أمين وبشار يعيشان وسط الأسود منذ 15 سنة
استطلاع/صقر الصنيدي –
مستعدان لتدريب أي شخص يرغب بالعمل مع الملوك ما عدا أبنائنا
نتقاضى ألفي ريال بدل مخاطر ونتمنى ان توظفنا الحكومة
يكاد الرجل الاربعيني ان ينسى الحادثة المؤلمة التي اقعدته خمسة أشهر عن الحركة كانت مرتبكة وخائفة وارادت الدخول إلى بيتها الصغير الذي كنت انظفه وأثناء خروجي منه اصطدمت بي ورمتني إلى صخرة اسمنتية يضع أمين يده على المنطقة القريبة من العمود الفقري محاولا تحديد العظم الذي انكسر نتيجة الحادث الوحيد منذ بدء العمل في تربية والاعتناء بالأسود المتواجدة في حديقة الحيوانات بصنعاء.
تم سحبه من داخل القفص الحديدي الكبير وقد شلت حركته تماما وأثناء ذلك التفت نحو اللبؤة انثى الأسد كانت تنظر نحوي بحزن شديد وهم يحملوني وتصدر صوتاٍ لا نسمعه إلا حين تتألم من امر ما وحتى يزيد ما يقوله تأكيدا ظلت عيونها تراقبني إلى ان وضعوني في سيارة للإسعاف.
قبل أن يتعافى تماما من الإصابة عاد أمين الشرعبي إلى حيث يعمل منذ 15 عاما في واحدة من اكثر الأعمال خطورة ومر أولاٍ ليرى اللبؤة التي تسببت بإدخاله العناية المركزة لأشهر حاملا لها كمية من اللحوم تصل إلى 10 كيلو جرامات قال: إنها اكلت بشراهة وكأنها سعدت بعودته لقد قمت بتربيتها منذ كانت تشرب الحليب فقط وهو ما يجعل الاحترام طريقة تعاملنا.
أمين وزميله الذي لا يفارقه بشار المطري يعملان معا في مهنة لا احد يلتحق بها أو يفكر بجعلها مصدر رزقه فترويض الأسود والتواجد معها في قفص واحد امر في غاية الخطورة يشتم الأسد رائحة الخوف الصادرة من جسمك ويبادر لملاحقتك وربما القضاء عليك يقول بشار الخارج للتو من داخل قفص فيه ثلاثة من ملوك الغابة لهم اصول مختلفة افريقيين وروسي ومتفقون في درجة الخطورة والهجوم لتعمل هنا يجب أن تمتلك الشجاعة والسرعة في تتبع حركة الأسد.
نحن وضعنا مختلف قفزت هذه العبارة من امين وبسرعة فسر معناها جميع هذه الأسود 22 ذكرا و9 اناث قمنا بتربيتها وكانت حديثة الولادة وقد اعتادت علينا وأحيانا نشعر بالأمان جوارها يشير الأثنان بأيديهما نحو احد الأقفاص الكبيرة ما عدا من داخل ذلك القفص في الداخل توجد أكبر الإناث سنا وهن أول من تم جلبهن إلى الحديقة حين تم الافتتاح عام 1998م وقمن بإنجاب البقية يوضح بشار أن اليمن حصلت عليهن كهدايا من دول أهمها روسيا لذا يطلق عليهن الروسيات.
بالنسبة لنا نطلق لكل واحدا هنا أسم خاص به يقول أمين الذي دخل الحديقة في البداية للعمل في الزراعة وتم إحضار الأسود واعلن استعداده العمل في الاهتمام بها لحقه بشار بفترة قصيرة ولما يكونا يمتلكان المهارة الكافية للتعامل مع أصحاب المخالب القاتلة سوى تدريبات بسيطة حصلا عليها من خبير جاء من العراق ثم مضى نحو عمل آخر.
إلا أبنائنا
يأتي صوت من بعيد »يا أباه« مصدره طفل في العاشرة من العمر وقبل أن يجيبه أمين يبتسم إنه ابني مضيفا أنه لا يريده أن يلتحق بالعمل في ترويض الأسود وأن يبقى بعيداٍ عنها دائماٍ أنا مستعد أن أدرب أي شخص يريد أن يخلفنا بالاهتمام بالأسود أن ننهى خدمتنا باستثناء يوافقه الرأي بشار »يشقوا طريقهم بعيدا عن الأسود يقصد أبنائه أيضا في هذه اللحظة ينطلق الاثنان نحو قفص جديد يحمل كل واحد منهم عصا رفيعا يستخدماتها في الاستعراض الذي يطلبه زوار الحديقة ويرغبون في مشاهدة أمين وبشار يواجهان الحيوانات المتوحشة ويركضان معها من جهة إلى جهة.
يفتح الباب الأسود ونرى الرجلين المرتديين لبدلات صفراء ويغلقان الباب خلفهما وتبدأ الجولة يقفز الأسد إلى تلة اسمنتية صغيرة ويكشر عن انيابه بينما يضرب أمين بعصاه أمام ملك الغابة الذي يزداد حجمة ويقف شعره الكثيف ويطلق زئيره الذي يفزع مشاعر الوافقين خارج القفص بين خائف على المدربين ومتحمس للحركات التي لا يقوم بها الأسد ما لم يقتحم البشر عرينه أنهم كسالى ولا يحبون الحركة الا عندما ندخل اليهم ونركض معهم يقول أحد المروضين.
يجعل الزئير الحديقة جزءاٍ من الغابة وبه يحاول ملوكها نسيان أنهم رهائن للمتفرجين الذين يدفعون ثمن تذاكر الدخول ويعجبون بالقدرة على الترويض لكل هذا الغضب الآن سيضربه في رأسه يردد أحد المتفرجين ويزداد تحديقا في حركة واتجاه المخالب التي تعلو وتهبط دون أن تصيب أحداٍ.
تستمر هذه الرياضة خمس دقائق تقريبا وتنتهي بنظره حسرة في عيون الملوك وفرحة بالنجاة في عيون أمين وبشار لكنها ليست كل شيء.
يعود الإثنان إلى حيث انتظرهما ليواصلا سرد الرحلة اليومية داخل القفص هناك من كان خائف عليكما¿ يجيب بشار في البداية كنا نتردد لكنا لا نخاف فقد نشئت علاقة تطورت وأصبح كل طرف يعرف ويلتزم بحدوده لا نحن نكثر ترويضها والا هي تهاجمنا مباشرة إنها تلعب معنا مباراة قصيرة دون أهداف.
كما أننا نحترم ونقدر مشاعرها ولا نلتقي بها أثناء فترة التلقيح حيث تكون مشاعرها هائجة ومتوترة ويمكن أن تهاجم أي شخص يحاول الاقتراب ونعرف متى يكون ذلك »يقول أمين مضيفا أن هذا يحدث كل شهرين بواقع خمسة عشرة يوما تعرف بفترة التزاوج بين الاناث والذكور.
الفصل بين الذكور والإناث
تم الفصل بين الذكور والأناث منذ ثمانية أعوام خشية أن يتم التزاوج والإنجاب والتكاثر في حديقة لا تتسع للمزيد ويقول المريبان أن قرار الفصل ضروري لأن الأنثى باستطاعتها أن تنجب مرتين كل عام وتكون الحصيلة ثمانية اشبال يحتاجون إلى مساحة إضافية وتغذية أكثر وموازنة ضخمة ويتوزع الأسود بين أربعة أقفاص ضخمة مقامة على تل جبلي ويوجد في كل قفص عدد من نفس النوع وتفصل أعمدة حديدية بين الذكور والإناث لكنهما يتمكنان من تبادل النظرات الحزينة.
نطعمها قبل أن يحل الظلام
يقول مدير عام الحدائق والمتنزهات في أمانة العاصمة هاشم الهندي أن الأسود يتقاسمون أكلا مخصصا لعشرة منهم مع أن عددهم قد تجاوز الـ 30 ذكراٍ وانثى ويؤكد أن أمانة العاصمة قد شكلت لجنة للتقييم أنه لابد من زيادة الكميات الغذائية للملوك وجعلها كافية.
يرى العاملون هنا أن حصول كل اسد على عشرة كيلو جرام من اللحم يكفي لجعله يعيش وأنه يتم تنويع اللحوم وتقدم طازجة تذبح يومياٍ وهي إما لحوم أبقار أو جمال.
أننا نقدم لها غذائها قبل أن يحل المساء فإذا غبت أنا يقدم بشار الوجيه وإن غاب فأنا اتولى المهمة لكننا نحرص على الحضور كل يوم الطعام الذي نقدمه يساهم في تقوية وتحسين العلاقة وهو ما جعل اللبؤة حزينة يوم سببت إصابتي لأنني أطعمها.
ويحرص المروضون القول أن الوضع الغذائي ووضع الحديقة بالكامل قد تحسن كثيراٍ منذ أن أصبح أزهر أحمد النفيلي مديراٍ للحديقة بعد أن أشرف عليها لمدة وعرف كل التفاصيل ويمكنك رؤية ما يحدث كم قال الإثنان.
هل يمكنني الدخول
لايسمح المربون بتواجد احد سواهم داخل الأقفاص الحديدة المرتفعة والتي تحول دون خروج هذه الفوارس ويقول بشار لا يمكن أن تدخل لا أنت ولا غيرك لأنها ستهاجمك على الفور إنها لا تعرفك ولم تتعامل معك من قبل.
ويضيف الأثنان أنهما لم يجربا المخاطرة بحياة أحد حتى عندما يأتينا زوار من دول أخرى يعملون في تربية الأسود في الهند وغيرها فإنهم يفاجأون أننا ندخل إلى الاقفاص المحصورة وسنخرج سالمين وإما إذا كان الزوار يطلبون الدخول يفيد أمين أنه يحدث لكنه أمر مستحيل لأننا لا نعرف نتائج هذه المخاطرة ونخبرهم أن وضعنا مختلف فقد عشنا مع هذه الوحوش من سنوات طويلة عندما رات الحياة لأول مرة ومع ذلك نكون يقضين دائما.
يتمنيان التوظيف
ومنذ ذلك الحين أي قبل 15 عاماٍ والاثنان ينتظران الحصول على وظيفة رسمية تضمن لهما التأمين المناسب مهما يعملان بأجر تعاقدي وبدل مخاطر تم ترفيعه إلى خمسة آلاف ريال قبل شهر بينما كان في الأعوام السابقة الفي ريال إلى جانب الراتب التعاقدي 28000 الفا لا غير يبادر الاثنان إلى القول إن وعوداٍ كثيرة حصلا عليها لكنها لا تتحول إلى واقع ويقول المطري: نتمنى أن نعمل ونحن آمنين على مستقبل ابنائنا من بعدنا فمن حقنا الحصول مع زملائنا على عائد مادي يكفل لنا حياة كريمة.
