مصائب البشير لا تأتي فرادى.. وباطن الأرض خير له من ظاهرها!!!
إسماعيل المحاقري
المصائب لا تأتي فرادى للرئيس السوداني عمر البشير والذي لا يكاد يخرج من مأزق منذ انخراطه وانسياقه في العدوان على اليمن ومقاطعته لمحور المقاومة حتى يقع في آخر يكشف خطأ حساباته وانعدام خياراته…
فبعد أسابيع من تجنيس مدير مكتبه المقال الفريق طه عثمان ومشاركته في قمة الاتحاد الأفريقي بأثيوبيا بصفته مستشارا لدى القيادة السعودية ومسؤولا عن ملفها الأفريقي أرجأت الولايات المتحدة الأمريكية البت في قرار رفع العُقوبات بشكلٍ دائم عن السودان مطالبة إياه بمزيد من التعاون في ما أسموه النزاعات الخارجية والتهديد الإرهابي والمقصود بهما من خلال المعطيات والوقائع على الساحة الإقليمية مشاركة القوات السودانية بشكل أكثر عددا وفاعلية في العمليات العسكرية الدائرة في اليمن منذ ثلاث سنوات واتخاذ الخرطوم موقفاً واضحاً وصريحاً من الأزمة الخليجية يتماهى مع الموقف السعودي من قطر المتهمة بإيواء الجماعات “الإرهابية”.
وبعد هذه الخطوة بأيام أعلنت السلطات السعودية إبعاد أكثر من خمسين ألف سوداني من أراضيها بزعم مخالفتهم شروط الإقامة التي اتخذتها المملكة مؤخرا في إطار حملة التقشف والتخفيف من أعباء النفقات على أمل ترميم اقتصادها المنهار الذي تنخره صفقات الأسلحة والجزية المدفوعة على الدوام للرئيس ترامب مقابل حماية عرشها المتهالك وحفظا لماء وجهها المهروق في اليمن.
وتشكل خطوة الترحيل القسري لعشرات الآلاف من السودانيين من المملكة صفعة كبيرة لنظام البشير الذي لطالما تغنى في الآونة الأخيرة بعلاقات بلاده المثالية والمميزة مع السعودية وهو الذي لم يخطر له على بال في لحظة أن تكون مكافأته على ضوء مشاركة الآلاف من قواته كرأس حربة في عاصفة الحزم المزعومة بهذا الشكل الذي لن تقف تبعاته وتداعياته عند حد سخط الشارع السوداني بل إن من شأن ذلك إحداث انقسام داخل هذا النظام الذي باع نفسه بأبخس الأثمان وهو ما سينعكس سلبا في علاقته بالسعودية والإمارات في قادم الأيام إن كان ثمة من يشعر بالكرامة والغيرة.
وقد لا تجدي محاولات الحكومة السودانية التقليل من تبعات هذا الترحيل على المستوى السياسي والإنساني بالقول إن غالبية المبعدين هم من النساء والأطفال وإبداء قدرتها واستعدادها لاستقبالهم في إطار مهلة التسعين يوما التي منحتها المملكة لمخالفي أنظمة الإقامة فيها وقوانينها .
وبرغم مرارة الألم وقساوة الإجراءات السعودية إلا ان نظام البشير كابر وتحامل على نفسه وفي ذات اليوم الذي تم إخطاره بقرار الإبعاد أعلن وزير الخارجية السوداني إبراهيم غندور في الثالث عشر من شهر يوليو الجاري عن أن الرئيس البشير سيتوجه إلى الكويت ضمن جولة تشمل الإمارات لدعم ما اسموه الجهود الكويتية لاحتواء الأزمة الخليجية.
زيارة البشير والتي كان مقرر لها أن تتم الأحد المنصرم بحسب ما أعلنته وكالة الأنباء السودانية تأخرت وجرى التعاطي معها كزيارته إلى السعودية نهاية شهر رمضان المبارك التي لم يحظ فيها بأي اهتمام في دلالة واضحة على أن البشير غير مرغوب به وجهوده غير مرحب بها والمطلوب منه هو الإذعان للإملاءات السعودية دون أي تلكؤ.
والواضح انه مع توسع الانشقاق الخليجي تكشفت الخلافات السعودية السودانية المكتومة وبدت للعلن لا سيما مع إصرار الأخيرة أن تبقى على موقف الحياد من هذه الأزمة وهذا الأمر لا يروق للنظام السعودي كغريزة استعلائية نشأ عليها وتطبع بها بحيث يرى في كل من حوله أتباعا وموالي وهذا ما يريدون أن تكون عليه اليمن وهو جوهر الخلاف السعودي القطري وهو ما لم يفهمه البشير بعد.
ويبدو أن الأراضي السعودية على امتدادها الواسع وقدسيتها لا تتسع للنساء والأطفال السودانيين بينما باطنها مفتوح على مصراعيه للجنود السودانيين الصرعى المشاركين في عدوان المملكة على اليمن إن صحت رواية دفن القليل منهم في البقيع وهذا ما يجعل باطن الأرض خير للبشير من ظاهرها…