متى يحترم هؤلاء أنفسهم..؟
عبدالوهاب الضوراني
ظاهرة الفساد وللأسف أصبحت من الظواهر والآفات الخطيرة والشائعة كثيرا في حياتنا اليوم والتي لا يمكن التغاضي أو السكوت عنها بأي حال من الأحوال سواء على المستوى الإداري وأجهزة الدولة الرسمية أو على المستوى الفردي والقطاع الخاص وعملية الحد من انتشار هذه الظاهرة والآفة التي أصبحت تهدد المجتمع أفرادا وجماعات هي مسؤوليتنا جميعا دون استثناء وما طرأ على هذا الجهاز الحيوي والبالغ الأهمية ومؤسساته الخدمية والقضائية في الآونة الأخيرة من التشوهات والتهميش وعدم الاهتمام أو النظر في قضايا المواطنين أولاً بأول وإصلاح ذات البين يسري أيضا على مكاتب المحاماة والتصرفات القانونية التي أصبحت منتشرة الآن وبمعدلات خيالية انتشار النار في الهشيم وأبوابها مفتوحة على مصراعيها لاستقبال أفواج وطوابير الضحايا والمخدوعين من أصحاب القضايا والمغرر بهم وما أكثرهم وللأسف اليوم.
هذه المرافق ومكاتب المقاولات القانونية والمصنفة تحت مسمى “مكاتب محاماة وتصرفات قانونية” كما أشرنا تمارس نشاطاتها المشبوهة عادة في الظل ومن وراء حجاب تماما كخفافيش الظلام التي لا تعيش أو تتنفس إلا في العتمة ووسط الأوحال والقاذورات ويقوم أصحابها عيني عينك بتوزيع سماسرتهم وأبواقهم وعملائهم في الأرصفة والطرقات خصوصا الأماكن المزدحمة كالمحاكم والنيابات باعتبارها أماكن ومراتع مناسبة ومضمونة لنصب شراكهم وشباكهم التي يقع فيها غالبا الأغبياء الذين يكونون قد حولوا البحر في أعينهم طحينية ونهرا من اللبن المصفى فيه لذة للشاربين والتي يفلت منها الأذكياء الذين يطلعون منها كالشعرة من العجين، هؤلاء يعتبرون قضايا الناس وحقوقهم المشروعة والثابته لعبة في أيديهم ونوعا أيضا من الصيد الثمين والدسم الذي لا يأتي إلا مرة واحدة في العمر وليس أمانة في أعناقهم والأمانة تبرأت منها الأرض والجبال وحملها هؤلاء السماسرة والمقاولون الذين نصبوا أنفسهم أوصياء ومتنفذين على أعناق الناس وأرواحهم وحقوقهم التي جعلوها في ظل غياب أجهزة الرقابة وهيبة القانون نوعا من التسلية والعبث والذين يقومون عيني عينك بجلخ وتنظيف جيوب الضحايا الذين يقعون في أيديهم ويثقون بهم ثقة عمياء دونما رحمة أو وازعٍ من ضمير أو حسيب أو رقيب وكأنهم سلطة مستقلة ومتنفذة على الأرض. هؤلاء يجب حجب الثقة عنهم وعدم التعامل معهم ووضع أيدينا في أيديهم بل وإقفال مكاتبهم سيئة السمعة أيضاً وسحب ومصادرة تصاريح مزاولة المهنة التي اساءوا استخدامها من أيديهم والتي جعلوها مجرد غاية من أجل الكسب والإثراء السريع واللامشروع وليس وسيلة للتواصل مع الآخرين خصوصا أصحاب القضايا والمتنازعين الذين أساؤوا وللأسف معاملتهم وشاركوا أيضا في مضاعفة شعورهم بالظلم والغبن الجائر والكبير الواقع على عاتقهم وحتى لا أكون متسرعا وحكمي شاملا السيئ والحسن على حد سواء لأنه كما يوجد بين هؤلاء منافقون وعديمو الذمة والأمانة يوجد أيضا الشريف والعفيف وأصحاب المبادئ والمثل العليا الذين لا يمكن لهم التفريط في سمعتهم أو كرامتهم وثقة الناس بهم ولو تضوروا جوعا أو أغدقت عليهم أموال قارون هؤلاء يستحقون أن نشد على أيديهم وننحني لهم أيضا احتراما وإجلالا لأنهم نالوا احترام وثقة الناس بهم بعد أن أصبحت هذه الثقة على كف عفريت وفي مهب الريح.
أدعو المعنيين بين هؤلاء أن يكونوا عند مستوى المسؤولية وحسن ظن الناس بهم وأن يعيدوا بناء جسور التواصل مع الآخرين على هذا الأساس وأن تقوم علاقتهم مع الطرف الآخر على أرضية وقواعد متينة وسليمة التفاهم والشفافية والثقة المتبادلة وليس فوق مستنقع راكد يقوم على حافة جرف هار وأنا على ثقة بأنهم سيكونون في المستقبل وقادم السنين أكثر صدقا وأكثر نزاهة وإيجابية وممن يسمعون القول ويتبعون أحسنه والوقوف أيضا جنبا إلى جنب في خندق واحد لخوض معركتنا الحقيقية والمصيرية لمواجهة عدونا المشترك الذي يريد أن يغتصب أرضنا وكرامتنا أيضا وبيده أسوأ أسلحة إبادتنا وقتل أطفالنا وأن يعرفوا أن ثقة الناس بهم وبأمانتهم هي رأس مالهم الوحيد وثروتهم الحقيقية والباقية.
والعاقبة للمتقين.. والله المستعان