور فيها، وفي حال قيام أمريكا والغرب بهذا التفكير فإن عليها الرجوع للوراء لتستفيد من الحروب الصليبية التي بدورها جعلت الإسلام خاضعا لها وكان آخر حملاتها في زمن الحرب العالمية الأولى وسيطرتهم على القدس الشريف…لا أريد الخوض كثيرا في التاريخ ولكن ثمة أشياء ضرورية يجب أن تذكر.
يا هؤلاء! يجب أن نعي وندرك أن الخلافات المتواصلة بيننا وبين الأنظمة الغربية وأمريكا ليست خلافات بين شعوب، بل هي خلافات حضارية. فقد حاولوا طمس حضارتنا منذ القدم وبالذات في الحروب الصليبية الرهيبة إلا أنهم فشلوا وفشلت جيوشهم فعادوا يخططون من جديد لينهضوا ويعودوا إلينا بجيوش غير تقليدية حديثة، ولكن يا ترى ما هذا التخطيط؟ ولماذا كل هذا الإصرار في استمرارية شن الحروب بشتى أنواعها ثقافيا، اجتماعيا وعسكريا ضد عالمنا الإسلامي الحضاري؟ تعالوا لنسمع ماذا يقولون!
حاكم فرنسي في ذكرى مرور مائة سنة على استعمار الجزائر يقول:((لن تنتصر ثقافتنا وأعمالنا المتطورة على المسلمين ما داموا يقرأون القرآن ويتكلمون العربية، فيجب أن نزيل القرآن من وجودهم لأنه اساسا منشأ حضارتهم، بل ويجب أن نقتلع اللسان العربي من حلوقهم.)). أرأيت عزيزي القارى؟! وهذا آخر يقول:(( إذا أردتم تثبيت واستمرار ثقافتنا فيجب سحق الإسلام سحقا نهائياً)). واسمع ماذا يقول غلادستون رئيس وزراء بريطانيا سابقاً:(( ما دام هذا الكتاب الذي يدعى القرآن موجوداً في أيدي المسلمين منشأ حضارتهم فلن تستطيع أوربا السيطرة على الشرق.)). ويتابع هذا المجنون قائلا:((من الواجب إبادة خُمس المسلمين، والحكم على الباقين بالأشغال الشاقة، وهدم القبة الكعبة، ووضع قبر نبيهم في متحف اللوفر)).
أيها اليمانيون وكل شعوب المنطقة! هل ندع مهمتهم تتم على أكمل وجه كما يقولون؟ فأصغوا إذن إلى هذا الرجل صموئيل زويمر رئيس جمعيات التبشير في مؤتمر القدس للمبشرين المنعقد عام 1935 م حيت قال:((أيها المبشرون! إن مهمتكم تتم على أكمل وجه.. أحسنتم! فمهمة التبشير التي ندبتكم الدول المتطورة للقيام بها في البلاد الحضارية المحمدية هي ليست في إدخال المسلمين في المسيحية المتطورة فإن في هذا هداية وتكريما لهمً، بل مهمتكم تكمن في اخراج المسلم من الحضارة القرأنية تماما ليصبح مخلوقاً لا صلة له بالقرأن، لا صلة تربطه بالأخلاق التي تعتمد عليها الأمم في حياتها واستمرارية حضارتها، ولذلك تكونون بعملكم هذا طليعة الغزو الحديث، ونشكركم، لقد هيأتم غالبية العقول في الأقطار الإسلامية لقبول السير في الطريق الذي سعيتم له; أن لا يعرف الصلة بالله، ولا يريد أن يعرفها، أحسنتم! لقد أخرجتم المسلم من الإسلام، لا يهتم بعظائم الأمور، يحب الراحة، الكسل ويسعى للحصول على الشهوات بأي طريقة كانت حتى أصبحت الشهوات هدفه في الحياة، فهو إن تعلم فللحصول على الشهوات، وإذا جمع المال فهو من أجل الشهوات، إنه يجهد نفسه ويجود بكل شيء للوصول إلى اشباع نزواته.)).
عزيزي القارئ لا شك انك عرفت الآن الجواب للسؤال أعلاه.
قبل الاخير أود أن أقول لسيادتكم بأن هناك تخطيطا من نوع آخر وأقوى خطورة، فهم يعتقدون أنه من الواجب إعادة فدرلة الأقطار المسلمة إلى وحدات طائفية، دينية ودنيوية وتضييق الخناق على هذه الشعوب الحضارية ومحاصرتها، واستثمار التنازعات والاختلافات العرقية ولا داعي لمراعاة خواطرنا أو التأثر بانفعالاتنا وردود الأفعال عندنا والاعتذار لنا، بل يجب عندهم وفي حسبانهم خيار واحد لا ثاني له وهو إما أن يكون شعار أمريكا والغرب هو السائد أو تكون أمريكا والغرب تحت سيطرة الشرق، طبعا ولا مانع عندهم من إعادة احتلالنا بطريقة غير مباشرة بحجة التدريب على الحياة الديمقراطية وتفعيل مشروع لا أخلاقي انفتاحي إباحي وتنشيطه في استعمار وإفساد أخلاقنا ونسف معتقداتنا الإسلامية وتنويم حضارتنا الأزلية، ومن خلال هذا الغزو الجديد فمن السهل جدا أن تقوم الغرب بالضغط على أنظمتنا ليخلصوا شعوبنا ما قد تبقى فيها من دين وحضارة نائمة وفي النهاية لا تجد أمريكا إلا إعلان السيادة المطلقة.
ولكن هيهات هيهات! قد نسيتم أن تضعوا في حسبانكم أن النائم يستيقظ. لحسن حظنا كم تتعبون أنفسكم ويالسوء حظكم! لقد غربت شمسكم وبزغ فجرنا بأقوام يحملون مسيرة حضارية يشعون بنور يبيد ظلمكم ويكسر ضلالكم.
أقوام اختلطت الحضارة بدمائهم، امتزجت بنسيمهم ، أقوام لا يستجيبون لمشروعكم، يملكون تراثا روحيا خاصا بهم، يتمتعون بثقافة تاريخية ذات أصالة ، قد استيقضوا وها هم يصرخون بلسان واحد: ها أنذا، انني لم أمت والموت لكم، فلن أقبل بعد اليوم أن أكون أداة تسيرها أفكاركم.
سنقيم قواعد عالم فريد، ونعيد حضارتنا من جديد، وتتهيأ لنا الأسباب بإنتاج محلي نطاقه واسع، حينها ننطلق في العالم الجميل، ننشر هدى الله القدير وديننا السليم لترتوي منه جميع الأديان ويسلم ويهتدي كل الخلق في الغرب والشرق، فلا تخافوا ياغرب من حضارتنا! ففحوى سرها القرآن الكريم.