كتب / رئيس التحرير
بين أهداف مجازفة سعودية أخيرة لمعركة كسر الإرادات ومخطط لصرف الانتباه عن تسويات اضطرارية في ملف الأزمة اليمنية فرضت معطياتها التداعيات المتسارعة للازمة السياسية في الداخل السعودي، جاء البيان التصعيدي الذي أعلن فيه تحالف العدوان الهمجي أمس قراره إقفال المنافذ المؤدية إلى اليمن في خطوة أخفى نظام آل سعود أهدافها الحقيقة متصدرا ذرائع منع تدفق السلاح الإيراني إلى اليمن بعد الضربة الباليستية اليمنية التي تعدى اختراقها الدفاعات الأرضية والأنظمة التجسسية للعدو إلى اختراق حواجز التعميم الباهظة التكاليف.
كان مفاجئا لكثيرين صدور البيان المرتبك لتحالف العدوان السعودي أمس بقراره “إغلاق المنافذ البرية والبحرية والجوية المؤدية إلى اليمن ” بذريعة “منع تدفق الأسلحة الإيرانية ” والسماح فقط بدخول المساعدات الإنسانية” والذي جاء في صيغة حملت إشارات متضاربة عن تصعيد خطير للحصار البري والبحري والجوي الذي يفرضه العدو على اليمن منذ نحو عامين ونصف من جهة ومن جهة ثانية ما حمله من إشارات عن تحركات عسكرية وأمنية لنظام بن سلمان ترجح خوضه مواجهات عنيفة من الأطراف السعوديين المعارضين لإجراءات تنصيبه ملكا.
القرار الذي تحدث عن إقفال للمنافذ اليمنية التي تنحصر أكثرها في خط الحدود السعودية اليمنية والحدود مع سلطنة عُمان كشف أيضا مخاوف بن سلمان من تداعيات تهدد مستقبله السياسي ومساعيه لإقفال الطريق كليا أمام أي تحركات سعودية داخلية يمكن أن يقودها معارضوه من أمراء العائلة الحاكمة ومراكز النفوذ السياسي والاقتصادي والتي خرجت بعض تفاصيلها إلى العلن مؤخرا بتقارير كشفت عن إجراءات عسكرية وأمنية لمواجهة إجراءات الاعتقال والتوقيف والمصادرة والمنع من السفر التي اتخذها بن سلمان في إطار ترتيبات تنصيبه على العرش خلفا لأبيه.
لم يخف بيان تحالف العدوان الأهداف السعودية لهذه الخطوة خصوصا وأنه تزامن مع اضطرابات سياسية داخلية عاصفة أخذت تداعياتها بالتوسع غداة جريمة الاغتيال الجماعي التي استهدفت نائب أمير عسير ومرافقيه في حادثة إسقاط المروحية وهي الحادثة التي تلت المؤامرة الكبيرة لبن سلمان في اعتقال 11 أميرا والعشرات من الوزراء السعوديين السابقين واللاحقين بذرائع مكافحة الفساد التي وضعت ولي العهد الانقلابي محمد بن سلمان أمام تحديات سياسية كبيرة وخطيرة للغاية.
ورغم ما أبدته بعض الدوائر السياسية اليمنية من مخاوف حيال الخطوة التصعيدية لتحالف العدوان السعودي إلا أن البعض قلل من شأنها كثيرا خصوصا وأن إجراءات إقفال دولة معادية لمنافذ دولة مجاورة ذات سيادة لم يكن يوما قرارا متاحا للأنظمة لاتخاذه في ظل التشريعات والقوانين الدولية التي تخول فقط الأمم المتحدة ومجلس الأمن باتخاذها في حالات محدودة ينظمها ميثاق الأمم المتحدة، ناهيك عن أن الخطوة الجديدة للعدوان لم تقدم جديدا في ظل الحصار البري والبحري والجوي الذي يفرضه تحالف العدوان الهمجي على اليمن مستندا على الصياغة المبهمة التي اكتنفت قرارات مجلس الأمن ذات الصلة بشأن اليمن ولا سيما القرار 2216.
وفي حين حاول البيان السعودي المرتعش خلط الأوراق بربط حيثيات قراره بمخاوف الصواريخ الإيرانية التي يزعم تهريبها إلى اليمن إلا أنه فشل في ذلك تماما، بعدما افصح عن محاولاته التماهي مع تصريحات كان أطلقها الرئيس الأميركي دونالد ترامب ادعى فيها ان الصواريخ التي يطلقها الجيش اليمني ولجانه الشعبية إلى عمق أراضي العدو السعودي إيرانية.
ورغم ان ترامب اكتفى بإطلاق الضوء الأخضر لحلفائه الخليجيين نائيا بنفسه عن اي مجازفات سياسية وعسكرية، بدا النظام السعودي أكثر استعدادا لهذه الخطوة كونها وفرت له أرضية ذرائع لإجراءات عسكرية وأمنية يخطط لاتخاذها لمنع أي حراك سياسي مسلح مناهض لنظامه ولا سيما في مناطق الحد الجنوبي .
ومن جانب آخر وجد بن سلمان أن هذه الخطوة هي الوسيلة الأمثل التي ستتيح له مساحة هادئة لاتخاذ إجراءات قمعية عسكرية وأمنية تمنع تسلل السعوديين الهاربين إلى اليمن من آلة القمع الوحشية التي أبداها نظامه مؤخرا كما ستقطع الطريق أمام المعارضة المسلحة والتي تحدثت عنها تقارير مراكز دراسات أمريكية حذرت بن سلمان من إمكان مواجهته معارضة مسلحة وخصوصا في مناطق الحد الجنوبي قد تصل إلى حصول الجيش اليمني واللجان الشعبية على دعم مالي ولوجيستي من أطراف سعودية تعارض نظام بن سلمان وتسعى لعرقلة إجراءات تنصيبه ملكا.
يصعب إغفال أن يكون بين أهداف الخطوة السعودية الأخيرة مساع لتمهيد الطريق لتسويات سياسية في الملف اليمني تتماشى مع توجهات أطراف دولية مؤيدة للحل السياسي، وهو معطى مرجح خصوصا وأنه سيتيح للطاغية السعودي الصغير حال استقرار سياسي وامني مؤقت بعد الإخفاقات السياسية والعسكرية التي سجلها نظامه في الآونة الأخيرة.
ومع ذلك فإن تداعيات هذا الملف ترجح بالمقابل مضي المساعي الأمريكية المحمومة قدما في إشعال المزيد من الصراعات لمعركة كسر الإرادات ولا سيما بعد نجاح حزب الله اللبناني بالتصدي للعدو الإسرائيلي وإجهاض مؤامرات محور الشر الأمريكي الخليجي والحفاظ على وحدة وسيادة لبنان بالتزامن مع نجاح اللجان الثورية ومن بعدها المجلس السياسي الأعلى وحكومة الإنقاذ الوطني والبرلمان في اليمن بإجهاض مخططات الصراع الداخلي والحفاظ على تماسك الدولة اليمنية ومؤسساتها ومواجهة التصعيد العسكري والحرب الاقتصادية بكفاءة عالية.
Prev Post