عظمة وكبرياء اليمن
صولان صالح الصولاني
بعد أن اتضحت الأمور وتجلت الحقائق أكثر لدينا كيمنيين بخصوص دور الأمم المتحدة المشبوه وموقفها السلبي إزاء ما يتعرض له وطننا وشعبنا اليمني من عدوان ظالم وغاشم وحصار جائر على مدى أكثر من عامين، فإنها – في واقع الأمر – لم تنطل علينا، هذه المرة وقائع وفعاليات مؤتمر المانحين الذي نظمته الأمم المتحدة مؤخراً في العاصمة السويسرية جنيف لدعم ما أسمتها “خطة الاستجابة الطارئة” وكذلك الحال بالنسبة لفضلات ما جاءت به الدول المشاركة فيه التي تتقدمها الدول المعتدية على اليمن أرضاً وإنساناً وعلى رأسها ممالك ومشيخات النفط والبترودولار الخليجي، من تبرعات مالية ضئيلة جداً لمواجهة الأوضاع الإنسانية الكارثية والمروعة في اليمن، بضآلة الهدف الإنساني إن كان هناك من هدف إنساني أصلاً لمؤتمرهم واجتماعهم الاستثنائي الطارئ الذي هو أقرب ما يكون إلى الشبه من “اجتماع طارئ للحشرات” حسبما قاله شاعرنا اليمني الكبير الراحل عبدالله البردوني معنوناً إحدى قصائده الشهيرة.
فعلاوة على ما عبرت عنه كلمات الدول والمنظمات الدولية والإنسانية المشاركة في المؤتمر من تواطؤ كبير إزاء الدول المعتدية على اليمن وما مثلته من تغطية مفضوحة لجرائمه ومجازره ودماره وتدميره لليمن أرضاً وإنساناً فقد عمدت أيضا إلى صرف انظار العالم عن القضية الحقة والمظلومية التي يدافع من أجلها اليمنيون جيشاً ولجاناً شعبية وشعباً وقبائل ضد تحالف عدواني سعو صهيوأمريكي ظالم وغاشم استهدف ويستهدف الحرث والنسل ويلهث بمختلف الطرق والأساليب القذرة والبشعة أيضاً وراء احتلال اليمن والسيطرة على ثرواته ومصادرة قراره وإركاع شعبه وسلب حريته وانتهاك حرماته مرتكباً في سبيل تحقيق ذلك الهدف الحقير والمخالف لكل الأعراف والقيم والمواثيق الأممية والدولية أبشع المجازر وجرائم الحرب ضد الإنسانية بحق اليمن واليمنيين، على مرأى ومسمع من العالم أجمع، غير أن كلمات المشاركين كانت بعيدة كل البعد عن ذلك، لأن تركيز المؤتمر إجمالاً كان منصباً على تصوير ما يحدث ويدور في اليمن على أنه ليس سوى حروب وصراعات داخلية بين اليمنيين أنفسهم، فصار الحديث داخل أروقة المؤتمر اللاإنساني أصلاً، عن تعرض اليمن وشعبه لعدوان من قبل تحالف عسكري مكون من أكثر من 17 دولة بقيادة مملكة قرن الشيطان السعودية ضرباً من الخيال، كما أن كلمات الوفود المشاركة كانت في معظمها متجردة تماماً من الدعوة إلى وقف العدوان ورفع الحصار المفروض على الشعب اليمني.
إلا أن شعبنا اليمني الحر الثائر ومن منطلق كونه بات اليوم يعي ويدرك جيداً حقيقة ما تمارسه دول تحالف العدوان السعو صهيو أمريكي من طرق ملتوية وأساليب قذرة في سبيل تحقيق مراميها الخبيثة، حتى وإن تدثرت هذه المرة بشعارات إنسانية زائفة، قرر أن يستمر في مواصلة الصمود وتقديم التضحيات تلو التضحيات حتى يتحقق له النصر المؤزر ضد الغزاة والمعتدين وتطهير الأرض اليمنية من رجسهم، وليؤكد بذلك أن كبرياء وعظمة وشموخ الشعب اليمني أكبر من أن ينال منه الأعداء، كما أن صموده وتضحياته الجسيمة التي قدمها في سبيل رفض الوصاية الخارجية ونيل الحرية والكرامة، ليست سلعة للمتاجرة.