التوثيق القانوني لجرائم العدوان ودوره في حفظ الحقوق وضمان المساءلة
مطهر يحيى شرف الدين
* ما يحصل من عدوان سعودي أمريكي سافر وغاشم على بلادنا وقصف طال المدنيين والأعيان المدنية على مرأى ومسمع من المجتمع الدولي ظهرت نتائجه الكارثية وآثاره المدمرة للعالم أجمع ، عدوان استهدف الشعب اليمني وخيراته ومقدراته وثرواته وبناه التحتية ، عدوان قتل الآلاف من المدنيين الأبرياء وشرد وجرح مئات الآلاف من الأسر اليمنية وحصار جائر ظالم نتج عنه ضحايا أبرياء منهم الشهداء الذين قضوا تحت نيران قصف دول العدوان الهمجي العشوائي ومنهم المتضررون الذين تهدمت منازلهم وممتلكاتهم ومزارعهم ومنهم أيضا من توفي بسبب مرض ألم به ولم يتمكن من السفر لتلقي العلاج في الخارج بسبب الحصار البري والجوي والبحري.
وأمام هذا العدوان وهذه الجرائم والحصار لن يتبقى للشعب اليمني إلا خيار المواجهة والصمود والثبات والتحرك الجاد واتخاذ المواقف الشجاعة تجاه تلك الجرائم التي ارتكبتها دول تحالف العدوان بقيادة السعودية خصوصا وأن هذه الجرائم المرتكبة ضد الإنسانية تعتبر من أخطر الجرائم في القانون الدولي لأنها تشكل اعتداء جسيماً لحقوق الإنسان وحرياته واعتداء صارخاً على المصالح الجوهرية للمجتمع الدولي وتشكل مساساً خطيراً بسلام وأمن البشرية ، وما حدث في الأيام الماضية بمحافظة تعز من جريمة إعدام وذبح الأسرى من الجيش واللجان الشعبية من قبل مرتزقة وجنود دول العدوان إلا خير دليل على أن أفعالهم تلك قد انتهكت قوانين الحرب والاتفاقيات والأعراف الدولية وانتهاك جسيم للحقوق، كما أن أفعالهم حجة قاطعة عليهم ودليل على قبحهم ودناءتهم ونذالتهم وتماديهم في الإجرام ، ولذلك ينبغي إزاء تلك الجرائم الوحشية أن تتخذ إجراءات قانونية وقضائية ضد مرتكبيها فلن يتوقف أولئك المجرمون عن أفعالهم إلا إذا أدركوا أن القصاص القانوني لا بد أن يدركهم يوما ما سواء كانوا زعماء سياسيين أو قادة ميدانيين ولن تكون قوة الردع كافية إلا إذا كانت هناك إجراءات قانونية غاياتها محاكمات جنائية تنظر في جرائمهم ولا بد من وجود إرادة سياسية وقانونية صارمة تسمح بملاحقتهم ومعاقبتهم أيا كانوا وأينما كانوا وأيا كانت جنسياتهم وأيا كان سلطانهم ونفوذهم وذلك انطلاقا من مبدأ المسؤولية الجنائية على كل من يملك السيطرة على مرؤوسيه وينطبق هذا المبدأ على السلطات العسكرية وعلى المدنيين الذين يتمتعون بمواقع السلطة القيادية ، وبالتالي فمن حق ضحايا العدوان والمتضررين مقاضاتهم ورفع الدعاوى المدنية والجزائية ضدهم أمام المحاكم الوطنية والدولية ولا شك من أنه سيأتي اليوم الذي تتم فيه المساءلة والتحقيق وترد فيه الحقوق.
ولعل من الضروري من أجل الوصول إلى تحقيق تلك الغايات المتمثلة في حفظ الحقوق وضمان المساءلة هو وجوب توثيق الجرائم توثيقا قانونيا وتقديم ملفات الجرائم إلى المحاكم والنيابات وذلك بعد استيفاء الملفات للإجراءات والقواعد القانونية في إثبات حالة الوقائع والمعاينة وتحرير محاضر التحقيق والتقارير الفنية والطبية ، ومن المناسب جدا في هذا المقام الإشارة إلى البيان الصادر من مكتب النائب العام الأسبوع الماضي الذي أكد على ضرورة تفعيل دور أعضاء النيابة العامة بالقيام بالواجب القانوني تجاه جرائم دول العدوان بالانتقال والتحري والتحقيق في توثيق الوقائع الجنائية تمهيدا لرفعها للجهات المختصة محليا ودوليا وكذلك التعميم الصادر من وزارة العدل والموجه إلى رؤساء المحاكم بشأن تيسير وتسهيل استقبال دعاوى ضحايا العدوان وذلك على اعتبار أن كل تلك التوجهات تأتي إحساسا بالمسؤولية وإدراكا للمهام والواجبات المنوطة بالأعمال التي ينبغي على الجهات القضائية والمعنية القيام بها ، ولذلك فإن القانون الدولي إزاء هذه الجرائم قد أقر بأن للقضاء الوطني في أية دولة أن يمارس أشكالا من الولاية القضائية مثل الولاية في نظر الجرائم التي ارتكبها رعايا الدول الأجنبية ولذلك فإنه بمقدور أي دولة يتواجد بها متهمون أو مشتبهون بارتكابهم لهذه الجرائم أن تقدمهم للمساءلة والعدالة ومن الطبيعي وفقا لقانون الاجراءات الجزائية في المادتين (246 ) ، (247) : تختص المحاكم اليمنية بمحاكمة كل يمني ارتكب خارج إقليم الدولة فعلا يعد بمقتضى القانون جريمة إذا عاد إلى الجمهورية اليمنية وكان الفعل معاقبا عليه بمقتضى قانون الدولة الذي ارتكبت فيه ، كما تختص المحاكم اليمنية بمحاكمة كل من ارتكب خارج إقليم الدولة جريمة مخلة بأمن الدولة ، وبالتالي فإن دور المحكة الجنائية هو إتمام عمل الأجهزة القضائية الوطنية فهي لا تستطيع أن تقوم بدورها القضائي ما لم تبدأ المحاكم الوطنية رغبتها في التحقيق أو الإدعاء في تلك القضايا كما يضمن النظام الأساسي للمحكمة الجنائية عددا من الفصول التي تكرس الإجراء التكميلي للنظم القضائية الوطنية..