> بيان حرب سعودي يقود الازمة القطرية نحو التصعيد والوساطة الكويتية ولدت ميتة
كتب/ رئيس التحرير
تفاعلات الازمة القطرية السعودية الاماراتية عادت إلى مربعها الأول وسط مؤشرات بتصعيد يتجاوز الحرب الاقتصادية والحصار إلى التدخل العسكري في مشيخة قطر التي تواجه للمرة الأولى في تاريخها حربا علنية للاطاحة بنظام تميم بن حمد تقودها الامارات الوراثية الخليجية.
وبدت التداعيات مفتوحة على كل الاحتمالات، غداة البيان الانفعالي الذي اصدره فجر أمس الحاكم السعودي غير المتوج محمد بن سلمان، واعلن فيه ” تعطيل أي حوار أو تواصل مع السلطات القطرية” لحين صدور تصريح توضح فيه موقفها بشكل علني” متضمنا تهديدا صريحا بأن النظام السعودي لن يتسامح مع التصرفات القطرية في ما سماه تحريف الحقائق”.
وجاء البيان السعودي الهستيري ردا على بلاغ صحفي اصدرته السلطة القطرية ليل الجمعة وكشفت فيه عن اوامر اصدرها الرئيس الامريكي دونالد ترامب دعت كلا من السعودية والامارات وقطر إلى انهاء الاحتقان في الازمة القطرية من أجل استقرار المنطقة ومواجهة تهديد إيران وفق ما اعلن بيان البيت الأبيض.
تداعيات دراماتيكية
التداعي الدراماتيكي للأحداث في البيت الخليجي يومي الجمعة والسبت كشف عن تفاصيل كثيرة لما يدور في الخفاء من حملات دعائية تقودها الانظمة الخليجية لتسجيل انتصارات سياسية تمنحها ميزة التأييد الشعبي في دولها ولا سيما في السعودية التي تواجه ازمات عاصفة في اجراءات توريث محمد بن سلمان العرش السعودي بعدما كان استنفر وسائله الاعلامية وجيشه الالكتروني على ومواقع التواصل الاجتماعي لحملة تسويق انتصارات زائفة قدمت اتصال الحاكم القطري تميم بن حمد لبن سلمان على أنه اعلان استسلام من حاكم قطر للحاكم السعودي.
وسائل الاعلام السعودية سارعت ليل الجمعة إلى نشر خبر عن الاتصال وقالت فيه إن “الأمير محمد بن سلمان تلقى اتصالاً هاتفياً من الشيخ تميم بن حمد، الذي أبدى رغبته بالجلوس على طاولة الحوار ومناقشة مطالب الدول الأربع بما يضمن مصالح الجميع” وأن محمد بن سلمان رحب برغبة الشيخ تميم وسيتم إعلان التفاصيل لاحقاً بعد أن تنتهي المملكة العربية السعودية من التفاهم مع الإمارات والبحرين ومصر”.
وبعد دقائق من اطلاق محمد بن سلمان العنان لوسائله الاعلامية وجيشه الدعائي الالكتروني المرابط في مواقع التواصل الاجتماعي للتغني باتصال تميم بن حمد بوصفه واعلان استسلام ، جاء الرد القطري مزلزلا في بيان رسمي نشرته وكالة الانباء القطرية وكشف طبيعة فحوى الاتصال وحيثياته.
البيان القطري قال إن “اتصال أمير قطر بولي العهد السعودي جاء بناء على تنسيق من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وأن الجانبين اكدا على ضرورة حل الازمة من خلال الجلوس إلى طاولة الحوار لضمان وحدة واستقرار دول مجلس التعاون الخليجي وان الشيخ تميم رحب بمقترح محمد بن سلمان بتكليف مسؤولين ممثلين عن كافة الاطراف لحل الامور الخلافية بما لا يمس سيادة الدول.
كما كشف أن الحاكم القطري تميم تلقى اتصالا هاتفيا من الرئيس الامريكي دونالد ترامب بحث في آخر التطورات المتعلقة بالأزمة الخليجية في ظل مساعي دولة الكويت لحلها عبر الطرق الديبلوماسية والحوار لضمان امن واستقرار المنطقة، وان الرئيس ترامب اطلع تميم على نتائج اتصاله بمحمد بن سلمان بهذا الشأن.
اسناد امريكي
البيان القطري المفصل الذي كشف تفوق الأداء الديبلوماسي القطري مقابل العنجهية السعودية المفرطة فاجأ النظام السعودي وانتج ردود فعل هستيرية لدى محمد بن سلمان وخصوصا بعد أن دعمه بيان للبيت الابيض تماهى مع البيان القطري واكد أن ترامب اتصل هاتفيا بولي العهد بأمير قطر الشيخ تميم بن حمد والحاكمين السعودي والاماراتي “واكد على أهمية الوحدة بين شركاء أمريكا العرب من أجل استقرار المنطقة ومواجهة تهديد إيران، وأهمية تنفيذ جميع الدول لالتزامات قمة الرياض لمحاربة الإرهاب ووقف التمويل للجماعات الإرهابية ومحاربة الفكر المتطرف”.
وبدا واضحا ان بيان البيت الأبيض وضع نظام محمد بن سلمان في موقف محرج للغاية ومنح النظام القطري فرصة ذهبية للإطاحة بالضربة القاضية بأحلام محمد بن سلمان تسويق انتصار سياسي في ملف الازمة القطرية يدعم طموحاته في وراثة العرش السعودي في ظل الانتكاسات الكبيرة التي يواجهها في حربه العدوانية على اليمن والتي تمضي في عامها الثالث مسجلة فشلا مركبا في تحقيق اهدافها السياسية أو العسكرية وتكبدهما فاتورة خسائر باهظة واتهامات من حلفائها بتوريطهم بارتكاب جرائم حرب ضد الانسانية وانتهاكات للقانون الانساني الدولي عن فضلا اتهامات الدوائر الغربية للتحالف السعودي في تعزيز نفوذ تنظيمي “القاعدة وداعش” ولا سيما في المحافظات الجنوبية الخاضعة للاحتلال.
ارتباك سياسي
حيال الانتكاسة السياسية التي واجهها النظام السعودي والتي بدت مفاعيلها واضحة في وسائل اعلامه المختلفة وفورة التغريدات التي عبر عنها عشرات الآلاف من السعوديين والخليجيين في مواقع التواصل الاجتماعي، وجد النظام السعودي نفسه في مأزق كبير واصدر فجر أمس السبت بيانا انفعاليا جاء بلغة افتقدت للديبلوماسية والحصافة السياسية ليعلن قرار النظام السعودي العودة بملف الازمة القطرية إلى مربعها الأول وذلك بعد ساعات قليلة من اعلانه الترحيب بجهود الوساطة الكويتية وهو الاعلان الذي حظى باهتمام واسع النطاق في دول سائر الدول الخليجية.
البيان السعودي اعلن بلغة اضطرارية قراره ” تعطيل أي تواصل أو حوار مع السلطة في قطر” مسوقا ذرائع واهية على شاكلة اتهام قطر بتحريف الحقائق ومعتبرا أن “ما نشرته وكالة الأنباء القطرية بشأن الاتصال بين تميم بن حمد وغريمه محمد أبن سلمان” لا يمت للحقيقة بأي صلة، وأن ما تم نشره هو استمرار لتحريف السلطة القطرية للحقائق.
وذهب النظام السعودي بعيدا كاشفا عن نياته المبيتة بالتصعيد معلنا أن البيان القطري “يدل بشكل واضح على أن السلطة القطرية لم تستوعب بعد أن المملكة العربية السعودية ليس لديها أي استعداد للتسامح مع تحوير السلطة القطرية للاتفاقات والحقائق”.
البيان السعودي بذل جهده لتقديم الذرائع والمبررات للحفاظ على ما تبقى وقال ” إن اتصال تميم بمحمد بن سلمان “كان بناءً على طلب قطر وطلبها للحوار مع الدول الأربع حول المطالب الــ 13″ معتبرا البيان القطري ” أمراً يثبت أن السلطة في قطر ليست جادة في الحوار ومستمرة بسياستها السابقة المرفوضة”.
وكانت البروبغاندا الدعائية التي قادها النظام السعودي لتلميع انتصارات وبطولات وريث العرش محمد بن سلمان، حشرته في خانة التخبط والارتباك الذي بدا في الساعات الماضية في اسوأ حالاته ولا سيما في تعاطيه مع جهود الوساطة الكويتية حيث اصدر النظام السعودي بيانا كذب من خلاله تصريحات اطلقها امير الكويت الشيخ صباح الاحمد الصباح اكد فيها نجاح الوساطة الكويتية في وقف التدخل العسكري السعودي الاماراتي في مشيخة قطر.
وعلى الرغم من ان النظام السعودي أكد في بيانه السابق بخصوص جهود الوساطة الكويتية أن الخيار العسكري لم يكن مطروحا في الأزمة مع قطر، مبديا اسفه لتصريحات امير الكويت بهذا الشأن إلا أن بيانه الثاني كان بيان حرب إذ أكد من حيث لا يعلم أن هذا الخيار كان مطروحا وبقوة، كما اكد أن الطغمة الحاكمة في السعودية عاجزة وفاشلة عن إدارة أي ملفات بعيدا عن أدوات المال والقوة المسلحة.