كوابيس حقوق الإنسان !!

أحمد يحيى الديلمي

استناداً إلى تقارير غربية عن النظام السعودي ، يستغرب الإنسان على التصريحات التي تتحدث عن لجان تحقيق مستقلة مع أن الجميع يعرف أن السعودية سلطة استبدادية ارتدت لبوس الدين منذ أن حولت الفكر الوهابي إيديولوجية سياسية تحدد اتجاهات وسلوكيات وتفكير الممسكين بتلابيب القرار السياسي . استناداً إلى منهج منغلق متطرف نصوصه تشرعن للعنف وأبشع صور القمع والتنكيل على قاعدة تكفير المسلم الأخر المخالف واتهامه بالارتداد عن الدين إن رفع صوته يطالب بالإصلاح أو ينوي مجرد النية توجيه النقد إلى أصغر أمير في الأسرة .
هذا الأفق الخطير أزداد بشاعة بعد مرحلة تدجين المؤسسة الدينية التي أصبحت تشرعن لوجود الأسرة التسلطي وتبرر كل الأفعال الإجرامية بفتاوى تنسب إلى الدين مع أنها تمعن في إذلال المواطن وتجبره بأن يكون إنسان مطيع لولي الأمر خانع ينفذ الأوامر ما لم فإنه يُجرم ويُعتبر مفارقا للجماعة توقِع عليه عقوبة الحرابة .
للأسف هذا التوجه المغرق في الظلم والجبروت المغلف بقشرة الإسلام ودعوى أن الحكام يتولون خدمة قبلة المسلمين ويرعون مواسم الحج إلى جانب أن رجال الدين يعتبرون الأمراء فوق الشبهات يُحرم توجيه النقد إلى أحد الأمراء مهما تعاظمت أخطاؤه .
الموضوع عميق ومتشعب لكنه يكشف عن طبيعة المهزلة الكبرى حول مواقف أمريكا وأوروبا من هذا النظام بما هو عليه من العنجهية وما يمارسه من أعمال إجرامية تخالف أبسط قيم وقواعد حقوق الإنسان التي يتباكون عليها صباح مساء ، ويقذفون كل سهام السخط المصحوب بأنواع التهديد والوعيد لمجرد وقوع حادث عرضي في بلد أخر لا يملك سلطان المال بما له من نفوذ وسطوة يسيل له لعاب القادة والمنظمات الحقوقية ، إنها قمة المهزلة أن يصبح الإنسان بعرضه وكرامته وحقه الطبيعي في الحياة موضع مساومة وابتزاز وأن تظل أنظمة تمارس إرهاب الدولة و الدين مثل السعودية ودولة الكيان الصهيوني بعيداً عن المساءلة لأن مصالح أمريكا وأوروبا تقتضي ذلك .
في هذا الجانب لا يمكن لأحد إنكار الدور البريطاني في دعم الحركة الوهابية وتمكينها من التوسع من خلال المشاركة المباشرة واستخدام الطيران الذي كان حكراً على بعض الدول في ذلك التاريخ منها بريطانيا في كل الحروب التي خاضتها الحركة ضد سكان الجزيرة والخليج وبعض مناطق في العراق والشام مما مكن الحركة من الغلبة ضد أتباع المذاهب الأخرى .
وفي و قت لاحق احتضنت المخابرات البريطانية حركة الإخوان المسلمين ووفرت لها مقومات قوة الحضور في الواقع السياسي والاجتماعي .
كان القاسم المشترك بين الحركتين التشدد والغلو والتطرف وإدعاء امتلاك الحقيقة و احتكار تمثيل الإسلام وتوجيه سهام الضلال والردة والكفر لأتباع المذاهب الأخرى .
المفردة السابقة حددت جوهر الصراع وكشفت عن الدور الخفي لبريطانيا في بلورة توجهات الفريقين بدليل أنها تمكنت من حرف بوصلة الصراع وسددت سهامه إلى الداخل الإسلامي بدلاً من أعداء الأمة الحقيقيين ومن أبرز التداعيات التي ترتبت على ذلك أتساع نطاق الغلو والتطرف والإرهاب ونسبة كل ما يحدث إلى الإسلام .
هذه المشاهد البائسة هي التي حولت فرية حماية حقوق الإنسان إلى كوابيس مزعجة تفزع المواطن في العالم الثالث .. والله من وراء القصد ..

 

قد يعجبك ايضا