التطرف أم المشاكل
عبدالفتاح البنوس
يقال بأن المعدة بيت الداء ، فأغلب الأمراض التي نصاب بها ، تكون للمعدة تأثيرات مباشرة عليها ،ودائما ما ينصح الأطباء بعلاج المعدة كخطوة أولى على طريق العلاج من الأمراض الناجمة عنها ، والأمر ذاته ينطبق على التطرف فهو أبو المشاكل وأمها وغالبية المشاكل التي تعترض مسار حياتنا تفرخت من التطرف المتعدد الأشكال والأوجه ، وهنا تتجلى أمامنا قاعدة متداولة تقول بأن مازاد عن حده انقلب ضده وهذه القاعدة هي أشبه بتعريف سطحي للتطرف بمعنى أن الأخير هو المبالغة والإسراف والغلو والتعصب الذي يتجاوز حدود المعقول والمقبول والمتعارف عليه في سائر المجالات .
وهناك الكثير من أشكال وصور التطرف ومنa ذلك على سبيل المثال لا الحصر التطرف الديني ويكاد يتمثل في الوهابية السعودية والتي عملت على تشويه صورة الإسلام والمسلمين من خلال تبني الأفكار والمعتقدات المتطرفة والتي تفرخت منها الجماعات الإرهابية التي تتلبس بعباءة الدين ،فالإسلام عندهم دين التزمت والغلو ، دين الذبح والسحل والحرق ، دين التفخيخ والتفجير والاغتيال ، دين داعش والقاعدة والنصرة وغيرها وهذا هو أقذع أشكال التطرف كونه يشوه صورة الإسلام والمسلمين ، وهناك التطرف الحزبي وهذا التطرف الذي لا يخلو من يقع فيه من الحماقة فالحزب أو التنظيم مقدس وأوامره وتوجيهاته من المسلمات التي لاجدل فيها حتى وإن كانت تقودهم إلى جهنم ، المهم طاعة الحزب ولعل أحد أسباب الأزمة اليمنية الداخلية هو التطرف الحزبي الذي عليه حزب الإصلاح والذي لم يكتف بتأييد العدوان وإنما ذهب إلى الدفع بقياداته وتكويناته القاعدية لفتح جبهات داخلية كما الحال في تعز ومارب والجوف ونهم والبيضاء ، ولأن الحزبية في اليمن غير منضبطة نلاحظ بأن التطرف والتعصب هو الطاغي على الأفراد الأعضاء للدرجة التي نجد أن ولاء الكثير منهم للأحزاب أكبر من ولائهم للوطن وهذا ما نعاني منه اليوم .
ومن أشكال التطرف أيضا التطرف الثقافي والفكري والأدبي والإعلامي والحقوقي والتعليمي والتربوي والمناطقي والقبلي وكذا التطرف في السلوكيات والمعاملات والعلاقات بين الأفراد والجماعات وهذه الأشكال تكاد تكون تداعياتها وتأثيراتها كارثية ومدمرة وخصوصا عندما يتم تبنيها كمشاريع خاصة للأحزاب والأفراد والجماعات ويسعى كل طرف لفرضها والتسويق لها على أنها تمثل منهج الصواب والحق المطلق ، في حين أن الأمر لا يتطلب كل تلكم الشطحات ،ولو تم إعمال العقل لأدرك أصحاب هذه الرؤى والأفكار المتطرفة بأنهم انحرفوا عن المسار الصحيح وأساءوا تفسير الأمور بنظرتهم القاصرة الدونية وعقلياتهم المتحجرة .
بالمختصر المفيد التطرف، في القول أو الفعل سبب كل مشاكلنا وأزماتنا في اليمن خاصة وفي المنطقة عامة والعلاج الناجع له هو التحلي بالوسطية والاعتدال والقبول بالآخر وعدم مصادرة الحقوق والحريات الخاصة والعامة ، فكل ممنوع مرغوب وهنا يبدأ التطرف ، ويبدأ كل طرف يبحث عن فتاوى ومرجعيات تؤيد وجهة نظره المتطرفة للترويج لها في أوساط المجتمع باعتبارها الحقيقة كلها التي لا مجال للنقاش والأخذ والرد حولها وإن كانت غير منطقية ومقبولة ومعقولة وهذه أم المشاكل كلها التي أوصلتنا إلى ما نحن عليه من فرقة وانقسام واختلاف وتباين وشحناء وبغضاء وحروب وصراعات ومناكفات وسجالات متعددة الصور والأشكال، وأزمات وكوارث كل واحدة منها ألعن من الأخرى والوطن والشعب هما الخاسر الأكبر منها.
هذا وعاشق النبي يصلي عليه وآله.