يمن الظهور.. وشام الغلبة
م/ امين عبدالوهاب الجنيد
أنصار الله هم الظاهرون – وحزب الله هم الغالبون . فما يحدث في اليمن والشام ليست بأحداث عابرة .لا تثير حفيظة العالم بل لها دلالات وأبعاد كونية تترجم عمق السنن والآيات القرآنية وخلاصتها ففيها من العبر والحقائق ما يكفي لهداية العالمين .
وانطلاقا من التوجيهات الإلهية بالتدبر والنظر بعين على القرآن وعين على الأحداث سندرك أن وراء كل حدث حقيقة وان كل حدث له تبعات كفيلة بشد الانتباه لإيقاظ العالم من سباته أو تذكيره بمسؤولياته. فالأقدار الإلهية كفيلة بأن تلهم من يريد المعرفة إلا من اعرض. فآيات الله ناصعة ومليئة بالحقائق .
وعندما نسقط النصوص القرآنية على الواقع سنجدها تبين لنا مسارات الأحداث ولإثبات ما اشرنا إليه أعلاه بيَّن الله تعالى لنا في سورة الصف تفاصيل تحقيق ذلك. حيث بدأت السورة بالتسبيح لله على أن تقتضي آلية التسبيح منهجية وسلوكاً واعمالاً ميدانية ستحقق الغاية المرجوة لإظهار دين الله ليتحقق التنزيه لله فما يريده الله في هذا الكون هو التجسيد العملي لتلك الحقيقة فأرشدنا إلى: القتال ضمن صف واحد – لإظهار دينه عبر الاستثمار في الحقل التجاري بشرط الإيمان بالله ورسوله والجهاد بالمال والنفس -مقابل ضمان المغفرة والشهادة والفوز العظيم – يرافق ذلك الصبر -ثم الوعد بالفتح والنصر القريب على أساس ان يكون الصف تحت مسمى( كونوا أنصار لله ) طبقا لأمر الله في سياق تسلسل الآيات .أي أمر إلهي وليس نتاج هوى أو رغبة أو ميول لملك أو لحزب أو لنظام أو غيره .بل بطلب من الله (كونوا أنصار الله) ولن يتحقق ذلك إلا بأن تكونوا أنصارا له .
وبالتالي بيّن لنا الله الآلية ورسم لنا خطوات ومراحل الإظهار ومتطلباتها والتضحيات المصاحبة لها مع الجزاء الأوفر الذي ينتظرهم مقابل ذلك إلى أن تم تحديد حتى المسمى للحاملين لهذا المشروع كما سماهم ( أنصار الله ) واصفا لحالهم وتجارتهم وتضحياتهم وجزائهم وفوزهم العظيم إلى أن اختتم هذه الخطوات والمراحل ببيان مضمون النتيجة كاستحقاق نالوه نظير إنجاز المهمة (فأيدنا الذين آمنوا على عدوهم فأصبحوا” ظاهرين “) أي الظهور الحقيقي للمشروع الإلهي . وبالتالي ما يحصل في اليمن رضي من رضي وأبى من أبى ما هو إلا ترجمة واقعية لذلك .
فمن يعي ويدرك آيات سورة الصف ويربطها ببعضها سيدرك أنها توجيهات لتنفيذ خطوات عملية كفيلة بإظهار دين الله حتى يصبح ظاهراً على كل الأديان كما أراد الله
وبالتالي سترخص الأنفس والأموال أمام ذلك فلا توجد طريق أخرى لإظهار الدين إلا بهذه الكيفية ولن تحصل الخيرية للامة والنجاح والفوز والفتح والظهور إلا بالجهاد . وفعلا أصبح الجهاد هو روح وجوهر المسيرة القرآنية .كمشروع إعداد بقدر المستطاع بطابع دفاعي .طبعا جهاد لا عدوان فيه ولا ذبح ولا انتقام ولا تفجير .بل دفاع وإحسان برحمة ومسؤولية .
وبالتالي ما يحدث في اليمن والشام حقائق قرآنية لايجوز إغفالها..فالظهور لدين الله وللحقيقة المحمدية في اليمن يحكيها لنا الواقع والأحداث وما يعزز ذلك أن من يقف في اليمن والشام كعدو فعلي هم اليهود من بنى إسرائيل ..فمدلولات ذلك ذكر بني إسرائيل حين قال تعالى (فآمنت طائفة وكفرت طائفة من بني إسرائيل) والواقع يقول لنا ذلك والله هو الذي فضح لنا الأعداء طوال مسيرة التاريخ .(والله اعلم بأعدائكم ) فهم العدو اللدود حتى قيام الساعة..أما الأعراب من السعوديين والإماراتيين وأدواتهم كلهم أحذية ينتعلها بنو إسرائيل ..فاليهود أهل كتاب يدركون حقيقة إظهار دين الله وماذا يعني لهم ذلك، لذا يحاولون إطفاء نوره بكل الوسائل منذ أن زاغوا، ازاغ الله قلوبهم، فهم أعداء وقتلة الأنبياء والصالحين في كل العصور .
ومن شواهد الظهور أن معركة اليمن كشفت وأسدلت الستار عن الكثير من الحقائق التي افتضح أدعياء الإنسانية والحرية فيها وعرف العالم قبحهم بتبنيهم داعش ابنة المشروع الصهيوامريكي والمناهج السعودية. أما المجاهد اليمني فقد أظهر في هذه المعركة القيم الدينية والأخلاقية والفطرة والإنسانية وجسدها فعلا وقولا .
لذا حظي مقاتلو أنصار الله منذ بداية تحركهم بتأيد الله وتبديد كيد وهزيمة أعدائهم فتجسدت حالة الرعاية الإلهية والتمكين لهم من لا شيء وتنامت مظاهر الحق كما انزلها الله على أيديهم بأبسط واقل الإمكانيات . وما على العالمين إلا النظر والتدبر والانتظار وألا يقحموا أنفسهم بمواجهتهم قبل التبيِّن.
* أما ما يحدث في الشام فهي مصاديق لكلام الله تعالى كما أوضح لنا في سورة المائدة (ألا ان حزب الله هم الغالبون )…
أتمنى من الجميع أن يعمل ربطاً لهذه الآية مع السبع الآيات التي تسبقها ليدرك ..كيف تجمع الباطل من يهود ونصارى ومن والاهم ومن سارع فيهم ودخل دائراتهم ليقوموا بحربهم المسعورة ضدهم من كل أصقاع الأرض .فخرج حزب الله شامخا منتصرا . واندحر الأعداء مغلوبين بقهر وخزي يملأ قلوب داعميهم . استبدل الله بهم الأمة العربية ليقفوا في مواجهة إسرائيل، فمواصفاتهم تقرأها في عيونهم وأعمالهم وقلوبهم (يحبون الله ورسوله ويحبهم الله ورسوله أعزة على الكافرين أذلة على المؤمنين .لا يخافون لومة لائم )، اتخذوا الله ورسوله والإمام علي عليهما السلام أولياء وأعلاماً وأعلنوا الولاية المطلقة فكانوا كما أراد الله، “حزب الله” فجسدوا الاسم والصفة واقعا ملموسا بكل مواصفاته على الواقع .فجمع الباطل كل قواته وامكانيانه وحشد كل مرتزقته في معركة ليس لها مثيل من أعداء ومبغضين وأشرار ومنافقين جمعهم الحقد على الامام علي عليه السلام وأتباعه وأحفاده وأنصاره، فكانوا فعلا هم الغالبون ..وأكد الله لنا ذلك بالغلبة دليل حدوث معركة وقتال وصراع وفي النهاية النصر والتأييد لأوليائه(فإن حزب الله هم الغالبون ).