تبدو الانتخابات الرئاسية الفرنسية قريبة الشبه بنظيرتها الأمريكية الأخيرة في العديد من النواحي وبالأخص فيما يمكن وصفه بما شاع عن تأثير “الظل الروسي”.
اتهام حملة ترامب مجددا بالتنسيق مع “عملاء روس” لتشويه سمعة كلينتون!
هذا الظل كان حاضرا وبقوة في حملة الانتخابات الأمريكية خلف ترامب وفريقه، وقد ملأ الديمقراطيون الدنيا ضجيجا حوله، ونسجت الكثير من التصريحات الرسمية وغير الرسمية قصصا خيالية عن يد موسكو الخفية.
الانتخابات الأمريكية الأخيرة اتسمت بأنها كانت منافسة كبرى ضاجة، رافقتها تفاصيل وتصريحات ومواقف مثيرة، وكل ذلك يعود إلى شخصية دونالد ترامب بالدرجة الأولى، الجمهوري الذي غرد ولا يزال خارج السرب، وقلب الكثير من المفاهيم والتصورات عن السائد في المنافسات الرئاسية الأمريكية بين الجمهوريين والديمقراطيين.
وبات من الواضح التأثيرات الخارجية التي تطغى على السابق الرئاسي وخرج التنافس الرئاسي عن سياقه التقليدي المعتاد. وبعد أن كان منحصرا في المنافسة بين الاشتراكيين ويمين الوسط، ظهرت مارين لوبان، صوتا آخر يغرد خارج السرب ويرفض السائد ويتحدث، بغض النظر عن انتمائها إلى اليمين المتطرف، بلهجة جديدة غير مألوفة، يتناقض بعضها مع مواقف توصف بأنها ثابتة، مثل الموقف من الاتحاد الأوروبي ومن الهجرة، وحيال الطاقة النووية، والضرائب، إلى غير ذلك.
كما أن الدور الروسي المتزايد سياسيا وعسكريا واقتصاديا في العالم وجد صداه في الانتخابات الأمريكية، فانبرى طرف إلى محاولة الاتصال بموسكو والإدلاء بتصريحات ناعمة كما فعل دونالد ترامب وفريقه في الحملة الانتخابية، ورفع الطرف الآخر عقيرته مهولا من “التأثير الروسي” السياسي والإعلامي الذي بدا أنه يدير تلك الانتخابات من خلف الستارة كما في مسرح العرائس، ناهيك عن اليد الروسية التي زُعم أنها جاست إلكترونيا في أدراج الديمقراطيين والجمهوريين وحضرت خلواتهم.
تلك الادعاءات والاتهامات التي فاقت الخيال في البعض منها، تتردد الآن أيضا في باريس، ليبدو المشهد كما لو أن لوبان تقنعت بصورة ترامب، وماكرون بكلينتون، لتمتد الخيوط من هناك بقدرة قادر مباشرة إلى موسكو، بنفس الطريقة الأمريكية البوليسية قريبة العهد.
وبطبيعة الحال، تبدو النخبة السياسية الفرنسية قلقة للغاية مما ترى فيه تهديدا من قبل لوبان، للتقاليد السياسية الفرنسية والأوروبية العريقة، ولذلك انحاز الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي إلى ماكرون بوعده التصويت له في الجولة الثانية للانتخابات الرئاسية التي ستجري في السابع من مايو.
الموقف ذاته تبناه رئيس الوزراء الفرنسي السابق مانويل فالس، داعيا الجميع إلى “قياس خطورة المرحلة” وأن يفعلوا كل شيء من أجل فرنسا، في حين رأت مارين لوبان، المعادية للعولمة، والرافضة للذوبان في الاتحاد الأوروبي، أن الوقت قد حان “لتحرير الشعب الفرنسي من النخبة السياسية الحالية”.
وهكذا احتشدت شخصيات سياسية فرنسية بارزة وعدة أحزاب خلف ماكرون، فيما تحاول بعض الأطراف أن تضم “روسيا” إلى المشهد، وتدق طبول الإنذار من الخطر الذي يحاول الغرب باستماتة أن يجعل منه “فزاعة” لا تغيب ظلالها عن المشهد ليل نهار.
قد يعجبك ايضا