شجرة الإيمان التي سقاها الإمام زيد عليه السلام

 

 

الثورة/عادل أبو زينة

كان تحرك الإمام زيد عليه السلام في تلك المرحلة من التاريخ يعتبر مستحيلاً أمام جبروت سلطة غاشمة أغلقت كل منافذ التغيير، وكون الإمام الأعظم زيد من حملة مشاعل التضحية والفداء وعدم الركون للظالمين،فقد استطاع أن يغير المعادلة، فقد سقى شجرة الإيمان بدمه الزكي وأثمرت هذه الشجرة المباركة فكراً مستنيراً يضيء للأجيال درب النضال والنصر والتمكين.
وكما يحدث اليوم لليمن من عدوان وحصار فقد ظنت دول الشر المتصهين انها استطاعت أن تحشر اليمنيين في زاوية ضيقة بحيث تكون لها اليد الطولى في مصائر الناس وجاءها الرد اليماني الصاعق الذي زلزل كياناتها الهشة، واستطاع الشعب اليمني بصمود وعطاء رجاله ونسائه وأطفاله أن ينال إعجاب واحترام العالم.
في ذكرى انتصار الدم على السيف نستطلع آراء مجموعة من الأساتذة الفضلاء فكانت هذه المحصلة:
فضيلة العلامة شمس الدين شرف الدين:
نحن بأمس الحاجة إلى استلهام الدروس والعبر في ذكرى ثورة الإمام زيد بن علي عليه السلام الثائر ضد الظلم والطغيان والاستبداد في عصر الانتكاسه والرجوع إلى القهقرى هذا الإمام الثائر الذي سقى بدمه الطاهر شجرة الإيمان التي غرسها جده المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم بأمر الله سبحانه وتعالى شجرة الحرية والعدالة والإيمان التي تنكر لها العديد من الناس وابتعد عنها الكثير من الناس وذهبوا بعيداً ليبحثوا عن ظل بعيداً عن ظلها، ليبحثوا عن شجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار، شجرة الظلم والطغيان والفساد والأهواء والنزعات، وكان حرياً به عليه السلام أن يقتدي بجده الثائر الحسين بن علي عليهما السلام فكان نعم الخلف لخير سلف وكلاهما اختط طريقا على منهج أبيهما الإمام علي بن أبي طالب وجدهم الرسول الأكرم وما أحرانا اليوم أن نسير على خطاهم في ظل الأوضاع الراهنة وتفشي الفساد وطغيان الظلم وكثرة أهلهما وتكالب الأعداء علينا من كل بلاد الدنيا وتنكر الناس للحق المتمثل في كتاب الله وسنة الرسول محمد صلى الله عليه وآله وسلم حيث شوهت صورة الإسلام على أيدي من يتلبسون بالإسلام ويدعون الانتماء إليه وهم يبتعدون عنه أميالاً وراء أميال جرياً وراء الباطل وتحالفاً مع أهل الظلم والفساد بدلاً من أن يسخروا إمكاناتهم في اعلاء راية الدين وصاروا يبذلون جهودهم في تحقيق مآرب الأعداء وتولوا الشيطان ولزموا طاعته وتركوا طاعة الرحمن واظهروا الفساد وعطلوا الحدود واستأثروا بالمال العام حتى صار المال فيما بينهم دولا وعباد الله عندهم خولا وهم في ذات الوقت يعيشون حالة العبودية للفساد العالمي المتمثل في أمريكا وإسرائيل، وحري بالناس اليوم أن يتسلحوا بثقافة الجهاد والاستشهاد ورفض الدنيا وزخرفها كما تشهد على ذلك كلمته الخالدة “من أراد الحياة عاش ذليلاً” هذا الامام الجليل الذي لم يشعر أنه اكتمل دينه حتى واجه الظالمين والطغاة والمستكبرين حين واجه اعداء الحق والحقيقة “الحمد لله الذي أكمل لي ديني، والله اني استحي أن ألقى رسول الله ولم آمر بالمعروف ولم انه عن منكر”.
وهذه هي الحالة التي يجب أن يكون عليها كل مؤمن ينتمي إلى هذا الدين وهذه الذكرى يجب أن لا تمر مرور الكرام دون الاستفادة منها والتشبع بقيمها وثقافتها، علماً أنها لا تمت إلى الطائفية بصلة بقدر ما تهتم بإعادة الأمة إلى وضعها الطبيعي وتوطيد علاقتها بالله سبحانه وتعالى.
الأستاذ عبدالله الراعي:
ان احتفاء الأمة بذكرى استشهاد الإمام زيد بن علي عليه السلام إنما هو احتفاء بقيم العدالة الإسلامية التي نادى بها على رؤوس الأشهاد بقوله كما قال أجداده “لم اخرج أشراً ولا بطراً ولكن لاصلاح أمة رسول الله ووددت لو أن يديّ معلقتان بالثريا واسقط واقعاً على الأرض ويكون في ذلك صلاح لأمة جدي رسول الله لفعلت”.
إن هذا المنبر الذي يخاطب الأمة بلسان القرآن، لسان الحق، لسان العدالة السماوية، المطالب بالمساواة الاجتماعية واذابة الفوارق التي اصطنعها أئمة الجور المتسلطون على العباد وجعلوا مال الله دولاً وعباده خولاً، فهذا الصوت لو وجد آذاناً وقلوباً تعقل لسعدت إذ أنه يعبر عن مظلومية الأمة، فكأنك أيها الامام يا رمز المظلومين، يا قائد الأحرار في زماننا تنادي بذاك الشعار الإلهي الذي يطالب بالمساواة وتفعيل القضاء وازالة ما ترسب في الأمة من أحقاد ونعرات مذهبية منافية لقيم الإسلام وأخلاق الحبيب المصطفى الذي جاء رحمة ومزيلاً لهذه الترسبات فصارت أمة الحضارة، أمة القوة ، أمة العزة عندما جعلوا دستورهم القرآن.. وأنه لذكر لك ولقومك .. بمعنى عز وشرف إلى أن يقوم الاشهاد، يا أمة الحبيب المصطفى حكموا عقولكم وتخلصوا من أهوائكم وصفوا صفوفكم خلف من ينادي بالحرية، حرية الإسلام ومحاكمة الطواغيت الخونة لأوطانهم، فاليمن يمر بما لا يخفى على أحد ولا بد من أن يقول القضاء كلمته، ومن يريد الله والدار الآخرة عليه أن يكون مع الحق قال تعالى:”يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين”.
الأستاذ عبدالله الحاضري:
الحقيقة هذه الذكرى لها دلالات عجيبة لكون الامام زيد عليه السلام لم يخرج أشراً ولا بطراً ولأنه خرج لاصلاح الأمة من الإنحراف الموجود في ذلك الزمان، فخروجه يمثل غزوة بدر وأحد مدافعاً عن الإسلام ولكونه يسير على منهج أهل البيت المرتكز على إقامة الحق ومقارعة الظالمين والله سبحانه وتعالى ابتلى هذه الأمة بأهل بيت نبيها والشاهد على ذلك قوله صلى الله عليه وآله وسلم “أنا تارك فيكم الثقلين أحدهما أكبر من الآخر أما الثقل الأكبر فهو القرآن وأما الثقل الأصغر فهم أهل بيتي”.
وقد قال الله سبحانه وتعالى حاكياً عن نبيه صلى الله عليه وآله وسلم ” قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى”وكذلك أيضا ابتلى الله تعالى أهل بيت نبيه صلى الله عليه وآله وسلم بهذه الأمة، فالواجب عليهم أن يكونوا حماة لجوهر الدين والواجب على الأمة الإسلامية مساندتهم على ذلك، ومن فرط في واجبه فقد أخل بما يجب عليه تجاه دينه وشعبه ووطنه.
وأضاف الأستاذ عبدالله صالح الحاضري: نستفيد من ثورة الإمام زيد عليه السلام التفاني والثبات والصبر وخاصة وشعبنا اليمني الصامد يخوض معركة انتزاع قراره الوطني المستقل، علينا التوكل على الله والأعداد المتكامل لمواجهة هجمة الشر والطغيان وميادين الجهاد أفضل مكان يتعبد فيها الإنسان ويتقرب فيها إلى الله دفاعاً عن الأرض والنفس والدين.
الأخ فؤاد ناجي – نائب وزير الأوقاف والإرشاد :
ثورة الإمام زيد بن علي عليه السلام هي ثورة تاريخية لا تنتهي بمرور الوقت بل تتجدد لتصبح مدرسة يتعلم منها الأحرار والشرفاء دروس التضحية والإباء، ليكونوا على نهج الثوار في كل عصر أمام كل طاغ وجبار وظالم.
وحينما تأتي هذه الذكرى في ظل العدوان فإن هذا يدل على حاجتنا الماسة لأخذ الدروس والعبر لشحذ الهمم والطاقات للاستمرار في مواجهة العدوان وقتال المجرمين الذين يرتكبون أبشع الجرائم مما يزيدنا وعياً وبصيرة وثباتاً في مواجهة أعداء الوطن والإنسانية.
الأستاذ عبدالسلام عباس الوجيه:
الإمام الأعظم زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، الإمام الثائر المجاهد حليف القرآن قام بثورته الشهيرة خارجاً على الظلم والجور والطغيان مجدداً لثورة الحسين عليه السلام، وامتدادا لتلك الثورة الحسينية وللسيرة العلوية في إعادة الإسلام المحمدي الأصيل فهو فوق المذاهب، ثورته ثورة إسلامية محمدية ضد الظلم والجور والطغيان والاستبداد هدفها إعادة الإسلام إلى مساره الصحيح بعد أن انحرف به بنو أمية وأدعياء العلم والفتيا من علماء السلاطين الذين في سبيل إضفاء الشرعية للسلطة الأموية حرفوا المفاهيم الدينية وجاءوا بالجبر والتشبيه والارجاء وحشدوا طاقاتهم في سبيل تخدير الأمة ووأد أي محاولة للإصلاح ولتطبيق حكم الشرع والدين وتحقيق العدالة والمساواة، فهي ثورة رسخت مبدأ الخروج على الظلمة والجهاد في سبيل رفع كلمة الله وإقامة العدل واستئصال شأفة الفساد والمفسدين العابثين بمقدرات الأمة.
والاحتفال بهذه المناسبة هو عودة إلى صفحات التاريخ المشرق الوضاء، تاريخ الجهاد والاستشهاد والبذل والعطاء والتضحية والفداء في سبيل الله تعالى وفي سبيل حرية وكرامة وعزة واستقلال الأمة الإسلامية ووحدتها ونهضتها وعودتها إلى حياض كتاب الله وسنة رسوله فمن ثورة الإمام زيد نستلهم العبر والدروس التي تضيء درب الأمة إلى طريق الخلاص من هيمنة قوى الاستكبار والجور والطغيان، وفراعنة العصر الذين اتخذوا مال الله دولاً وعباده خولاً وتولوا أعداء الدين اليهود والنصارى ومزقوا الأمة شر ممزق وأوغلوا في الشر والفساد في الأرض وتنكروا لكل القيم وما أشبه اليوم بالأمس وما أحوجنا للاستفادة من العبر والدروس واستلهام روح الجهاد والتضحية والفداء في سبيل رد المعتدين والطغاة ففي كل عصر الأمة محتاجة إلى عوامل القوة وأهمها الوعي بتاريخها وجذورها وعوامل قوتها وضعفها وقد أجهد الأعداء أنفسهم في تغييب وعي الأمة وتوالت مؤامراتهم على التاريخ والتراث الإسلامي المشرق عن طريق الجهل والتجهيل والتضليل وتخريب المناهج والمؤامراة على التعليم.
الإمام زيد في ذاكرة الأرض والإنسان
يرتبط اليمنيون بالإمام زيد عليه السلام ومنهجه الجهادي والسياسي والعلمي والفقهي ارتباطاً وثيقاً، وتأصل في الواقع اليمني عبر مئات السنين واحتفظ اليمنيون فيها بتراثه المتنوع وحفظوه وورثه الآباء لابنائهم وعملوا به وتأثروا به وهو علاقة فكرية ووجدانية لم تزعزعها المحاولات الكثيرة من أعداء اليمن ولم تؤثر عليها حملات السيوف والأموال وها نحن اليوم نقاوم ظلم العدوان الأمريكي السعودي نجد في الإمام الأكبر زيد بن علي جميل القدوة وروعة المثال وصدق المنهج، وشمولية الطرح ووضوح الرؤية وعنفوان الشموخ وحيوية التحرك في سبيل الله.

قد يعجبك ايضا