خليل المعلمي
ينتظر المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها حلول شهر رمضان المبارك من العام إلى العام، وما إن يفرغوا من صيام أيامه والتقرب إلى الله بأفعال الخير، حتى تبدأ رحلة الانتظار أحد عشر شهراً من السنة الجديدة، فالشهر الكريم موسم للمؤمنين في البذل والعطاء والخير في صيام نهاره وقيام لياليه المباركة بالصلوات وتلاوة القرآن ومساعدة المحتاجين والشعور بمعاناتهم وآلامهم.
رمضان هذا العام في بلادنا يختلف عن السنوات الماضية، فالظروف التي تحيط باليمنيين من كل الاتجاهات لم تدعهم ينعموا بروحانيات هذا الشهر، وأصبحت الأزمة الاقتصادية الشغل الشاغل للمواطن، حيث طغت على كل الاهتمامات الأخرى.
وبالرغم من كل ذلك، فلازالت العادات والتقاليد في بلادنا حاضرة وهي لا تختلف عن بقية البلدان الإسلامية، فالاستعداد لشهر الصيام يبدأ من وقت مبكر ويصبح شهر الرحمة والغفران مناسبة لزيارة الأقارب والأصدقاء وإحياء الليالي في الذكر والنقاش في شتى العلوم والمعارف والثقافات.
وكما أنه موسم لبذل العطاء والتعاون والتكاتف والتقريب بين الأهل والأقارب والجيران والأصدقاء، فهو أيضاً موسم للبيع والشراء وفرصة للتخفيف من البطالة التي يقع فيها الكثير من شبابنا، فاحتياجات الأسر في رمضان تفوق غيرها في الأيام العادية ذلك لأن شهر رمضان له طقوسه الخاصة في إعداد مائدة الإفطار وتتنوع الوجبات وتتميز في جميع المناطق والمدن بل وفي مختلف البلدان.
وقبل انقضاء هذا الشهر الفضيل تقوم الأسر اليمنية بالاستعداد لمناسبة العيد بشراء مختلف الاحتياجات لإعداد حلويات العيد وكذلك شراء حلويات العيد الجاهزة، وشراء ملابس العيد الجديدة للأطفال.
ويرافق الشهر الكريم في بلادنا العديد من السلبيات التي نشاهدها من إسراف في المأكولات وعشوائية في الأسواق وزحام في الطرقات العامة والرئيسية وغياب غير مبرر لأجهزة الدولة في الرقابة وتسيير أمور المواطنين.
وما يتم مشاهدته في الأحياء المختلفة من المدن القديمة أن تتزين بيوت الله بالأجواء الروحانية والتي لا زالت تحتفظ بالعديد من العادات والتقاليد في الاعتكاف في المساجد، فنجد الشيوخ والشباب والأطفال يجتمعون في حلقات لتدارس كتاب الله الكريم وتدبر آياته وهناك من يتخذ زاويته في المسجد أو يركن إلى أحد أعمدته وأمامه المصحف الكريم خاصة كبار السن.
ولزيارة هذه المساجد العتيقة والتاريخية أثر ووقع في النفوس ببنائها القديم الرائع والتشكيلة الناتجة لترتيب الأعمدة التي تحمل العقود بين الأروقة، وكذلك لما تحمله من روحانيات وما يزينها من زخارف ونمنمات وكتابات لآيات قرآنية على الجدران وعلى أخشاب السقوف، وكذلك ارتفاع سقوفها وأروقتها الرائعة التي يتم نسبها إلى الاتجاهات.
وعلينا أن لا ننسى ما تجود به المؤسسات الخيرية ومؤسسات المجتمع المدني العاملة في الأعمال الخيرية من تخفيف العبء عن الأسر المحتاجة وتوفير احتياجاتها من المواد الغذائية، وتحمل أعضاءها العناء والجهد في البحث عن الحالات المستحقة وإيصال المساعدات لها، فلهم الأجر والثواب من الخالق سبحانه والشكر والتقدير من البشر.