*تدمير ممنهج وتعمد فاضح لايقاف عجلة التعليم
تقرير/ خالد النواري
كشفت الأيام الأولى للعدوان حقيقة الأهداف غير المعلنة التي دفعت التحالف الكوني لشن عدوانه الغاشم على بلادنا والتي تمثلت في القضاء على البنية التحتية وتدمير كل مقومات الحياة التي تحققت للشعب اليمني على مدى 50 عاماً.
ولم يدخر العدو الكثير من الوقت للتأكيد على قبحه من خلال همجية القصف الذي لم يفرق بين أهداف مدنية وعسكرية لتندرج تلك الأعمال في إطار حرب الإبادة التي تتنافى مع القيم الإنسانية والشرائع السماوية والمواثيق الدولية.
وعلى أنقاض الدمار وأشلاء الضحايا تروى قصة أبشع عدوان في التاريخ المعاصر من قبل جارة السوء السعودية التي فوضت نفسها بالتدخل في شؤون الدول الأخرى وانتهاك سيادتها وشن العدوان على شعب بأكمله وتدمير مقدراته ومكتسباته.
وسيطر مفهوم البترودولار على العالم المادي الذي التزم الصمت حيال المجازر الوحشية التي ترتكبها طائرات العدوان في مختلف المحافظات والتدمير الهائل الذي طال البنية التحتية في شتى المجالات والتي لم تلق غير عبارات الشجب والإدانة في أحسن الأحوال من بعض الأطراف الدولية .. فيما غضت أطراف أخرى الطرف عن مأساة شعب تُرتكب بحقه أبشع جرائم القتل والحصار والتجويع.
التعليم .. استهداف ممنهج
وتصدر قطاع التعليم أهداف تحالف العدوان السعودي الغاشم حيث نال نصيبه من القصف والتدمير الذي طال مختلف المرافق التعليمية لقطاع التعليم بأنواعه العام والعالي والتعليم الفني.
ونالت منشآت وزارة التربية والتعليم نصيب الأسد من الاستهداف الممنهج منذ الأيام الأولى للعدوان وحتى انقضاء العامين لتبلغ الحصيلة أرقام كبيرة جداً من الخسائر والأضرار التي تقدر تكلفتها الإجمالي بنحو (400) مليون دولار ، حيث كانت المدارس ومقاعد الطلاب الدراسية هدفاً أساسياً لصواريخ العدو التي طالت نحو (2390) مدرسة ومكتبا ومرفقا تربويا ، وأسفرت عن دمار كلي لنحو 256 مدرسة ومرفقا تربويا ، فيما أسفرت الغارات العدوانية عن وقوع أضرار جزئية في 1310 مدارس ومرافق تربوية.
ملاذ للنازحين
وفي ظل العدوان وما ترتب عليه من قصف أماكن آهلة بالسكان فقد شكلت المدارس والمرافق التربوية ملاذاً لأعداد كبيرة من النازحين الذين لجأوا إليها لتأويهم وذويهم من حر الشمس نهاراً وصقيع البرد ليلاً ، فبلغ عدد المدارس والمرافق التربوية التي استخدمت كمواقع للنازحين (776) منشأة تعليمية ، وبعد ترتيب أوضاع النازحين تم إخلاء (630) منشأة تعليمية ، فيما لا زال النازحون يتواجدون في (146) مدرسة ومرفقاً تربوياً.
كما أن عددا من المنشآت التعليمية التابعة لوزارة التربية والتعليم اتخذت كثكنات عسكرية في مختلف الجبهات التي تشهد مواجهات بين الجيش واللجان الشعبية ومرتزقة العدوان السعودي ، حيث تم احتلال 38 منشأة تعليمية من قبل المسلحين وتم إخلاء (10) منشآت وتتبقى (28) منشأة لا زالت تستخدم كثكنات عسكرية من قبل المرتزقة.
تعز وصعدة الأكثر تضرراً
وتستحق محافظتي تعز وصعدة أن يطلق عليهما بالمحافظتين المنكوبتين حيث تعرضتا لدمار هائل وسويت البنية التحتية فيهما بالأرض وفي مقدمتها المرافق التربوية والتي بلغت (371) مدرسة مدمرة كلياً وجزئياً بمحافظة تعز ، و(252) مدرسة تعرضت للتدمير الكلي والجزئي بمحافظة صعدة، فيما احتلت أمانة العاصمة المرتبة الثالثة من حيث استهداف منشآتها التعليمية بواقع (244) مدرسة مدمرة جزئياً وكلياً .. ثم محافظة ذمار التي تعرضت (197) مدرسة فيها للقصف ، وفي حجة تعرضت (145) مدرسة للقصف والتدمير ، كما تم قصف (134) مدرسة في محافظة لحج ، وفي محافظة إب تعرضت (110) مدارس للتدمير الكلي والجزئي ، كما نالت محافظة أبين نصيبها من القصف الوحشي لطائرات وبوارج العدوان حيث تم تدمير (102) مدرسة كلياً وجزئياً وبعضها اتخذت كمراكز إيواء للنازحين..
وفي محافظة مارب تعرضت أغلب المرافق الخدمية للقصف الممنهج ويكاد القطاع التعليمي الأكثر تضرراً بالمحافظة بواقع (101) مدرسة دُمرت كلياً وجزئياً واتخذ ما تبقى كمراكز إيواء للنازحين.. كما أن محافظتي صنعاء والضالع احتلتا المرتبة العاشرة ضمن المحافظات الأكثر تضرراً على صعيد منشآتها التعليمية بواقع (84) مرفقا لكل منهما تعرضت للقصف الكلي والجزئي.
وتأتي بعد ذلك محافظة المحويت بقصف 73 مدرسة فيها ، كما تعرضت (71) مدرسة للقصف في محافظة عمران ، وفي محافظة البيضاء كانت (69) مدرسة هدفاً لصواريخ العدوان ،وفي ثغر اليمن الباسم عدن استهداف (66) مدرسة .. أما في محافظة شبوة فقد تعرضت (60) مدرسةً للقصف والتدمير الكلي والجزئي .. وفي محافظة الجوف دُمرت (45) مدرسة ، بينما احتضنت (45) مدرسة بمحافظة ريمة النازحين الذين فروا من أماكن المواجهات كما هو الحال بالنسبة لمحافظة حضرموت حينما تم فتح (22) مدرسة للنازحين ، بينما تعرضت (31) مدرسة للقصف بمحافظة الحديدة.
التجهيل هدف
الأرقام الكبيرة للمدارس والمنشآت التعليمية التي تعرضت للقصف على مدى عامين من العدوان تؤكد أن التعليم احتل قائمة أولويات المعتدين الذين عملوا جاهداً على فرض واقع جديد يعتمد على سياسة التجهيل للأجيال القادمة وحرمان قرابة سبعة ملايين طالب وطالبة من تحصيل العلم من خلال تدمير منشآتهم التعليمية ومقاعدهم الدراسية التي تحولت إلى أطلال بفعل عبثية العدوان الذي جسدت همجيته مدى حقده على الشعب اليمني وكل خيراته ومقدراته.
قصف وحشي
ونظراً لأهمية قطاع التعليم الفني والتدريب المهني كأحد ركائز التعليم ويرفد سوق العمل بالعديد من الكفاءات الفنية المتخصصة في مختلف المجالات ، فقد تعرض لهجمة شرسة من قبل العدوان الذي سعى لالحاق أكبر الضرر بمنشآت التعليم الفني من معاهد تخصصية وكليات المجتمع رغم أنها منشآت مدنية تعليمية ويجب تجنيبها عن الصراعات والاستهداف أثناء النزاعات إلا أن العدو ضرب بكل تلك المواثيق جانباً ولم يتوان عن تدمير كل شيء جميل بما في ذلك المعاهد المهنية التي كانت تشكل مكسباً كبيراً للبنية التحتية في قطاع التعليم الفني ببلادنا والتي تم تشييدها بملايين الدولارات خلال السنوات الماضية.
قصف 57 منشأة
العديد من المعاهد التقنية والصناعية والفنية وكليات المجتمع طالها العدوان الهمجي الذي استهدف الأرض والإنسان وسعى لقتل كل الآمال والتطلعات لمستقبل أفضل عبر أداة التدمير التي طالت نحو (57) منشأة تعليمية تعرضت للقصف المباشر الذي أدى إلى تعرض تلك المنشآت لدمار كلي وجزئي.
(90) مليارا خسائر أولية
وبلغت التكلفة التقديرية الأولية للأضرار التي لحقت بمنشآت وزارة التعليم الفني والتدريب المهني جراء القصف المتعمد من قبل العدوان السعودي الغاشم نحو (91) مليار ريال ، منها قرابة (56) مليار ريال تكلفة تقديرية أولية للأضرار التي لحقت بالمباني والإنشاءات ، وقرابة (24) مليار ريال تكلفة تقديرية أولية للأضرار في التجهيزات والمعدات التي تحتوي عليها المنشآت التي تعرضت للقصف ، ونحو (11) مليار ريال تكلفة تقديرية للأضرار المتصلة بخسارة الفرص التدريبية للطلاب الملتحقين بتلك المنشآت التعليمية بالإضافة إلى الأضرار المتعلقة بالأجور والمرتبة الخاصة بالكادر التعليمي.
انخفاض الطاقة الاستيعابية
ونتيجة للتدمير الكبير الذي طال عدد كبير من منشآت وزارة التعليم الفني وقطاعاتها التعليمية, فقد ترتب على ذلك انخفاض كبير في الطاقة الاستيعابية للطلاب الدارسين وبنسبة تصل إلى (62%) ، حيث كان عدد الطلاب المنخرطين في العملية التعليمية خلال العام الدراسي قبل العدوان (15287) طالباً وطالبة ، وبعد قصف المنشآت التعليمية التابعة لوزارة التعليم الفني فقد شهد العام الدراسي 2015م انقطاع (9500) طالب وطالبة عن الدراسة في 29 مؤسسة تعليمية ليصل العدد الإجمالي للطلاب الملتحقين بالدراسة (5787) طالباً وطالبة ، وبلغت أعلى نسبة لانقطاع الطلاب عن الدراسة في محافظات البيضاء وتعز وصعدة وعمران ولحج وبنسبة (100%) وهو إجمالي الطلاب الدارسين في كل محافظة.
كما ترتب على العدوان وقصف المنشآت التعليمية الفنية تراجع عدد الكادر التعليمي والتدريبي في المؤسسات التعليمية التابعة لوزارة التعليم الفني والتدريب المهني وبنسبة تصل إلى (58%) ، حيث كان عدد الكادر التعليمي في معاهد التدريب الفني والصناعي والتجاري وكليات المجتمع قبل العدوان (3315) ، وبعد العدوان تغيب (1928) كادراً تعليمياً فيما واصل العملية التعليمية (1387) كادراً.
العدوان يصب نيرانه على الجامعات
ولم تكن المنشآت الجامعية التابعة لوزارة التعليم العالي في منأى عن الاستهداف والقصف المتعمد من قبل طائرات العدوان السعودي الغاشم الذي صب نيران الحقد على القاعات والمعامل في مختلف الكليات التخصصية في عدة محافظات.
وطال العدوان عدة مرافق ومنشآت تابع لنحو (22) جامعة ملحقاً بها أضرار كلية وجزئية وخسائر مادية كبيرة تقدر بأكثر من 300 مليون دولار.
وكانت مرافق ومنشآت جامعات صنعاء وعدن وتعز والحديدة وإب والبيضاء وذمار وصعدة وحجة ، شاهدة على همجية العدوان التي طالت منابر التعليم مستهدفة أحلام الشباب جيل الحاضر وأمل المستقبل.
ولم يقتصر العدوان على الجامعات الحكومية, حيث طال عدد من الجامعات الأهلية التي كانت في مرمى صواريخ العدوان وعددها (12) جامعة منها جامعات الملكة أروى وجامعة آزال والجامعة الإماراتية الدولية والجامعة العربية للعلوم والجامعة اللبنانية وجامعة تونتك والجامعة الوطنية بتعز وجامعة الحضارة بعدن وكلية أكسفورد والأكاديمية اليمنية وجامعة الشرق الأوسط وجامعة سبأ.
وترتب على العدوان تضرر عدد آخر من الجامعات التي لم يطالها القصف المباشر والتي تعرضت للنهب والتدمير من قبل الجماعات الإرهابية كما هو الحاصل بجامعة حضرموت التي تم نهب معداتها وتجهيزاتها من قبل عناصر تنظيم القاعدة الإرهابي .. كما تعرضت جامعات أخرى للنهب في المحافظات الخاضعة لسيطرة مرتزقة العدوان السعودي والتي تم اتخاذ عدد منها كثكنات عسكرية وأماكن تجمعات للمرتزقة.
معول الهدم الذي طال مختلف الجامعات اليمنية جاء في إطار منهجية العدوان التي هدفت بالدرجة الأولى إلى تحطيم آمال الأجيال المتعاقبة بتدمير منشآتهم التعليمية وإيقاف عجلة الدراسة وتجهيل الشعب إلا أن تلك الأهداف تحطمت أمام عزيمة الشباب الذين أصروا على الانتظام في جامعاتهم رغم الصعوبات والعراقيل التي فرضتها ظروف العدوان والتي تسببت في حرمان أكثر من 350 ألف طالب وطالبة من مواصلة تعليمهم الجماعي لأسباب أمنية واقتصادية ومنها ما هو متعلق بالتدمير الكلي الذي طال بعض المرافق التعليمية.
صمود أسطوري
وبالرغم من الهجمة الشرسة التي طالت مختلف المرافق التعليمية إلا أن تلك الأعمال العدوانية لم تثن عزيمة الانسان اليمني الذي تسلح بالإصرار والصمود في وجه العدو المتغطرس وأصر الكادر التعليمي على فتح الفصول والقاعات الدراسية للطلاب الذين لم ترهبهم أصوات الطائرات وأزيز الصواريخ حينما شقوا طريقهم بثبات للانخراط في العملية التعليمية التي سارت بانتظام رغم كل محاولات العدوان في إيقاف الدراسة بمختلف السبل .. حتى إن العملية الدراسية استمرت تحت أنقاض بعض المدارس المدمرة جزئياً .. وفي ظروف أخرى تلقى التلاميذ تعليمهم تحت الأشجار بعد الدمار الكلي الذي طال مدارسهم وحولها إلى ركام.
وبالرغم من الظروف الاقتصادية الصعبة التي فرضها العدوان في ظل سياسة الحصار براً وجواً وبحراً وما ترتب عنها من تأخر صرف مرتبات موظفي الجهاز الإداري للدولة إلا أن الكادر التعليمي ضرب أروع القيم حينما أصر على تقديم رسالته التعليمية بأمانة وكفاءة عالية, مستشعرين روح المسؤولية الملقاة على عاتقه تجاه الأجيال الملتحقة بركب التعليم والتطلع للانطلاقة نحو المستقبل الواعد بالخير والعطاء.
تحية وشكر
الشكر لكل من تعاون في إعداد هذا التقرير من خلال تزويدنا بالمعلومات الدقيقة ورصد مفصل حول المنشآت التعليمية التي تعرضت للقصف في جميع محافظات الجمهورية وتكلفتها المالية ونخص بالذكر الإخوة إسماعيل زيدان مدير عام الإعلام والعلاقات العامة بوزارة التربية والتعليم والمهندس محمد الشماخ مدير عام إدارة المشاريع بوزارة التعليم الفني والتدريب المهني.. فيما واجهنا صعوبات كبيرة في الحصول على إحصاءات دقيقة من وزارة التعليم العالي والبحث العلمي نتيجة توقف العمل بالوزارة وإغلاق أبوابها أمام الجمهور ووسائل الإعلام.