الضيف الكريم
عائشة محسن شروان
حل علينا شهر رمضان كضيف كريم بالرحمة والألفة ليسكن أرواحنا الطمأنينة والسكينة.. فيه تستهوي افئدتنا تلك المآذن التي ترفع تكبيرات الصلاة بما فيها التراويح.. وبلهفة الدعاء في أواخر الليل، واستجلاب معاني الفضيلة والإخاء.
شهر رمضان أفضل الشهور للتقرب الى الله وطلب الغفران.. فيه انزل الفرقان وفي أيامه تتضاعف الأجور.. نستقبله وقلوبنا مفعمة بالروحانية، بالشوق والحنين..
نعم فهو ذلك الحنين لوقت السحر والأفواه والألسن تطلق أدعيتها لتصل عنان السماء ترتجي إجابة رب العطاء .. الحنين لصلاة الفجر والاستقاء من رحيق القرآن والتدبر في قوة ألفاظه وعمق معانيه والارتقاء بآياته وتدبر فهمها ..
الحنين لحمائم سلام من افواه الناس يتبادلونها بتحية الإسلام ويستهلون بها يومهم في شهرهم والبسمة تعتلي محياهم وبريق اﻷمل يشع من احداق اعينهم رغم ما يعيشونه من معاناة سببها العدوان.
نعم انه شهر رمضان شهر الإحسان والجود والعطاء والسخاء.. وفيه أيضا تنتشي الأرواح ألقاً وتزهو فرحاً بطيب الكلام وحسن المقام وتبادل الرؤى وتعانق الأيادي.. وعند وقت الإفطار تتسارع الخطى للمساجد.. وتحمل الأكتاف بالموائد ..
ويصدع صوت القرآن قبيل اﻷذان .. فتلهث الألسنة بالدعاء وتخلوا أروقة الشوارع تاركة عبء الحياة كي تنفض ركام التعب والمشقة على أكف الدعاء وتحملها لرب السماء.
يجتمع الصائمون .. وبالأذكار قائمون.. وللخير مقدمون.. وللمولى خاضعون.. يؤذن المؤذن فترى الفرحة تغمر وجوههم .. واليقين يملأ صدورهم .. والتراحم أولى صفاتهم .. والتعاطف والكرم والجود هو ساسهم ومقياسهم.
في شهر الخير يتلمس فيه الغني الفقير .. ويحنو فيه الكبير على الصغير .. ويتعاون الأخ مع أخيه والجار مع جاره وتتسابق الأيادي لإفطار الصائمين طلبا في نيل الثواب والجزاء..
تتجلى شاخصة أمام أعيننا كل معاني الحب والتآلف والعطاء .. وتحبو الخيرات من رب السماء فتحل البركات وتمتلئ الأرواح شغفا في المسارعة لفعل الخير، فتنهمر فيضاً دفاقاً لكل أواصر الألفة بلا حدود أو قيود وبها تحقق أعظم معاني التعاون والقيم الإنسانية لتجني ثمارها في شهرها المبارك خير الجزاء في الدارين الدنيا والآخرة.