ما هو الهدف من أحداث عدن ومن المستفيد؟
زين العابدين عثمان
لم يعد من المنطق القول إن ما حصل في محافظة عدن من تطورات تصعيدية خلال الثلاثة الأيام المنصرمة هو حدث أتى على صعيد الإطاحة بحكومة بن دغر وليس أكثر ، فمع جمع كل التطورات التي شهدها الملف الجنوبي في عام 2017م من موجة خلافات وصراعات بين أدوات التحالف السعودي الإماراتي وإسقاطها على احداث عدن ،ستنبثق صورة تعكس أن كل هذه التطورات المتراكمة التي تأخذ مسارا تصاعدياً في حدة الصراع “ما هي إلا مخاض لولادة مشروع سعودي إماراتي مشترك ربما يعتبر هو خطة ما بعد تحرير الجنوب ممَّن أسموهم “بالحوثيين” ووفق المعطيات فإنه “ يتضمن تبادلاً للأدوار بين السعودية والإمارات في إدارة ملف الجنوب وأيضا تقسيم أراضي المناطق الجنوبية وفقا لما يتطابق مع مصالح القطبين وبما يعزز نفوذهما وقد لا يعزب أن يدفع بالجنوب نحو الانفصال عن الشمال” وهذا أمر أصبح مسلماً به تقريبا من المنظور العام.
لكن هناك أموراً وأبعاداً تحملها أحداث عدن من منظور خاص، وأود التعريج والدخول في تفاصيل تلك الأحداث بهدف الإيضاح فقط :
الإمارات وبعد أن تصدرت المشهد الجيوسياسي بالجنوب كانت تركز جل اهتماماتها حول كيفية فرض سيطرتها على المناطق الحيوية والاستراتيجية بعد دحر قوات هادي وحزب الإصلاح منها ، وقد نجحت في ذلك خلال عام 2017م حيث بسطت سيطرتها على أكثر المناطق حيوية وأهمية جغرافية كجزيرة سقطرى وباب المندب وميناء عدن إضافة إلى السيطرة على مناطق نفطية بمحافظة حضرموت وشبوة ، حيث أن هذا التوسع الاستراتيجي هو ما جعلها – أي الإمارات – متعطشة للتتمدد أكثر في مناطق إضافية حيث أن نزعتها التوسعية أوصلتها إلى أن تنازع قوات هادي بمحافظتي تعز ومارب واللتين شهدتا صراعا حادا بين حلفائها وبين قوات هادي وحزب الإصلاح أفضى إلى أن تكون الإمارات هي الآمر والناهي وصاحبة القرار في هاتين المحافظتين ، ومن هنا بدأت الإمارات تشق طريقها نحو التفرد بالقرار وتوجيه المشهد بالجنوب إلى ما يصب في مصالحها الذاتية وهو ما أثبتته الوقائع آنذاك.
لكن الأمر الأكثر أهمية هو أن الإمارات التي طالما اعتبرت الفصائل الدينية خطرا يهدد أمنها القومي ركزت أنظارها نحو حزب الإصلاح الاخواني وحاولت إيجاد طرق لتفكيكه وتمزيقه وقد لاحظنا التصريحات العدوانية التي أطلقها مسؤولون إماراتيون تجاه هذا الحزب تبعها قيام قوات إماراتية بإحراق مقرات ابرز قيادات الإصلاح بمحافظة عدن وسجن البعض منهم في سجون إماراتية خاصة. وقد اعتبر هذا الأمر سلوكا عدوانيا للإمارات لدى كثير من المراقبين حيث انه عكس التوجه الإماراتي الحثيث الذي يسعى لحل حزب الإصلاح وإسقاطه أرضا من المشهد الجيوسياسي بالجنوب وبالأخص من محافظة عدن كونها تحوي أهم ميناء حيوي له تأثير كبير في شبكة موانئ دبي العالمية.
لذا ومن هذا المنطق واصلت الإمارات إجراءاتها العدوانية تجاه حزب الإصلاح وصولا إلى أن دفعت بالمجلس الانتقالي الجنوبي الذي تشرف عليه لعقد اجتماع الأسبوع الفائت أفضى ببيان كان فيه حراك لإسقاط حكومة عبيد بن دغر اندلعت على إثره أحداث عدن التي تجري مواويلها إلى اليوم والتي سرعان ما اتضح خلال الثلاثة الأيام منها أنها تهدف بشكل أساسي لضرب حزب الإصلاح وإفراغ عدن من قواته وقد بدا هذا جلياً بعد الموقف الإماراتي المؤدلج الذي أتى على لسان وزير خارجيتها قرقاش “: بأن الإمارات موقفها هو دعم التحالف “ متجاهلا بشكل واضح ما يعرف بشرعية هادي والسبب هو احتواؤها لحزب الإصلاح.
بالأخير يمكن القول في نهاية المطاف بأن كل الأحداث التي جرت وتجري بعدن حاليا هي تأتي على أمرين لا ثالث لها، الأول على وقع تنفيذ الإمارات أهدافها الشخصية كالسيطرة على عدن وذلك من خلال دفعها بالمجلس الانتقالي الذي يتبعها بان يتصدر الوضع بعدن.
أما الأمر الثاني فهو يشمل الأول أيضا كونه يأتي على سياق مخطط سعودي – إماراتي مشترك الهدف منه هو تبادل للأدوار بين الرياض وابوظبي بتمكين الأخير من السيطرة على المناطق الجنوبية وإصلاح البيت الجنوبي بما يوافق مصالحهما بعد أن تقوم الإمارات بسحب البساط من تحت أقدام حزب الإصلاح وقوات هادي بشكل دراماتيكي وربما أن أحداث عدن هي كلمة السر لهذا المخطط التي ستدور حيثياته ربما في مناطق أخرى غير عدن.
والأيام القادمة كفيلة بأن تثبت ذلك.