مملكة الارهاب – 42
عبدالله الاحمدي
في اوائل الثمانينيات من القرن الماضي، كانت فوزية البكر اول امرأة تكتب للصحف باسمها الحقيقي. كان لها صفحة في صحيفة الرياض، وهي ايضا تعمل معيدة في جامعة الرياض. كانت ترسل مقالاتها الى المحرر، لم تكن تحضر الى الصحيفة لعدم وجود مكتب للنساء، ومن غير المألوف وجود نساء في أي تجمع رجالي.
في احدى صباحات يونيو 1982 م استدعيت الى مكتب الادارة في الجامعة، كان هناك رجلان، وامرأة في انتظارها. اخذوها الى بيت الاسرة، وبعد تفتيش غرفتها في منزل والدها اخذوها الى مباحث الرياض، وهناك نادوا عليها كسجينة، حتى كادت تسقط ارضا من هول الفجيعة. سلموها بطانية ولحافاً قذراً، اكتشفت انها لم تكن لوحدها، بل كان هناك معتقلات اخريات.
وضعوها في غرفة انفرادية، كغيرها من المعتقلات.
تقول ان التحقيق كان يتم معها قبل الفجر. وهذا اسلوب مخابراتي حقير، يترك المعتقل يعيش طوال الليل على اعصابه. كانت المعتقلات كثيرات، احداهن فنانة تشكيلية شيعية، حاولت احداهن الانتحار، فمنعوا عنهن المرايا. وبعد ثلاثة اشهر اتصلوا بأهلها ليتسلموها. اشراك العائلات في المتاعب السياسية متبعة لدى المخابرات السعودية.
عندما انتخبت مها فتيحي على رأس جمعية خيرية نسوية في جدة، ارادت تنظيم فعالية نسوية ( محاضرة ) فمنعتها وزارة الشؤون الاجتماعية (كل موظفيها من الرجال ) وقالوا لها ان الاسلام سيحل قضايا المرأة، ولا داعي لتدخلها في هذه الموضوعات، ثم وصلتها رسالة رسمية بمنع اقامة أي نشاط، وظلت الجمعية مقيدة، ويقتصر نشاطها على السولفة وشرب الشاي.
هتون الفاسي طالبة وناشطة من الرياض، وجدت صعوبة في اقامة حفل تخرج لزميلاتها من الجامعة، وعندما اصرت على اقامة هذا الاحتفال في صالة الجامعة المغلقة، وجدت رجال الهيئة ( الشرطة الدينية ) يطرقون ابواب الصالة، ويطلبون ايقاف صوت الموسيقى، وظلوا يرابطون على ابواب الصالة ويتلصصون على المدعوات، ولم يكتفوا بذلك، بل امتدت اياديهم الى مفاتيح الكهرباء، فأطفوا الانوار على المحتفلات، فساد الظلام، وتصاعدت الاصوات المستغيثة من الداخل.
تلك امثلة بسيطة لنضالات المرأة في مملكة العهر الداعشي، وسط تقاليد تحقر المرأة، وعملها في الاحوال العادية فما بالك بخوضها غمار معترك العمل السياسي.