الأوضاع السياسية في اليمن ونجد والحجاز قبل مجزرة تنومة.. “الحلقة الرابعة”

 

*مجزرة الحُجاج الكبرى..كتاب للباحث حمود الاهنومي يوثق لجريمة آل سعود بحق حُجاج اليمن.. “الثورة” تنشر الكتاب في حلقات

وُلِد عبد العزيز بن عبد الرحمن آل الفيصل آل سعود في الرياض عام 1293هـ/ 1876م، ثم فرَّ مع أبيه إلى الكويت بعد أن استولى آل الرشيد على الرياض، ثم كان ينزِع دوما الى استعادة مُلْك أجداده في نجد، وقد استطاع وهو في العشرينات من عمره أن يستعيد الرياض في إحدى ليالي شهر شوال من عام 1319م/ يناير 1902م.
وليس معلوما دورُ بريطانيا في هذه الحركة النجدية، لكن المعلوم أن عبد العزيز كان بعد ذلك حليفَ بريطانيا المفضَّل، وأنه كان الحاكم العربي الوحيد الذي “يقبض إعاناته من الإيرادات الامبراطورية” ، وأنه كان يستلم إعانة شهرية بريطانية بمقدارِ خمسةِ آلاف جنيه استرليني بالإضافة إلى أسلحة وذخائر ، وكان مؤتمر القاهرة المنعقد بتاريخ1921م قد وضع سياسة شاملة لإعانات حلفاء بريطانيا من العرب، وقرَّر زيادة الإعانة لابن سعود الى 100000 جنيه سنويا، واقترح مساواة الشريف حسين بابن سعود.

 

وقد أَرسل ابن سعود في 2 أغسطس 1920م إلى الهيئات البريطانية مستزيدا لهباتهم يقول: “ادعموني وأنا أضمن لكم أيَّ عمل عدائي للإنجليز”، ويقول أيضا: “لقد أعطيتُم أصدقاءَكم الخوَنة ألقابا وأراضيَ غنية، وأنا صديقكم الحقيقي بقيتُ فقيرا أكثر من ذي قبل”.
ظلَّت احتياجات وإعانات ابنِ سعود لدى بريطانيا شُغْلَ وثائقِها الشاغل؛ ولهذا كان الإنجليز قِبلةَ ابنِ سعود عند المُلِمَّات، وقد أبرق المندوب السامي في العراق برسي كوكس إلى وزير المستعمرات في يناير 1923م يخبره بضائقة ابن سعود المالية وأنه مَدِينٌ بمبالغَ كبيرة، وحضَّه في تلك البرقية على ترتيب سُلْفة أو قرضٍ بقيمة 50 ألف جنيه، وتشير الوثيقة أن المندوب السامي اقترح إعطاءَه المبلغَ المرغوبَ قرضا من قِبَل أصحاب امتياز النفط، الذي بدت مؤشِّراتُ تدفُّقِه في الجزيرة العربية في تلك السنة ؛ الأمر الذي من المرجَّح أنه أسال لعاب بريطانيا فأغدقت أموالها على هذا الحليف العربيِّ الواعِد.
تفرَّد عبد العزيز – كما يروي مؤرِّخه المُعْجَبُ به الأستاذ خير الدين الزركلي – بين أقرانه “بمزايا أهمها المفاجآت تصبيحا أو هجادا ، أو من حيث لا ينتظر عدوُّه الهجومَ، وكان يعتمد على الاستخبارات قبل الملاقاة، فكلما أغار على أرضٍ يجهلها، أو ليس له عينٌ فيها يبعث إليه بأخبارها، ويكثر من الاحتياط إذا هم بالزحف ويفترض في خصمه من القوة أضعاف ما هو فيه”.
كانت (نجدُ ابنِ سعود) و (حجازُ الأشراف) تتنازعان واحتي (الخرمة) و(تُرَبة) على الحدود بينهما؛ لذا فقد انقضَّ جيش ابن سعود بقيادة سلطان بن بجاد التميمي حاكم (هجرة الغطغط) ، والشريف الوهابي خالد بن لؤي حاكم (الخرمة)، على جيشِ الشريفِ حسين ملك الــحــجاز على مقربة من (تُرَبة) فمُزِّق هناك جيشُ الشريف حسين بتاريخ 25 شعبان 1337هـ /1919م.
وكالعادة فإن عبد العزيز ابن سعود لم يملِك بعد أن رأى جُثث القتلى كالتلال إلا أن ترقرق دمعُ عينيه، على حد قول روايات معجبيه ، ومع ذلك فإنه لم ينفك عن هوى هؤلاء المقاتلين المتوحِّشين؛ لذا فإنه أرسلهم هم بذاتهم لاقتحام مدينة الطائف، وبالفعل تم اقتحامها في صفر 1343هـ/ سبتمبر1924م، و”انطلق الأعراب يقتلون وينهبون على عادتهم في ذلك العهد” ، وارتُكِبَتْ تلك المجازر البشعة، وليس لدى ابن سعود غيرُ البكاء والتنصُّل من جرائمهم، كما هو في كل مرة، ولم يكن بكاؤه ذلك بمانعٍ له من أن يُكَلِّفهم مرة أخرى باقتحامِ مــكــة المكرمة ثم جدة وغيرهما.
وصف الرحالة العربي أمين الريحاني المتشدِّدين من الإخوان الوهابيين، سكان الهِجَر (جمع هجرة)، بأنهم: “جيشُ ابن سعود القومي الديني، جيش التوحيد”. وقد جمعهم ابن سعود في هجَر، حيث كان يعيِّن بقعة من الأرض فيها ماء لقبيلة، فينزحون إليها، ويبنون بيوتهم فيها بمساعدته لهم ماليا، ويرسل إليهم المطاوعة لتعليمهم التوحيد وأساسيات الوهابية.
وحكاية الإخوان الوهابيين مع ابن سعود حكاية عتيدة، حقَّقها الباحث الغربي المُعْجَب به وبالإخوان أيضا، إنه جون حبيب، الذي وصف تحرُّكاتِهم في الجزيرة العربية بقوله: “اكتسحوا الجزيرة العربية كمبضعٍ للجراح الذي يزيل ما هو مؤلِم أو خبيث، ويترك ما هو معافىً وصحي” ، وفي هذه العبارة ما فيها من الانحياز للإخوان الوهابيين والتبرير الفجِّ لفظائعهم ومجازرهم.
ومع ذلك فمن المهم اعتمادُ تقريرِه عن الإخوان؛ لأنه توصَّل إليه بعدَ كثيرٍ من العناء والاطلاع على الوثائق البريطانية والأمريكية، ومنها 73 وثيقة، و58 كتابا، و30 مقالة، وأجرى 12 مقابلة شخصية مع صناعِ أحداثِ الإخوان، وخرج بتقريرٍ أسماه: (جنود ابن سعود المحاربون من أجل الإســـلام).
هذا الباحث الغربي الذي لا يُتَّهم في الإخوان، وقد أثنى عليهم وبرَّر فظاعاتِهم في أكثرَ من مكان في كتابه ، توصَّل إلى بعض النقاط الهامة عنهم، ومنها:
1 – أنهم أولئك البدو النجديون الذين اعتنقوا الوهابية عن طريق الوعظ الديني، وبمساعدة ابن سعود المادية تركوا الحياةَ البدوية ليعيشوا في هِجَر بناها ابنُ سعودٍ لهم ، وتجمَّعت تلك المجاميعُ في تجمُّعاتٍ سكنية سُمِّيت بـ(الهجر)، والهجرة تعني الرحيل من وسَطِ غيرِ المؤمنين إلى عالم الإســـلام.
2 – وجد الكاتب أن مختَلَفَ مصادرِه تتفق أن ابن سعود هو الذي أنشأ حركة الإخوان ، وأنه هو المسؤول عن قيامها كما هو المسؤول عن إسقاطها أيضا.
3 – ووجد أن ظهورَهم فقط بعد عام 1912م، أي بعد استعادة ابن سعود لنجد، وهذا يمكن فهمه في إطار خِطة احتلال ابن سعود للحجاز، وأنه لم يكن تكوينهم حدثا عارضا أو استجابة لأغراض اجتماعية أو اقتصادية أخرى ، بل لاستخدامهم في تحقيق حلم ابن سعود السياسي.
4 – بلغ عدد الهِجَر كبيرا، وأهمها هجرة الأرطاوية ، ثم هجرة الغُطْغُط، والأخيرة أُسِّسَت في عام 1912م على يدِ أفرادٍ، معظمُهم من قبيلة عُتيبة، ووصل تعداد هجرة الغُطْغُط إلى (12000) نسمة، وتقع على بعد 50 ميلا جنوب الرياض، وحاكمُها هو سلطانُ بن بجاد التميمي الرجل الذي قاد الغزو نحو الطائف وشارك في احتلالها؛ وصنَع الرعب الذي تميَّز به الإخوان من جيش ابن سعود.
5 – وكانت كل هجرة تُحْكَم بواسطة أمير وحاكم إداري، وكلاهما مرتبط مباشرة بابن سعود.
6 – وكانوا في قتالهم تحدوهم الرغبةُ في الشهادة في سبيل الـلـه، كما كانت تتسم تكتيكاتهم العسكرية بصناعة التوحش والرعب من خلال ذبح كلِّ الرجال والأطفال في معسكر العدو، وفي بعض الأحيان بذبح النساء.
7 – وكانت أنواع هجومات الإخوان هي :
1) الصُّبحة في ساعات الفجر الأولى.
2) الغارة وتكون قبل الظهر.
3) الراعة وتعرف بالتروية وتحدث بعد الظهر وتتطلَّب قوةً عسكرية إلى درجة ما، وقوة ضاربة كما في الصبحة.
4) الهجدة وهي من غروب الشمس إلى طلوع الفجر.
8 – وكان التكتيكُ العامُّ لمعارِكِهم عبارةً عن ضربةٍ أو خبطةٍ مباغِتة ومرَكَّزة دون أن تعطيَ للخصم فرصة للتفكير، وفي حالة الهجوم المباغِت كانوا ينقضُّون على الهدف كنسيجٍ متوحِّشٍ من الرجال على الجياد والجمال والمشاة، ويحطِّمون كلَّ شيء في معسكر العدو، ويقتلون الجنود وكلَّ شخص هناك دون عطفٍ أو رحمة.
9 – ولهذا كانوا “الأداةَ الفريدة التي استخدمَها ابنُ سعود” لإخضاعِ شبهِ الجزيرة العربية لحكمه؛ بدليل أن جميعَ الأماكنِ الاستراتيجية والمهمة التي استولى عليها ابنُ سعود فيها سقطت في أيديهم، ومنها تُرَبة، والطائف، ومــكــة، والــمــديــنة، وحائل، والجوف، وكان الخوف من انتقام الإخوان هو الذي جعل كل المناطق الخاضعة وخاصة (حائل) خالية من العصيان أو التمرد العلني.
10 – ورغم قضاء ابن سعود على حركة الإخوان عام 1929م، لما أكثروا المشاغبات عليه، وانتهى الدور المرسوم لهم، لكن اعترافا بإسهامهم في تكوينِ دولته فإن الإخوان المخضرمين كانوا يحصلون على معاشٍ شهري جيِّد من حكومة ابن سعود، وامتدَّت هذه المزايا لتشمل أبناءهم الأوائل وإن بصورة أقل.
-نـجــد قـــرن الـشـيـطـان:
هذه قضية مهمة يجب أن لا نغفل عنها ونحن نتحدث عن بعض مظاهر انحراف النجديين الوهابيين عن الإســـلام ومفاهيمه العادلة؛ لنعرف مدى الخطورة التي يمكن أن يشكِّلوها ضد الإســـلام والــمــســلــمين، ومن ثم يجبُ العمل بناء على هذا المُعْطَى الخطير، وليس هناك خيرٌ من النصوص الإســـلامية المتّفَق عليها تحلل لنا ظاهرة هؤلاء التكفيريين النجديين، وطبيعة دورهم، ونوعية سلوكهم.
هناك مجموعة أحاديث صحيحة في كتب الصحاح والمسانيد مروية عن رسول الـلـه صلى الـلـه عليه وآله وسلم، تتحدَّث عن (نجد) – التي هي منشأ الدعوة الوهابية التكفيرية، وسبب كلِّ هذه الفتن والمآسي والحروب التي تعصف بالعالم الإســـلامي المعاصر – بأنها قـرن الـشـيـطـان؛ فقد ورد في البخاري في كتاب الفتن عن عبدالـلـه بن عمر بن الخطاب أن النبي صلى الـلـه عليه وآله وسلم قال مرَّتين: (الـلـهم بارِكْ لنا في يمننا، الـلـهم بارِكْ لنا في شامنا). قالوا: وفي نجدنا؟ قال: (هناك الزلازل والفتن وبها يطلع قـرن الـشـيـطـان). وقال صلى الـلـه عليه وآله وسلم: (ألا إن الفتنة هاهنا – يشير إلى المشرق – من حيث يطلع قـرن الـشـيـطـان) أخرجه مالك (2/975 ، رقم 1757)، والبخاري (3/1293، رقم 3320)، ومسلم (4/2228، رقم 2905)، وأخرجه أيضًا: أحمد (2/121، رقم 6031)، وأبو نعيم في الحلية (6/348)، وفي رواية: (الإيمان يمان والفتنة من هاهنا حيث يطلع قـرن الـشـيـطـان)، وعن ابن مسعود الأنصاري، قال: قال رسول الـلـه صلى الـلـه عليه وآله وسلم: (الإيمان يمان ألا إن القسوة وغلظ القلوب فى الفدادين عند أصول أذناب الإبل حيث يطلع قرنا الشيطان في ربيعة ومضر) أخرجه أحمد (4/118، رقم17107) ، والبخاري (3/202، رقم3126)، ومسلم (1/71، رقم51)، وأخرجه أيضًا : أبو عوانة (1/61، رقم161).
والزلازل هي الاضطرابات والاختلافات المنافية للسكينة والطمأنينة والأمن، يقول الـلـه تعالى: (هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالاً شَدِيداً) (الأحزاب11). والفدادون: هم الذين تعلو أصواتهم في حروثهم ومواشيهم، مفردها: فدَّاد.
والعجيب في هذه الأخبار والأحاديث النبوية أنها تتحدث عن نجد باعتباره مقابلا موضوعيا لليمن، فإذا كانت نجد هي قـرن الـشـيـطـان، ورأس الكفر، ومكان الفتنة، والقسوة وغلظ القلوب، فإن الــيــمــن هي موطن الإيمان، والحكمة، والرحمة، ورقة القلوب، ولعل هذا إشارة إلى المهمة التي سيضطلع بها الــيــمــنيون وهي القضاء على ذلك الكيان الشيطاني النجدي، والتي ربما نعايش اليوم فصولا من أحداثها المثيرة والاستثنائية.
كانت قد ظهرت الوهابية بظهور الشيخ محمد بن عبدالوهاب التميمي (1115 – 1206هـ) (1703م – 1791م) في نجد، وتحالف مع نجدي آخر هو الأمير محمد بن سعود (ت1179هـ/1765م) ومع أبنائه من بعده، لينشئوا أول سلطة وهابية ارتكبت كثيرا من الفظائع والشناعات بحق الــمــســلــمين في الــحــجاز والــيــمــن والعراق، وكان إنشاء هذه الدولة المتطرفة التكفيرية برعاية استعمارية بريطانية.
وفي عهد الملك عبدالعزيز ابن سعود بذلت قصارى جهدها لرعاية دولته، حتى إذا أملى لهم الـلـه عز وجل في العصر الحديث بالنفط، جنّدوا كثيرا من إمكاناتهم المادية لدعم الوهابية، وخلَفَ الأمريكيون البريطانيين في رعاية هذا الكيان الوهابي منذ لقاء عبدالعزيز ابن سعود بالرئيس الأمريكي روزفلت على ظهر السفينة الحربية كوينسي عام 1945م في قناة السويس؛ وبعدها دأبوا على العمل سويا؛ الأمر الذي أنتج هذه الحركات التدميرية التي تنتشر على طول العالم الإســـلامي وعرضه، والذي من أهم خصائصها أنها تتصالح مع الصهيونية العالمية والإمبريالية الأمريكية، وتتَّسم بالعدائية المفرطة ضِدَّ كلِّ ما هو إسلامي.
بعد ذلك ظهرت هذه الوهابية في أشكالٍ متوحِّشة وهمجية حيث ظهرت القاعدة وداعش في أفغانستان وباكستان والــيــمــن والشام ومصر والصومال والعراق، وأنصار الشريعة في ليبيا، وبوكو حرام في نيجيريا، وجبهة الإنقاذ في الجزائر، ومن المعروف أن كلا من هذه الحركات قد مارست وتمارس أشكالا قبيحة ووحشية همجية ضد الــمــســلــمين ذبحا وحرقا وسحلا جماعات وفرادى، وهو ما ينسجم مع تاريخ هذه الجماعة النجدية.
وكما أصبح معلوما ضرورة لكل متابع في العالم، في ما يسمى (عاصفة الحزم) فقد أظهرت السعودية في مجازرها ضد الــيــمــنيين أنها لا تزال تحمل ذلك الفيروس الشيطاني الإغوائي التدميري المضل والضال، وارتكبت مجازر إبادة جماعية، في كل منطقة في الــيــمــن، وأغوت الكثير بأموالها للوقوف في صفها أو الصمت على جرائمها، فكشفت عن وجهها الشيطاني الحقيقي والوحشي، وبينت أنها داعشية السلوك وهابية الجذور، شيطانية الإغواء.
إنه لجدير بأن ينتبه الــمــســلــمون أن قـرن الـشـيـطـان مفهومٌ واسع يشمل كلَّ من يؤمن بأفكار هذه المدرسة النجدية الوهابية التي تمارس التضليل والإغواء والقتل والوحشية والزلزلة والفَتْنَ بحق الآخرين، وحين نستقرئ مخرجات هذه المدرسة النجدية الشيطانية نجد أنها قد تكون في صورة شخصيات أو جمعيات أو مؤسَّسات أو جماعات أو أحزاب أو دول، جميعها لها ارتباطٌ روحيٌّ وفكري ووجداني بهذه المدرسة الشيطانية، حتى وإن ظهروا بشكل المصلحين أو الدعاة إلى الخير أو المحسنين، فهم ممن لا خلاق لهم، ولا وثوق بهم، ويجب أن لا يغترَّ مغترٌّ بما يقدِّمونه مما ظاهرُه الإحسانُ فهو ليس سوى طُعْمِ الشيطان لإضلال واقتناص فرائسه، حتى إذا أسفر الصبح لذي عينين كشّروا عن أنيابهم المدمِّرة والممزِّقة، وحققوا حقيقة معتقداتهم وسلوكاتهم وأخلاقهم، فلا يرقبون في مؤمن إلَّاً ولا ذمة، وحتى في حالة الخلاف بين جماعات قـرن الـشـيـطـان أيضا والتي جميعا تستند للعقيدة النجدية الوهابية فإنهم يقتلون بعضَهم بشكلٍ قاسٍ وغليظ وبدون شفقة ولا رحمة.
ومــجــزرة الــحــجــاج الكبرى في تـنـومـة لم تكن سوى جَرَس مبكِّر لهذه المدرسة الشيطانية، وبعدها كان يجب على الــيــمــنيين أن يكونوا عند مستوى الوعي الذي يمكِّنهم من إعداد العدة تجاه هذا العدو، ولكنهم غفلوا عن ذلك فعادت مملكة قـرن الـشـيـطـان لتمارس بحقهم أقبحَ السلوكات، وأسوأ التصرفات.
وبهذا العرض المختصر اتضح المشهد السياسي الذي كان يرسِم الحالة في أجزاء كبيرة من الجزيرة العربية عشية وقوع المــجــزرة.

قد يعجبك ايضا