وطنيون ضد الوطن

 

 

محمد صالح حاتم

من خلال العنوان ،يتضح للقارئ التناقض ،فكيف يوجد وطنيون يحبون وطنهم ويدافعون عنه ،وفي نفس الوقت هم ضد وطنهم؟
أقول لك عزيزي القارئ ،للأسف أن هذا ما هو موجود فعلا في بلدنا الحبيب اليمن،والذي ومنذ أن شن تحالف العدوان حربه الظالمة والغاشمة على اليمن في 26مارس 2015م ،فقد كشفت هذه الحرب من هم الوطنيون ومن هم العملاء والخونة الذين كانوا متلبسين بقناع الوطنية ،وهم أعداء للوطن، أذرعة العدو الخارجي واجنحته وهم من زرعهم العدو في جسد الوطن طيلة السنوات الماضية كمخبرين يتبعون المخابرات السعودية والأمريكية ،وهم من كانوا يستلمون المرتبات والمخصصات المالية من مملكة بني سعود وبريطانيا ولازالوا إلى اليوم ،وهؤلاء هم اليوم في صف العدو ويسكنون فنادق الرياض ودبي واسطنبول ،ومرتزقتهم وخلايهم التي زرعوها وجندوها سابقا هي من تقاتل في صف العدو وتقف ضد الوطن ،وهي من تدافع عن العدو في جبهات الحدود، وهؤلاء أصبحوا معروفين للجميع ،والكل يعرفهم.
لكن يوجد أشخاص وقفوا ضد العدوان وفضلوا البقاء في اليمن وفي صف القوى الوطنية المقاومة والمتصدية والمتحدية للعدوان، ولكن لهم أعمال لا تخدم الوطن ،ولا تضر العدو بقدر ما تفيده ويستفيد منها وهؤلاء هم الذين بكتاباتهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي وعبر صفحاتهم الشخصية ،ينتقدون هذا الطرف او ذاك ،ويعتقدون انهم بنقدهم هذا يخدمون الوطن ، ،متناسين أنهم بعملهم هذا يعملون على تفكيك الجبهة الداخلية ،وإعاقة مسيرة الصمود والاستبسال الذي أبداه شعبنا منذ بداية العدوان ،وهؤلاء الوطنيون أكثر ما يكتبون عنه ويتحدثون فيه هو أكثر المواضيع حساسية والتي تعتبر اكبر معضلة يواجهها شعبنا اليمني إلى جانب الحرب ،وهي المرتبات والتسوية السياسية والحلول المطروحة للخروج مما نحن فيه .
فتارة نسمع هذا الإعلامي أو القيادي في المكون السياسي الفلاني يكتب عن المرتبات وأين تذهب الإيرادات الجمركية والضريبية وفارق بيع المشتقات النفطية والغازية ،وإيرادات الاتصالات وغيرها،ويتكلم عن مصير هذه الأموال متناسياً ان البلد في حرب وحصار وان لدينا عشرات الجبهات في الداخل بالأضافة إلى جبهات الحدود ،وأنها تحتاج إلى نفقات حرب، أيضا هذا الكاتب أو السياسي يعرف أن اليمن كانت تعتمد في ميزانياتها على بيع المشتقات النفطية وبيع النفط والغاز ،والمساعدات والقروض الخارجية ،والتي كانت تمثل مانسبته أكثر من 75%من إيرادات الدولة ،والتي بسبب العدوان والحصار المفروض علينا ،من قبل العدو السعوصهيوامريكي ،كل هذه الإيرادات لا تدخل خزينة الدولة ،وان العدو وعملاءه هم من يسيطرون على مناطق آبار وحقول النفط والغاز ،وكذلك يتحكمون في جميع الموانئ البحرية والمطارات الجوية والمنافذ البرية لليمن ،وهم من يستلمون عائداتها المالية.
وتارة أخرى يطالعنا كاتب أو صحفي أو قيادي من هذا المكون السياسي أو ذاك ،ويكتب عن صفقات سرية بين هذا المكون أو ذاك مع قوى العدوان السعودية والإمارات لتنصيب فلان أوعلان أو اختياره لقيادة البلد في الفترة القادمة،أو أن هنالك لقاءات سرية بين قيادي من هذا الحزب أو ذاك مع مسؤولين في تحالف العدوان،وانهم يتفاوضون سرا ،ويعقدون معه صفقات سياسية على حساب الطرف الثاني .
وهنالك من يتهم هذا الطرف او المكون السياسي بالتفريط بالوطن والسيادة الوطنية.
وهذا كله لا يخدم الوطن أو يقوي الجبهة الداخلية ،أو يضر العدو في شيء ،بل انه يتسبب في إثارة الشارع ويعمل على شق الصف الوطني ،وتصدع الجبهة الداخلية وأضعاف الجهود في مواجهة العدوان .
فالوقت ليس وقت النقد أو المناكفات التي تخدم العدو،والوقت ليس وقت عقد صفقات سياسية أو إبرام معاهدات واتفاقية خارجية ،الوقت وقت دفاع عن الوطن ،وقت توحيد الجهود ورص الصفوف ودعم الجبهات بالمال والسلاح ورفدها بالرجال المقاتلين،الوقت وقت التعاون والمساعدة والبذل والعطاء في سبيل الدفاع عن الوطن .الوقت ليس وقت المناصب السياسية وجني المكاسب المادية ،وليس وقت الدعاية الانتخابية أو كشف أسرار هذا المكون او ذاك اوكشف فساد هذا الطرف أو هذا الشخص.
فهناك أخي الكريم جهات مسؤولة هي من تحقق مع هذا المسؤول أو هذا الوزير وهي من تحاسبه ،وهناك قانون يعاقب مرتكب هذه الجريمة أو هذا الفساد سواء الإداري أو المالي .
فأنتم يا من تدعون أنكم وطنيون وضد العدوان وتدخلون في مناكفات إعلامية ومهاترات سياسية، يا من تؤججون الشارع وتستعطفون مشاعر المواطنين،وتزيدون من آلام ومعاناة الموظفين،بكتاباتكم لا تخدمون إلا العدو الذي يتربص بالوطن ويعمل ليل نهار على شق الصف وأضعاف الجبهة الداخلية، عليكم ان تتذكروا أن هناك آلاف الشهداء قدموا أرواحهم فداء لهذا الوطن ،وبدلا من المهاترات والمناكفات في الغرف المغلقة عليكم ان تتوجهوا إلى جبهات القتال جبهات العزة والكرامة،وتعرفوا قيمة هذا الوطن الذي بنقدكم وكتاباتكم تضيعون الوطن وتخدمون العدو.
فالوطن وطن جميع أبنائه المخلصين الشرفاء الوطنيين،ومن يعتقد انه سينجوا بمفرده فهو واهم ،فالسفينة إذا غرقت سيغرق كل من فيها ولن ينجوا منها احد.
فمن يحب وطنه ويدافع عنها هو من يعمل لصالحها ويكتب عن معاناتها وصمودها وتضحيات ابنائها،ويعمل على جمع الكلمة ولم ّالصف .
وعاش اليمن حرا ًأبيا ً،والخزي والعار للخونة والعملاء .

 

قد يعجبك ايضا