شبح الجوع
سعاد الشامي
ركيزتان أساسيتان في استقرار الشعوب والنهوض بهما: الأمن النفسي والأمن الغذائي، والقرآن الكريم تطرق إلى هذا في سورة قريش بقوله “الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ” موضحا أن ما وصل إليه أهل قريش آنذاك من ازدهار بمجال تجارتهم والمتمثلة برحلة الشتاء والصيف كان من فضل الله عليهم بالأمن من الجوع والخوف.
وعندما تنفس اليمنيون عبق الحرية والكرامة وقرروا الخروج من حظيرة النظام السعودي والنهوض بالوطن بما يمتلك من مقومات متعددة فهو بلد الإيمان والحكمة ورجاله ذوو البأس الشديد وأرضه البلدة الطيبة وكل هذا يؤهله ليكون له دور هام ومكانة رفيعة ليس في شبه الجزيرة العربية وحسب وإنما في العالم بأكمله، ولن يبدأ نهوض اليمن إلا حيث ينتهي الاضطراب والخوف والجوع وتحل محلها دوافع التطلع إلى البناء وعوامل الإبداع والعطاء.
وهذا لا يتناسب اطلاقا مع الأطماع السعودية باليمن فزادت الأحقاد وشن هذا العدوان علينا والذي كان التركيز فيه منذ البداية على هذه الجوانب فلم تتوقف صواريخ العدو عن استهداف كل مكان كائناً ما كان بغرض بث الخوف والقلق في نفوس أبناء اليمن بحيث يكونون غير قادرين على المواجهة والصمود وينهارون أمام ترسانة أسلحتهم وينهار الوطن بخضوعهم، ولكن قوة الإيمان وبأس اليمنيين كانا أقوى منهم وخسروا الورقة العسكرية.
بقيت بيد الأعداء الورقة الاقتصادية والتي هي أبرز شدائد هذا العدوان وتفننوا في اللعب بها منذ بداية الحصار إلى نقل البنك المركزي إلى عدن إلى ما نشهده اليوم من انهيار العملة واستهداف الاقتصاد الذي أصبح على مشارف الهاوية وأصبح أبناء هذا الشعب على شفا حفرة من مجاعة كارثية قد يغرق بها الجميع ما لم تتبع المنهجية الصحيحة والتسلح المعرفي والقدر الكافي من الوعي الاقتصادي للوصول إلى الحلول المناسبة والخروج بها من هذا الوضع الكارثي وتجسيدها إلى مشاريع واقعية برؤية صحيحة يتحمل فيها الجميع المسؤولية الدينية والوطنية والإنسانية بلا تفريط ولا تقصير، الجميع بلا استثناء ليكونوا مؤهلين أيضا لإسقاط هذه الورقة الأخرى وتكون هذه هي الشدة التي يليها الفرج .
لنبدأ بتحمل تلك المسؤولية من عند أنفسنا بإصلاح قلوبنا بالطريقة التي تجعلها أهلا للطمأنينة وتجعلنا أهلا للفتح القريب والنفير العام والدفع والتحشيد والتجنيد للجبهات لننقذ أنفسنا من العذاب الأليم الذي توعد الله به الخوالف .