كتب / رئيس التحرير
على خطى مناوراته المتقاطعة المسارات عاود المبعوث الأممي غير المرحب به في اليمن إسماعيل ولد الشيخ مناوراته السياسية الملبية لأجندات العدو السعودي قافزا في إحاطته الأخيرة المقدمة إلى مجلس الأمن الدولي بجلسته المنعقدة الثلاثاء الماضي بشأن اليمن من مربع الصفقات المشبوهة التي طالما هيمنت على إحاطاته السابقة (ميناء الحديدة صرف الرواتب ) إلى مربع “المبادرات الإنسانية”.
وظهر ولد الشيخ هذه المرة متحدثا عن ” اتفاق سلام شامل” أعاد مفاعيل الأزمة اليمنية إلى مربع الصراع الداخلي ماسحا من المشهد القاتم العدوان العسكري السعودي الإماراتي وتداعياته الكارثية إنسانيا واقتصاديا واجتماعيا، متماهيا مع تفاعلات دولية بطيئة تحدثت بصوت مسموع عن فشل الخيار العسكري في حل الأزمة اليمنية بعد أكثر من عامين ونصف من العدوان على اليمن بما خلفه من نتائج إنسانية كارثية وتصاعد خطر التنظيمات الإرهابية المدعومة من دول العدوان الهمجي.
وقدم ولد الشيخ إحاطته إلى مجلس الأمن في بيان خلى من أي بيانات تفيد بإحرازه تقدما في المسار السياسي استنادا إلى خططه السابقة فيما اعتبره مراقبون دوليون فشلا لولد الشيخ في مهمته إدارة الجهود الأممية الهادفة إلى خيارات الحل السياسي في ملف الأزمة اليمنية فيما عده آخرون دليلا على غياب النيات في المضي بالمسار السلمي والمضي بسياسة فرض الشروط من طرف واحد في ظل استمراره الانحياز لتحالف العدوان السعودي وتبني مواقفة واجنداته .
وفي مقابل سلسلة إحاطات قدمها ولد الشيخ لمجلس الأمن في الشهور الماضية قدمت بإصرار محاور صفقته المشبوهة بمقايضة ميناء الحديدة بصرف الرواتب جاءت إحاطته الأخيرة بإعلان مرتبك عن نيات لصفقة يكتنفها الغموض تدعو إلى حل سياسي شامل بإنهاء الحرب (اليمنية) وتشكيل حكومة جديدة متوافق عليها يمنيا ومدعومة من المجتمع الدولي تتولى عملية إعادة بناء الاقتصاد ومؤسسات الدولة.
وعلى أن المقترحات الجديدة لولد الشيخ بدت استجابة لرؤى جديدة بدأت بالظهور في عواصم أوروبية حيال حتمية إنهاء العدوان العسكري الذي تقوده السعودية والإمارات على اليمن، اكتفى ولد الشيخ بالتصريح عن عنوان مطاط سماه ” الحل السياسي الشامل” دون الاستغراق ولو قليلا في محاوره السياسية، مكتفيا بتقديم نصفه البعيد بمحاور مكشوفة الأبعاد تحاول من جديد عرقلة المبادرات الدولية للحل السياسي من بوابة” الجانب الإنساني” .
النصف الثاني من مشروع “الحل السياسي الشامل ” جاء بمقترحات على هيئة شروط على الداخل تقضي بـ” الالتزام بوقف الأعمال العدائية والمضي في مناقشات بشأن اتفاق سلام شامل” والتوصل إلى اتفاق لتيسير وصول المساعدات الإنسانية والسلع التجارية إلى الحديدة ومنها إلى كافة المناطق اليمنية، وفتح مطار صنعاء وضمان دفع الرواتب بشكلٍ ثابت”.
ولد الشيخ المتهم بعدم النزاهة بدا هو نفسه مرتبكا حيال مغالطاته بــ” الحل السياسي الشامل” حيث اعتبر “هذه الخطوة أساسية للتخفيف من تأزم الوضع الإنساني إلا أنها لن تكون بديلة عن الحل الكامل والشامل الذي نريد التوصل إليه وهي ستكون جزءا من خطة سلام أكثر شمولية”.
لكن ولد الشيخ المضطر إلى وضع العربة قبل الحصان عاود بث المغالطات السياسية عبر المنبر الأممي بتكريس الأكاذيب ذاتها المعرقلة للحل السياسي، بتكراره التأكيد على ان ما يجري في اليمن ليس سوى إصرار من أطراف النزاع في اليمن المضي” في صراع عسكري عقيم يعيق طريق السلام، في وقت يعاني فيه الشعب اليمني من كارثةٍ إنسانية عارمة صنعها الإنسان”.
الموريتاني المتهم بالانحياز لدبلوماسية الشيكات السعودية لم يشر إلى العدوان وآثاره الإنسانية المروعة والجرائم الوحشية التي يقترفها يوميا طيران تحالف العدوان السعودي الإماراتي والدور المشبوه لدول العدوان في تغذية دوامة الحروب الداخلية لكنه ذهب هذه المرة أيضا إلى تسويق الأكاذيب المرتبكة عن وجود أمراء حروب وزعماء يعرقلون الحل السياسي ويرفضون الحلول كونهم ان قبلوا بها سيخسرون قدرتهم على التحكم والسيطرة” في واحدة من أكثر صور الوقاحة والكذب وتشويه الوعي.
موقف أممي متقدم
وعلى الرغم من المحاولات المحمومة لولد الشيخ في خلط الأوراق والانتقال بتفاعلات العدوان الهمجي على اليمن وحصاره من مربع إلى آخر إلا ان النتائج التي خلصت إليها مداولات مجلس الأمن بدت متقدمة هذه المرة قياسا بسابقاتها خصوصا بعدما أعلن الرئيس الدوري لمجلس الأمن الدولي فرنسوا دولاتير تأكيد أعضاء المجلس على الحل السياسي للأزمة اليمنية ومطالبتهم برفع الحصار عن ميناء الحديدة وإعادة فتح مطار صنعاء الدولي في إشارة إلى الحصار الذي تفرضه دول تحالف العدوان السعودي الإماراتي على ميناء الحديدة والحظر الذي تفرضه على حركة الطيران المدني واللذين أديا وفقا لإجماع دولي إلى تفاقم المعاناة الإنسانية للمدنيين بصورة لم يسبق لها مثيل.
وبدا موقف مجلس الأمن الذي أعلنه أمس رئيسه الدوري دولاتير متقدما أيضا بتأكيده على ضرورة وصول المساعدات الإنسانية إلى كل المحافظات اليمنية بشكل آمن وفوري ودون عوائق او قيود وضمان وصولها إلى جميع السكان في جميع المحافظات المتضررة فضلا عن تأكيده بدعم مجلس الأمن لجهود المبعوث الأممي ” في التوصل إلى اتفاق سلام في اليمن”.
ورغم ذلك فإن الجانب السلبي في هذه المواقف لا يزال قائما في ظل نجاح ضغوط اللوبي الأمريكي البريطاني السعودي في عرقلة محاولات ترجمته إلى بيان ملزم من مجلس الأمن يرى كثيرون أنه ربما يقود إلى تحول حقيقي في المعادلة القائمة.