رسول اللّه وداعش (كشعار)
أشواق مهدي دومان
من كان يعبد محمّداً فإنّ محمّداً قد مات، ومن كان يعبد اللّه فإنّ اللّه حيّ لم يمت،،
هذه المقولة التي إن صحّ قولها من صحابيّ فهو أول من حكم على رسول الله (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) بالموت الفكري، العقلي، السّلوكي، أمّا موت الجسد فكائن في كل مخلوق في الكون خلقه اللّه بروح ترفرف بين حناياه، ولا خلاف في تحوّل الجسد إلى جثمان، ولهذا فإنّ تلك المقولة خطيرة جدا، فهي تخاطب جمهورا فصيحا، بليغا، مبينا، يعرف مكامن المعاني، ويحلّل لغويا وفلسفيّا ما يُخاطب به،،
فكيف تقول: محمّد مات؟؟!!
وهذا ما روّجت له الوهابيّة في بطون كتبها وصدّرته مناهج تعليميّة لشعوب ترضخ لبني سعود ؛ لرضوخ حكامها لهم..
ففي تلك المناهج التي قدّموها، وجمّلوها لطلّاب العلم بأنّ ذاك الصّحابي قالها ليسرّي، ويسلّي على من بكى رسول اللّه حال توفّاه اللّه، في حين يقال: إنّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) استشهد تأثرا بالسّمّ الذي وضعته له اليهودية في ذراع الشّاة، وهنا فهو حي بقوله (تعالى): “ولاتحسبنّ الذين قُتِلوا في سبيل الله أمواتا، بل أحياء عند ربّهم يرزقون “ .
ومع ذلك لنفترض موته دون شهادة، أي: حتى لو توفّاه اللّه بغير السّمّ، فهو لم يمُت روحا، وعقلا، وتعاليم، وسلوكا قيما، وشاهدا، ومبشّرا، ونذيرا، ورحمة للعالمين!!
وكأنّ تلك المقولة: “ محمّد قد مات “ تنهي وتفصل الأمر بأنّ محمّدا قد راح زمنه، وطويت صفحته!!
وهذا يخالف واقعنا (كأمّة محمّد)، عقائديا، وفكريا ؛ فنحن نعلم، ونؤمن بأنّ اللّه (تعالى) لم يصطفِ محمّدا نبيّا ورسولا ليقوم في النّاس بالحق والعدل ٢٣ عاما ثم يرحل، منهياً برحيله فصول حياته، وأنموذج حكمه، وعلمه، وحنكته، وشجاعته، وقرآنه الخالد إلى يوم الدّين محفوظا بأمر اللّه القائل: “ إنّا نحن نزّلنا الذّكر، وإنّا له لحافظون “، ومادام قرآن محمّد بن عبداللّه يسري إلى يوم القيامة، فكيف نحكم على صاحبه بالموت؟؟!!
نعم: كيف مات محمّد ولا زالت روحه فينا، ولا زال قرآنه يعلّمنا، ويربينا، ويوجهنا، ويهدينا؟؟!!
أليست تلك المقولة في عمق معناها العقائدي تلغي محمّدا وكأنّها تقول: عهد محمّد انتهى، وزمانه، ومكانه، فلا تبكوه، ولا تحزنوه، ولا تشتاقوا إليه؟؟!!
بما يمهّدونه للمخاطب في فهم مغزاهم الذي أرادوا أن يصارحوا به أمّة محمّد التي افتقدته بينهم بروحه وجسده،، فكانت مقولتهم: محمّد قد مات،، تخاطب النّاس فتقول لهم: نحن خلفاؤه، ونحن من سيتولّى أمركم بعده ؛ فمحمّد قد انتهى!!
تلك المقولة التي صدّقها يهود عصرنا، وباركوها حين زادوا عليها بقولهم: “ محمّد مات، وخلّف بنات “، بجملة تستهزئ، وتتهكم بسيّدنا محمّد (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) فقد خلّف محمّد رجال ضعفوا، واستكانوا، وعجزوا عن استرداد مسرى نبيهم من اليهود الصهاينة ؛ فلا شكّ أنّهم كالبنات،، والبنات هنا رمز للرّقة والعجز، واللا قوة، ليكون الرّبط بين تلك العقيدة المبغضة لمحمّد والمتيقّنة بموته الحقيقي، فلم يتبقَ منه – لدى اليهود – في أمّته سوى اسم خالٍ من روحه.
وهذا يخالف القرآن الذي هو معجزة محمّد، وحياة محمّد، ومنهجيّة محمّد، وروح محمّد التي لم ولن تموت حتى يرث اللّه الأرض وما ومن عليها…
ولتقريب فكرة ارتباط اليهوديّة بالوهابيّة التّكفيريّة هي المولود الذي استولده اليهود من الفكر الوهابي نتيجة تزاوج وتلاقح بين الصهيونيّة العنصريّة التي احتكرت الرسالة السّماويّة لها فجعلت من محمّد وأمّته هدفها التي تحقد عليه، وتعمل على محوه من على الوجود اسما ومعنى،، كما تحتكر الوهابيّة الإسلام لها،، فخلّف تلاقحهم الفكري والعقائدي تلك المواليد المستهجنة، المشوّهة، الغريبة، الدخيلة، المتمثلة في بنات الوهّابية والتي من أبرز أسمائها:
القاعدة، النّصرة، ولعلّ أشهرها داعش،،
فلنقف على ذلك الرّباط الوثيق، ونستعرض بعضاً من ملامح توائم متشابهة من خلال داعش و شعارها الذي آمن بأنّ هناك اللّه، ولا إله إلّا هو، وهذا ترجمان لمرجعية الوهابييّن، وهي تلك المقولة التي أماتت – فقط -محمّدا، بقولها: محمّد قد مات، وأمّا اللّه فهو الحيّ، الموجود في جميع العقائد حتّى الوثنيّة والصنميّة الجاهليّة فقد عبدوا أصنامهم وأوثانهم ليس إلاّ تقرّبا إلى اللّه، ولم يعبدوها لذاتها، بدليل قوله(تعالى) على لسان أولئك الكفّار: “ ما نعبدهم إلّا ليقربونا إلى اللّه زلفى“.
إذن: الكلّ يؤمن بأنّه لا إله إلاّ اللّه فهو الحيّ ولهذا وضعت داعش الصهيونية الإسرائيلية الوهابية التكفيرية كلمة التّوحيد (في شعارها الأسود)، وضعت “ لا إله إلّا اللّه “ في لون أبيض منفتح انفتاح عقيدتهم بأنّه الموجود الحيّ الذي لن يموت،، ولكنّ مشكلتهم مع محمّد، ولنلاحظ شعار داعش حين وضعت (محمّد رسول الله) داخل دائرة سوداء مغلقة، ومنغلقة،لا تنفكّ تخرج منها، وهذه هي عقيدتهم الحقيقيّة التي أرادوا توجيهها للعالم تجاه محمّد من خلال استخدامهم في شعارهم الّداعشي للّونين الأبيض والأسود، فاللّه في اللون والرّقعة الوسيعة البيضاء، وأمّا محمّد الذي سحب البساط من تحت أقدامهم فقد خنقوه، وأحاطوه بالسّواد المظلم، ذلك اللون الذي يتماهى مع الحزن فقد بكته أمته، فقد مات وانتهى، وعاد الظلام لأمّته المحمّدية من جديد في فكر اليهود والأعراب الصهاينة بعد أن كان محمّدا هو نور، ورحمة للنّاس يخرجهم من الظلمات إلى النّور، الذي نحرته وسحلته وأحرقته وذبحته داعش الوهابيّة الأعرابيّة الإسرائيليّة ؛ فداعش تضرب الرّقاب كما ضربها الجاهليّون لخيل سبقت خيلا أخرى، ولمرعى اجترأت، وبسطت عليه القبيلة الأقوى، وهكذا تمدّد داعش في كل المناطق التي بسطوا نفوذهم عليها بالقهر، والكبت، والقتل، والنّحر، والسّحل،،
والجاهليّة تجعل المرأة إرثا يتزوجها (حتّى غصباً عنها) أخو زوجها بعد موت زوجها، وداعش تفرض زواج المرأة (غصبا) بصديق زوجها فإن مات، فصديقه الثّاني، فالثّالث وهكذا،،
وفي مقارنات كثيرة لفعال داعش تتوجه بوصلة التّشابه بينها وبين الجاهلية الأعرابيّة ؛ فالجاهلية باعت و اشترت وتاجرت بالنّساء، والسّبايا، وداعش أقامت للنّساء والسّبايا مزادا علنيّا وسوقا سوداء بلون شعار داعش التي غيّبت محمّدا محرّر العقول من العبودية لغير اللّه، المترفق بالنّساء، المستوصي بهنّ خيرا، الآمر بصونهنّ عفيفات، طاهرات، كريمات، عزيزات، في غير بذل، وإهداء، تهادي، ومتاجرة بهنّ،،،
محمّد المؤاخي بين الأوس والخزرج، والمهاجرين والأنصار،،
محمّد القامع الفتن، النّازع لفتيل الحروب،،
محمّد الذي لا يعتدي على الجار والغريب،،
محمّد المتسامح، اللين، اللا فظّ، اللا غليظ القلب، الرّحيم، الشّفيق، الرؤوف، الصّادق، القوي، الأمين..
ومن هنا وعبر هذه المقاربة بين الجاهلية الأولى وجاهليّة اليوم، وبين يهود البارحة ويهود اليوم ثمّة خيط رفيع يلمحه المستبصر تكمن طلاسمه في مقولات كانت كرموز، وشفرات، وتلميحات للخروج، والانسلاخ عن محمّد،،
نعم: كانت مقولاتهم مفاتيح، ومؤشرات،وأذان، ومبرّرات تسهّل وتمهّد لنسيان محمّد..
وتدعو لكل انتهاك و شرّ أعاد المسلمين وأمة محمّد إلى ما قبل أربعة عشر قرنا، في داخل دائرة سوداء مغلقة وضعت محمّدا وأمّته فيها،،ونادت بدولة الخلافة في العراق والشّام لتحلّ الفوضى وتتمدّد في كلّ بقعة في الأرض بداية من الجزيرة العربيّة،وكلّه لعيون إسرائيل التي سيعلن ترامب القدس عاصمة لها يوم الأربعاء المقبل، وقد تمّ التّطبيع والتطبّع مع ذلك الكيان القاتل لمحمّد في اليمن والشّام وبورما والعراق وأفغانستان وليبيا وسيأتي الدّور على كلّ من صدّق بأنّ محمّدا قد مات،،
فيا أعراب، ويا إسرائيل وياعملاء أمريكا ما أنتم إلّا بقايا قينقاع، وخيبر وقريضة،، وأمّا نحن فأنصار محمّد الذي إن كان قد مات لديكم، وفي عقيدتكم، فمحمّد لدينا وعندنا وفينا لم يمُت،ولن يموت، وقرآنه يجري فينا مجرى الدّم في الشّرايين،،
نعم: سيحيا محمّد فينا ومعنا،وسيحيا عنفوان محمّد ليطردكم من المسجد الحرام والمسجد الأقصى الذي بارك اللّه حوله ومن حوله اليمن والشّام،،
سيحيا محمّد فينا وهو من قال:
اللهمّ بارك لنا في يمننا وشامنا،، فهاهي رايات النّصر خفّاقة في سوريا ولبنان والعراق واليمن،،
سيحيا محمّد فينا،،
سيحيا محمّد نصرا وتمكينا ومجدا وخلودا..
وإنّما:
الموت لكم أنتم..
واللّه أكبر
الموت لأمريكا
الموت لإسرائيل
اللعنة على اليهود
النّصر للإسلام.