زمن المكاشفة …السعودية على سكة تنفيذ المخططات الصهيونية ..!!
محمد أحمد الحاكم
تعددت التحليلات والقراءات السياسية للباحثين والمحللين السياسيين والإعلاميين المهتمين بالشأن العربي والعالمي , والتي عكفت جميعها على دراسة وقراءة الأهداف والدلائل والأبعاد من وراء زيارة الرئيس الأمريكي الجديد ” ترامب ” للسعودية مطلع الثلث الأخير من هذا الشهر , وما ستشمله هذه الزيارة من لقاءات متعددة ومتنوعة تجمعه مع قادة أكثر من سبع عشرة دولة عربية وإسلامية في ثلاثة لقارات منفصلة.
وعلى الرغم أن الجميع قد أجمعوا رأيهم في نهاية المطاف حول مجموعة من التحليلات والتكهنات صبت في المجال السياسي كإعادة بناء الشراكة الإستراتيجية بالشرق الأوسط ,وبالذات مع المحور ” السني المعتدل ” حسب التصنيف الأمريكي الصهيوني , وتعزيز قدرات هذه الدول بما يمكنها من مواجهة ما أسموه بالخطر الإيراني ” الشيعي ” من خلال كبح ما وصفوه بتزايد النفوذ الشيعي في اكثر من دول عربية , إلا أن تلك التصريحات والتحاليل حملت الكثير من الصور المبهمة التي لا تشبع القارئ من نهم البحث والمعرفة , وعلى ذلك أسرد بعض الجوانب التي قد تحمل أبعاداً ودلالات أكثر وضوحاً مما تم الترويج له , وتؤكد في ذات الوقت أن المنهجية التي تسعى من خلالها السعودية من وراء زيارة الرئيس الأمريكي لها لتعبر عن رغبتها الشديدة في تنفيذ كل المخططات الأمريكية والصهيونية بحذافيرها ودون قيد أو شرط .
أولاً : الجانب الديني
يعتبر الجانب الديني من أهم الجوانب التي تستخدمها السياسات الصهيوأمريكية من أجل تنفيذ مخططاتها السياسية والاقتصادية الاستعمارية في الشرق الأوسط , وبالتالي فإن الجانب الأمريكي يأمل من هذه الزيارة أن تفضي إلى تحقيق ما يلي :
* تهميش دور القيادة الدينية للقوى الإسلامية الكبرى ذات الطابع السني الغالب بين شعوبها مثل باكستان وماليزيا واندونيسيا رغم ما تملكه من قوة بشرية إسلامية كبيرة جداً , وحصر الدور القيادي بصورة وحيدة في الجانب السعودي تحت مبرر “اعتبارها أنها زعيمة العالم العربي السني “, وبأنها ” أهم حليف عربي للولايات المتحدة بالشرق الأوسط، ليس فقط كونها تمتلك أكبر احتياطي نفطي بالعالم، بل أيضا بسبب مكانتها الدينية والإقليمية” حسبما أشار إليه بعض مستشاري الرئيس الأمريكي ” ترامب “.
* الانتقال إلى مرحلة جديدة من مراحل تشويه صورة الدين الإسلامي , وتمزيق البلدان عبر الإنتقال من مرحلة الإرهاب المباشر التي تقوم به الجماعات الإرهابية من تشويه وتمزيق للدين والدول بصورة ممنهجة , الى مرحلة التشوية والتمزيق بشكل علني ورسمي ومنظم , وبدعم إسلامي وعربي , وخير دليل على ذلك ما نشاهده من تحركات دولية مزعومة نحو القضاء على ما يسمونه بالإرهاب الداعشي , أضف الى ذلك ما نشاهده من تبرئ سريع للقوى الراديكالية مثل جماعة “حماس” من جماعة الاخوان المسلمين والتوجه نحو تقديم الكثير من التنازلات السياسية , بالإضافة الى ما نشاهده من دور سعودي رسمي قائم على تهميش هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بهدف فتح أكبر مجال للحريات السياسية والاجتماعية .
* العمل بشكل فعلي ومتسارع في محاربة القوى الشيعية المتواجدة في كل أصقاع البلدان العربية بهدف إضعافها وتهميشها بل محوها من الوجود إن أمكنهم ذلك , وهذا ما نراه بصورة مفاجئة لما يجري في المدن السعودية في ظل ما تقوم السلطات السعودية الرسمية من اعتداءات على أبناء شعبها ذوي الطائفة الشيعية المتواجدين في المناطق الشرقية من المملكة .
* توطين الخلاف الطائفي بين السنة والشيعة بشكل أوسع وأخطر من ذي قبل , وإثراء نزعة الكراهية بين الشعوب الإسلامية ضد الشيعة باعتبارها الطائفة الوحيدة المناهضة للكيان الصهيوامريكي.
ثانياً : الجانب السياسي
ويشمل هذا الجانب إطارين رئيسيين ” عربي ” و” إسرائيلي ” ومن خلالهما تأمل الزيارة الأمريكية للسعودية من تحقيق ما يلي :-
* موافقة الدول العربية رسمياً على إعادة صياغة وتشكيل المنظومات العربية ضمن تكوينات مجزأة وفق اعتبارات مناطقية ودينية وديموغرافية.
* إلغاء القومية العربية التي ناضلت من أجلها الشعوب العربية طيلة عقود خلت , ليتم استبدالها إن لم يكن فرض نمط سياسي جديد مفرغ من الهوية العربية , تسوده التبعية العمياء والمطلقة للغرب والكيان الإسرائيلي , تحت مبررات الشراكة المستدامة بين شعوب ودول المنطقة .
* خلق صورة جديدة لمجموعة من المفاهيم القانونية الدولية المختلفة , والتي منها تختص في تكوين وتنظيم الدول القائمة على الحرية ووحدة أراضيها واستقلالها , والسيادة الشعبية المطلقة على أنظمة حكمها , ومنها أيضاً ما تختص في دراسة طبيعة العلاقات الدولية التي تربط دول العالم مع بعضها البعض , كاحترام الدول لبعضها البعض وعدم التدخل في شئونها الداخلية والخارجية , وحرمة انتهاك سيادة أراضيها , ووجوب الالتزام بمبدأ الشراكات المختلفة كالسياسة المنظمة لما يخص شؤونهم الإقليمية والدولية , وكالشراكة الاقتصادية القائمة على تبادل المنافع في ظل مبدأ لا ضرر ولا ضرار , كل ذلك يحول الى صيغة جديدة قائمة على مبدأ الانحلال السياسي والفكري والأخلاقي والتوجة نحو القبول بالتبعية المطلقة للقوى الاستعمارية الغربية ممثلة في الكيان الصهيوأمريكي ومن سار في فلكهما من دول الغرب الأوروبية .
* إغلال مصير الشعوب العربية من آمال وتطلعات وطموح , وذلك بالأهداف والغايات الغربية المنشودة القائمة على تمييع ومسخ الأفكار الدينية والثقافية والاجتماعية , عبر ربطها بما يسمونها بالحداثية والتقدمية , حيث سيكون ذلك الإغلال بصورة أكبر من ذي قبل , فبعد أن كانت في صورتها المخفية أو الخلفية , سيتم وضعها أمام الأمر الواقع وبشكل رسمي وعلني .
* التحول من مرحلة العلاقات السرية بين الدول العربية وبين إسرائيل , الى مرحلة الاعتراف الكامل والشامل والعلني ضمن نسق جماعي بصورة علنية تحت إطار تشكيل تحالف دولي إسلامي وغربي.
* الاعتراف صراحة ” بالقدس ” عاصمة للدولة اليهودية , وبالتالي الإقرار والموافقة على نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب الى القدس الشريف , في مقابل تنازلات صورية يقدمها الكيان الإسرائيلي للسلطة الفلسطينية .
* الإعلان رسمياً عن تحوير النظرة العربية العدائية التي لطالما كانت توجه نحو الكيان الإسرائيلي الغاصب , وتحويلها نحو الدولة الإيرانية .