في الذكرى الأولى لأبشع مجازر العدوان السعودي بحق المدنيين:
تحقيق / أحمد حسن أحمد
تحل على اليمنيين في هذه الأيام الذكرى الأولى لمجزرة القاعة الكبرى بصنعاء عندما أقدم تحالف العدوان الغاشم على ارتكاب أبشع الجرائم القذرة واللاإنسانية في حق مدنيين أبرياء يقومون بتأدية واجب العزاء لأسرة آل الرويشان وخلفت تلك الغارات الأربع على صالة العزاء ومحيطها مئات الشهداء والجرحى ولكل شهيد أو جريح منهم قصة ألم ومعاناة وحرمان تدمي القلوب قبل العيون وتحرك كل من له قلب ضد هذا العدوان الهمجي الذي استهدف الحياة والإنسانية في يمننا السعيد والمنتصر بإذن الله…
صحيفة “الثورة ” التقت عدداً من أسر الشهداء والجرحى الذين استعادوا حجم وبشاعة المجزرة التي استهدفت جميع اليمنيين الأحرار دون استثناء..
إلى التفاصيل:
البداية كانت مع أسرة الشهيد النقيب عادل الخليدي الذي فقدته الأسرة بعد أن امتلأت أفئدتهم بالحزن والألم ولم يستطيعوا تعويض هذا المصاب الأليم الذي سقط غدراً داخل القاعة الكبرى عندما استهدفته أيادي العدوان الآثمة التي تجردت من كل القيم والمبادئ والأعراف وأصبحت لا تفرق بين العسكريين والمدنيين والمواقع العسكرية وصالات العزاء والأفراح..
الأخت / أم أيمن – زوجة الشهيد عادل تحدثت لـ”الثورة ” عن حال الأسرة بعد رحيل عائلها حيث قالت: في ذلك اليوم المشؤوم لبس الشهيد ملابسه وهم بالخروج لتأدية واجب عزاء آل الرويشان في القاعة الكبرى بصنعاء وبرر لي ذهابه لحضور واجب العزاء هو الوقوف إلى جانب زميله في العمل بوزارة الداخلية / محمود الرويشان كون زوجي يعمل في الوزارة برفقة هذا الشخص ما يقارب الـ 23 عاما وبعد أن ودعني وأبناؤه الثلاثة كعادته سمعنا بخبر استهداف القاعة الكبرى وجلسنا نتصل بهاتفه الذي كان مغلقاً ونترقب الأخبار الجديدة إلى أن وصلنا خبر استشهاده في الساعة الثانية عشرة ليلا من شقيق زوجي وأخبرنا أن جثته في مستشفى الكويت، ومنعنا من زيارته بسبب أن ملامح الجثة قد تشوهت كثيراً وهانحن اليوم نعيش في ذكرى رحيله الأولى أجواءً من الحزن والألم والمعاناة والشوق له ولكل حركاته وسكناته ولكننا على ثقة ويقين بأن الله أحبّه واختاره لينال الشهادة وأن الله سبحانه وتعإلى قادر على أن ينتقم لدمائه الطاهرة وينكل بأعداء الوطن والإسلام الذين تجاوزوا كل الخطوط الحمراء ولم يراعوا حرمة أو دين “.. وقبل المغادرة أصر الولد إسلام صاحب الخمسة عشر ربيعا وآخر عنقود الشهيد أن يوصل رسالته عبر صحيفة الثورة تلك الرسالة كبيرة المعاني بعكس عمر إسلام كانت مفاجئة وقوية حيث قال فيها :” لا يظن العدوان أننا سننسى دماءنا مهما دارت الأيام فوالله أني لا أعيش إلاّ منتظراً حين أكبر والتحق بالجيش واللجان الشعبية وأقاتل قتال الأبطال حتى اقتص لوالدي من سلمان نفسه لأني والله حزين لقتل والدي الذي كان أجمل شيء عندي في حياتي عندما يدخل علينا عائدا من عمله ولا ينادي إلاّ بإسمي أولاً قبل كل اسم..
أسرة الشهيد والجريح
ومن أسرة الشهيد الخليدي إلى أسرة النزيلي التي قدمت شقيقين شهيد وجريح في هذه المجزرة المروعة التي ارتكبها العدوان في يوم الثامن من أكتوبر عام 2016م.. نجل الشهيد وضاح الخليدي المهندس شهاب قال عن تأثير هذه الجريمة البشعة في نفسيات هذه الأسرة :” أبي الشهيد وضاح وعمي الجريح رائد يعملان في نفس العمل وهما مرافقان للشيخ حميد الرويشان، وهما من يعولان أسرتنا التي لازال جدي وجدتي يعيشان معنا وخمس بنات أربع عماتي وواحدة أختي وفي ذلك اليوم كان أبي وعمي معاً برفقة الشيخ الذي ما أن وصل بوابة القاعة وحتى كانت الغارة الأولى وبعد أحداث ذلك اليوم عاد أبي شهيداً جثة هامدة وأماّ عمي رائد والشيخ حميد فقد أصيبا بجروح بليغة أسكنتهما غرفة العناية المركزة وبعد خروج عمي تفاجأنا أن قدمه اليمنى قد بترت ولم نجد من يعول أسرتنا بسبب وفاة والدي وإعاقة عمي مما دفعني أن أترك دراستي الجامعية تخصص هندسة وأن ـعمل في مركز اكترونيات وجوالات والحمد لله على كل حال ” .. وعدنا غإلى عم شهاب الجريح ليروي لنا بشاعة الجريمة والمستوى التي وصلت إليه الأسرة بعد هذه الجريمة البشعة المحفورة في قلوب وعقول اليمنيين بدماء النصر أو الشهادة حيث قال :” الشيخ حميد الذي كنا نعمل معه مرافقين هو الآخر استشهد لاحقا بعد أن ظل في العناية المركزة لأكثر من شهر أما أخي وضاح فقد استشهد على الفور بعد أن استهدفته الغارة الثانية مباشرة عندما كان يركن السيارة في الحوش وهانحن اليوم كما ترون بدون عائل بعد أن انقطعت رواتبنا مع استشهاد الشيخ منصور ولذلك أطالب الجهات المختصة والمنظمات المحلية والخارجية أن تقوم بواجبها الإنساني تجاه أسر الشهداء والجرحى الذين قتل فيهم العدوان الغاشم روح الحياة والأمل والمستقبل ”
تدمير أسرة بأكملها
أما أسرة الشهيد الشاب وليد سنان صاحب العشرين ربيعا فقد تدمرت نهائيا بعد هذه المجزرة البشعة التي ارتكبتها طائرات العدوان بكل وحشية وحقد فبعد استشهاد الشاب وليد سنان تحت أنقاض القاعة الكبرى بصنعاء والذي كان سبب تواجده هناك هو ممارسة هوايته ومصدر رزقه في نفس الوقت وهي التصوير الفوتوغرافي ولم يكن يعلم ذلك الشاب الموهوب أنّ هذه المهمة هي الأخيرة ومسك الختام في مسيرته الإبداعية وارتقائه عند الله شهيد في سبيل الله مغدورا به ولم تمض على هذه الحادثة الأليمة سوى ثلاثة أشهر حتى لحقت به أمه بعد أن أصيبت بالأمراض والأسقام نتيجة حزنها الشديد على فلذة كبدها وأكبر أبنائها.
والد الشهيد وليد هو الآخر أصيب بمرض القلب الذي ألزمه الفراش وأصبح يصارع المرض كثيرا بعد أن فقد ابنه وزوجته تابعاً، أما أشقاء الشهيد وليد والاثنان الأصغر منه فقد توجهوا إلى جبهات القتال والعزة والكرامة للدفاع عن الارض والعرض والانتصار لدماء أخيهم التي سفكها العدوان ظلما وغدرا وعدوانا وبعد ستة أشهر التحق أحد الشقيقين بأخيه وأمه ونال الشهادة في جبهة ميدي مواجها الأعداء ببسالة وبقوة الله التي تنصر عباده المؤمنين وتمكن لهم في الأرض..
أما الشقيق الآخر والمتبقي فألزمه العقلاء بالعودة إلى منزله لرعاية والده الذي اشتدت حالته المرضية واصبح ينازع الموت ليلا ونهاراً ولا زال يهذي بإسم ابنه الأكبر وزوجته وهكذا ارتكب العدوان جريمة شنعاء تسببت بتدمير أسرة بأكملها وتعميق معاناة وآلام الشعب اليمني.
إدانة دولية واعتراف رسمي
أما المحامي/ حمزة المروني الذي، شارك في توثيق وإحالة ملف هذه الجريمة إلى الأمم المتحدة والمنظمات الدولية فقد قال : “كغيرها من الجرائم البشعة التي يرتكبها العدوان في حق الأبرياء والمدنيين في اليمن قمنا أنا ومجموعة من المحامين بتوثيق الحادثة في ملف ووثقنا فيه أنه في يوم الأحد الموافق 8 اكتوبر من العام 2016.
أقدمت طائرات التحالف باستهداف القاعة الكبرى بغارتين اثناء تواجد مدنيين في تلك القاعة يقومون بتأدية واجب العزاء لأسرة آل الرويشان ثم أغارت طائرات العدوان مرة أخرى على المسعفين ومن حاولوا الفرار بغارتين أيضاً مما أدى إلى استشهاد أكثر من 150 مدنيا وجرح أكثر من 610 آخرين..
وحالة من الذعر في أوساط المواطنين ثم أحلنا ملف القضية إلى المنظمات الدولية التي وبدورها مارست الضغط على نظام آل سعود مما نتج عن ذلك اعتراف التحالف بارتكاب الجريمة مبررا جريمته بأنه تلقى معلومات خاطئة من هيئة أركان الجيش اليمني وأنه سيحاسب المتورطين وكانت المرة الأولى التي يعترف تحالف العدوان باستهداف مدنيين رغم ارتكابه مجازر عديدة في حق المدنيين في الأسواق والحدائق والطرقات والمساكن وسبق هذا الاعتراف محاولة المرتزقة في الداخل تبرئة النظام السعودي من هذه الجريمة عبر أكاذيب تافهة منها أن القاعة زرعت بالقنابل مسبقاً أو أن الاستهداف جاء بصاروخ أرض من أحد المعسكرات القريبة من المكان لكنها أخرصتهم الأقمار الصناعية الروسية التي وثقت قصف الطائرات ورغم هذا كله إلا أن منظمات الأمم المتحدة عاجزة عن إيقاف نظام آل سعود عن ارتكاب المجازر تلو المجازر”..