الأحمر من الورود والأحمر من الدماء والأشلاء
مطهر يحيى شرف الدين
أطفال العالم في عيد ميلاد المسيح يحتفلون بهذه المناسبة ويستقبلون الهدايا والابتسامات ويعيشون الأفراح, فيما أطفال اليمن يستقبلون الصواريخ والقنابل الملقاة على الأرض اليمنية التي تصم الآذان وتحرق الأخضر واليابس .
أطفال العالم يخرجون إلى الساحات والميادين للاحتفال برأس السنة الميلادية تعبيرا عن سعادتهم , ينتظرون ماذا سيهديهم “بابا نويل” رمز الحب والود والتراحم فيما أطفال اليمن يهربون مذعورين من “بن سلمان” ومنتظرين ماذا سيهديهم وبماذا سيخيفهم ويرعبهم وما هي أحدث صواريخه وأسلحته الفتاكة التي تقتل الأبرياء وتدمر المساكن والأحياء. أطفال العالم يذهبون ويرجعون ويلعبون ويضحكون فيما أطفال اليمن يبكون ويحزنون ويذهبون وقد لا يرجعون ويشاركون أسرهم الهم والعناء ويبحثون عمن سيدخل الفرحة في قلوبهم والبسمة إلى محياهم.
أطفال العالم في كل يوم يأكلون ويشربون بلا معاناة وبلا بذل مجهود في سبيل توفير أسباب الحياة ولقمة العيش فيما أطفال اليمن يتناولون وجبة الافطار ولا يعرفون متى ومن أين ستأتي وجبتهم التالية.
أطفال العالم في ذكرى عيد الميلاد يشاهدون الأحمر من الزهور والورود وأشكال الزينة المعبرة وأطفال اليمن يشاهدون الأحمر من الأشلاء ومن الدماء البريئة التي تسفك صباحا ومساء .
أطفال العالم يتنسمون الهواء النقي كل صباح وينعمون بنسيم هادئ وجميل وأطفالنا يشتمون البارود ومخلفات وعوادم الأسلحة والقنابل السامة و يسمعون ضجيج وعويل الطائرات الأمريكية والبريطانية المتوحشة التي لا تفرق بين هدف عسكري وبين هدف مدني .
أطفال العالم يطمحون ويأملون في حياة مليئة بالتطوير والتحديث في شتى المجالات وأطفالنا ويأملون في وقف الحرب والعدوان ويتطلعون إلى السلام والوئام ويحلمون بقضاء أوقات هادئة جميلة مع أسرهم ويعانون شظف العيش ويكابدون ويصارعون من أجل العطاء والبقاء عدوانا حرمهم ومنعهم حق الحياة الكريمة وحق الرعاية الصحية وحق التعليم . أطفالنا يسمعون دائما عن منظمات دولية وحقوقية وإنسانية في وسائل الإعلام فقط ولا يرون لها أي أثر في الواقع المعاش ويسمعون عن “أمم متحدة” ولا يرون الا أمما منحطة تخلت عن حقوق الانسان وآثرت حروق الإنسان ونقود الشيطان في زمن أصبح المال فوق كل اعتبار وأصبح سيدا للمواقف الدولية .
أطفالنا يسمعون عن “مجلس الأمن” في زمن انعدم فيه الأمن الدولي وماتت فيه الضمائر واختفت فيه الإنسانية وانعدمت فيه المبادئ والقيم والمثل .
أطفال العالم يعايشون الهدوء وصفاء الأجواء النفسية المحيطة بهم ويدركون أيضا الاكتفاء والرخاء وانعدام الإحساس بالمعاناة بينما أطفالنا يسمعون مفردات وعبارات المواجهة والحرب والعدوان والضحايا والشهداء والقتلى والجرحى والتدمير والحصار والمجاعة ويدركون ويعايشون أصوات أزيز الطائرات ودوي القنابل على التراب اليمني الطاهر ويستلهمون البأس الشديد والقوة والشجاعة من هبات الجيش واللجان الشعبية إلى ميادين المواجهة مع أحقر وأذل مخلوقات الله ، أولئك الأبطال من أفراد الجيش واللجان الشعبية الذين يذودون عن حياض هذا الوطن ويحمون الأرض والعرض من عدو متربص محتل ، كما يسمع أطفالنا الزامل الجهادي الشعبي الذي يزيدهم صمودا وشموخا وثقة ويرعب الأعداء ويهزم نفسياتهم ، ويشاهدون ويرددون هتاف “الله أكبر.. الموت لأمريكا.. الموت لإسرائيل.. اللعنة على اليهود.. النصر للإسلام” هذا الشعار الذي زادهم بأسا وقوة أرعبت جبابرة الأرض وطغاتها وهزمهم شر هزيمة ونكل بهم أشد تنكيل .
أجيالنا القادمة نشأت على هذه المواقف وعلى هذه الثوابت وعلى هذه الاعتبارات التي لا يمكن أن تمحى أو تزال أو تتأثر سلبا بأدنى مجاملة أو مداهنة بل على العكس من ذلك تماما ، ستزيدهم تلك الثوابت والمبادئ قوة وصمودا وثباتا على قول الحق ومواجهة العدو والوقوف في وجه الظلم والطغيان والاستكبار حتى يتحقق النصر المبين ..