الحسين والثورة في القرآن

 

 

 

 

أشواق مهدي دومان

حين تريد أن تبوح بألمك فيجعل أبناء جلدتك أصابعهم في آذانهم حتى لا يسمعوك ، حينها تفضل المتابعة من بعيد للجزر والمد ، وسيول التهم وسيول السخرية لنا كعاشقين لسبط رسول الله، وجاعليه رمزا جليلا للثوار حين كان امتدادا لرسول الله في إحقاق الحق وإبطال الباطل. .
كل تلك الموجات وردات الفعل لمن ينتمون إلينا روحا وفكرا وكيانا و من يجمعنا بهم مأساة وكربلاء اليوم التي تدور أحداثها على أرضنا فنكون – أهل اليمن – أقرب للحسين بن علي بن أبي طالب( عليهما السلام) ..
نعم : جرحني ذلك الإهمال المقصود به سيدنا الحسين بن علي (عليه وعلى جده ووالديه وأخيه وآله السلام ) ؛ مما جمد حبر قلمي وحرفي المنهك في دهاليز الألم مابين حياتنا وواقعنا كيمانيين نعيش تفاصيل مأساته التي ليست الأولى في تاريخ البشرية، فكل ملهم وكل عظيم وكل حر وكل جريء وكل شهم وكل شجاع وكل بطل لم تخرجه إلى عالم البطولة والملحمية والأسطورية والرمزية والعالمية إلا أيادي الظلم والكبت والقهر والوجع والمعاناة ولئن كنا بشرا عاديين فإن أنبياء ورسل الله هم أسوتنا في كونهم أقوى من واجه الظالمين من عهد أبينا آدم مرورا بجميع الأنبياء والمرسلين المذكورين في القرآن الكريم وغير المذكورين ؛ القرآن الذي كشف و عرض قصصهم وظالميهم كأعتى ظلمة وكل يتناسب ومفردات عصره وزمنه ، حين كان الحجر أداة القتل فالسكين والنار والأخدود والمنجنيق، وقبله الدرع والسيف والرمح والسهم والقوس بالاستعانة بالفرس والفيل والكلب و الصقر و…الخ إلى أن وصلنا إلى عصرنا فكانت طلقة الرصاصة والبندقية والرشاش والمدرعة والطائرة والصاروخ والقنبلة بكل أنواعها الانشطارية والفوسفورية والنووية والذرية والجرثومية و…الخ هي أداة القتل الأسرع والأفتك..
يظل الظلم ظلما بأدواته المتناسقة مع موجودات البيئة المحتضنة له و يظل من يمارسه ظالما، إرهابيا كفاعل ظاهر حقيقي لا يحل محله إلا ضميره المغيب.
حلقات الإرهاب الفرعوني المنهارة في عهد موسى.
فيبعث الله عيسى معجزة عصره وهو المتكلم وليدا في المهد، والأعظم أنه ينسب لأم دون أب في معادلة لم يستطع كفار بني إسرائيل استيعابها حين كانوا ماديين يتبعون ملذات الجسد ولا يفقهون عوالم الروح التي منها روحا نفخت في أحشاء مريم رجلا ثائرا لم يستطع ظلمة عصره وإرهابيو زمانه من مواجهة معجزاته وقوة الحق والنور الذي حمله كنبي ورسول، فيأتمر قومه الظالمون بقتله وصلبه فيرفعه الله إليه..
فيكون محمد بن عبدالله سيد أولئك المرسلين وخاتمهم وبه يكتمل الإسلام كرسالة خالدة خلود القرآن والحياة ولكنه الإرهاب من جديد يتمثل في جاهلية البدواة المؤتلفة والمتحالفة مع بني يهود تفعل ما تفعله لمنع المشروع الإسلامي الثوري التحرري، تلك الحشود و الجموع الحاقدة على محمد رسول الله ، تحالفات تبغي طمس منارة الهدى و رحمة العالمين ؛ فيقاوم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم ) كفرة وإرهابيي عصره، ويقاوم ويقاوم إلى أن يكمل الله الدين لأمته ويتمم نعمته ويرضى لنا الإسلام دينا ونهجا بضوء القرآن، فيرحل رسول الله انقيادا لناموس الله في الحياة فيتكالب أبناء الطلقاء والمنافقين ليعيثوا في دين محمد الفساد فيأبى دم محمد الذي يجري في عروق سبطيه أن ينحر الإسلام، فيسمم الحسن ويداس جسد ورأس الحسين بحوافر خيول يزيد في إرهاب لقتل مشروع الثورة المحمدية التحرري الذي حمله من هو من رسول الله فكانت مقولة سيدنا محمد في الحسين : “حسين مني وأنا من حسين ، أحب الله من أحب حسينا” ، لهي دليل قاطع على معرفة رسول الله وعلمه المستوحى من علم الجبار بأن بضعته سيراق دمه، وستسيل كبد رسول الله وبضعته قربانا لدين الله ، حيث كان الحسين بن فلذة رسول الله وما أشدها وأقواها من علاقة بين الجد وسبطه إلا كما تمثلها المقولة الشعبية : أحنج من الولد ولد الولد …
نعم : الحسين ثار في وجه ا?رهاب اليزيدي الأموي فكانت كربلاء كرب وبلاء ولكنها وإن حملت الدماء والدموع فهي : لا وألف لا لكل ظالم، وهي : هيهات منا الذلة. ..
يا حسيننا لم تمت وقد كنت ثورة محمد وعلي وفاطمة، لم تمت وأنت ثورة القرآن، لم تمت وأنت رمز الفداء ولئن كنت رمزا لمحبيك فأولوية عالمية ثورتك ورمزيتها يؤكدها الدين السماوي الذي أردت الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فيه ، فكانت ردة فعل الخونة والعملاء والمرتزقة في عصرك تسقط نفوسهم على أمويي هذا الزمان وطلقائهم الفارين إلى حضن الإرهاب السعو صهيو أمريكي ليطفؤوا ثورة الحسين ويسفكوا دم الحسين مجددا في كربلاء البلدة الطيبة هنا في اليمن! !
فر المرتزقة في وطننا كطلقاء عصرهم إلى أعراب ويهود وإرهابيي زمننا ليعيد التاريخ نفسه، مايدعونا لأن نجعل الحسين رمزنا ورمز كل ثائر في العالم ؛ فالحسين كان قبل مانديلا ، وقبل جيفارا وقبل غاندي وقبل تشافيز وقبل الإمام الخميني ..
الحسين ثورة وليس مجرد لطميات،
الحسين حرية وليس مجرد دمعات..
الحسين عشق وليس مجرد قصائد..
الحسين ثورة في وجه فراعنة وتلامدة وعرابيد الكون في كل زمان ..
الحسين روح تحيا في كل ثائر في العالم، ولأنه ثار لأجل حرية الإنسان كل ا?نسان، حيث وكان تحت وطأة الإرهاب اليزيدي يعيش المسلم والنصراني واليهودي، ولهذا سيبقى الحسين قبلة الثائرين وكعبة الأحرار التي تحج أرواحنا إليها كل عام في يوم العاشر من محرم.
نعم : إحياء اسمك وتاريخك – يا حسين – ليست للبكاء فقط من وحشية ما رأيت وآل بيت النبوة، فقد أصبحت الدموع أغزر من جداول البحار والأنهار؛ و لكنك الطاقة الثائرة الملهمة لنا والتي لابد أن نحييها ..
لأنك رياح التغيير الفضلى
لأنك فردوسنا المفقود
لأنك صوت المستضعفين
لأنك روح الحق المسحوق
لأنك ملهمنا و أستاذنا ورمز الثورة الحامل لواء خاتم المرسلين، حين كان جدك محمد ثائرا كجميع أنبياء ورسل الله ؛ بل إنه إمامهم وسيدهم ، و لأنك منه فنحن لك وكلنا حسين….

قد يعجبك ايضا