كشفت صحيفة فاينانشال تايمز البريطانية الأسباب الحقيقية في إعادة التقارب المصري السعودي والذي تجلى بأنباء عن استئناف وشيك للشحنات النفطية التي تقدمها شركة أرامكو إلى مصر.
وقال وزير البترول المصري طارق الملا إن الشحنات يتوقع استئنافها أواخر مارس الجاري أو أوائل أبريل.
ووافقت السعودية في أبريل الماضي على تزويد مصر بـ 700 ألف طن من منتجات النفط شهريا لمدة 5 سنوات كجزء من حزمة مساعدات أكبر نطاقا للدولة العربية الأكثر تعدادا سكانيا التي تكافح للخروج من منحنى هبوط اقتصادي حاد.
وعلقت أرامكو الشحنات في أكتوبر الماضي دون تفسير واضح من القاهرة أو الرياض.
ولفتت الصحيفة إلى التراشق الإعلامي المتبادل بين الدولتين في أعقاب قرار تعليق النفط، بما أشار إلى وجود أزمة خلف الكواليس بشأن الصراع السوري وتعطل تسليم جزيرتي تيران وصنافير.
ونقلت الصحيفة البريطانية عن خبراء سياسيين قولهم إن انتخاب دونالد ترامب الذي يعتبر مصر والسعودية حليفين هامين في استراتيجيته المناوئة لداعش ركَّز العقول على إعادة التقارب بين الدولتين.
السعودية كذلك حريصة على حشد الدعم السني في إطار جهودنا لمناوئة التأثير الإيراني عبر الشرق الأوسط، وتعتقد أنها يمكنها الاستفادة من إعادة التأكيد على محورها القوي، بحسب محللين.
من جانبه، قال عبد الله الشمراني، الدبلوماسي السعودي السابق: “بسبب عامل ترامب، والاستراتيجية السعودية الجديدة في مناهضة إيران، عدنا إلى سياسة التسامح والنسيان”.
ومضى يقول: “سياسة الرياض تجاه مصر يمكن وصفها بـ دبلوماسية الطوارئ، إنه الوقت المناسب للعمل ضد إيران، ونحتاج القاهرة في هذا الصدد”.
زياد عقل، المحلل بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية قال إن كلتا الدولتين لا يمكنها تحمل شقاق طويل الأجل.
وفسر ذلك قائلا: “حجم المصالح المعرضة للخطر بين مصر والسعودية لا يسمح بذلك”.
واستطرد: “ثمة أيضا مصالح أمريكية روسية وأوروبية تعتمد على التحالف السعودي المصري، فمنذ منذ ثمانينيات القرن المنصرم، كانت الدولتان جزءا من أي تحرك إستراتيجي إقليمي من الآخرين”.
وواصلت الصحيفة البريطانية: “ضخت الرياض مليارات الدولارت في الاقتصاد المصري منذ منتصف 2013 عندما أطاح السيسي بسلفه الرئيس الإسلامي المنتخب محمد مرسي في انقلاب مدعوم شعبيا”.
بيد أن العلاقات توترت على خلفية جزيرتي تيران وصنافير والاختلافات في السياسة الإقليمية فيما يتعلق بالرئيس السوري بشار الأسد.
وزادت بقولها: “السيسي عبر على الملأ عن دعمه للنظام السوري، الأكثر إثارة للقلق بالنسبة للرياض، وصوتت مصر لصالح مشروع قرار روسي في مجلس الأمن حول سوريا في أكتوبر الماضي”.
وعلى النقيض، تدعم السعودية عزل بشار الأسد، وتعبر عن قلقها من استغلال إيران للصراع لتقوية تأثيرها في المنطقة.
إعلان القاهرة في أبريل الماضي أن الجزيرتين سيتم تسليمها إلى السعودية بموجب اتفاقية حدود جرى التفاوض عليها سرا أثار الغضب في مصر، وأحدث صدمة للمصريين، وأدى إلى أكبر احتجاج ضد الرئيس السيسي منذ أن صعد إلى السلطة”.
وأقام نشطاء دعاوى قضائية وأصدر محكمتان مصريتان قرارين بإبطال اتفاق تسليم الجزيرتين.
لكن رئيس مجلس النواب علي عبد العال صرح مؤخرا إن المجلس سيمارس صلاحياته الدستورية فيما يتعلق بالاتفاقية، وهو ما أثار توقعات بعرضها على البرلمان للتصديق عليها في محاولة للتحايل على أحكام القضاء، بحسب فاينانشال تايمز.
وقد يساعد ذلك على تخفيف التوتر المصري مع السعودية، لكن تجاهل قرارات المحاكم يخاطر برد فعل داخلي غاضب آخر ضد حكومة السيسي.
واختتم زياد عقل: “سيزيد ذلك من الغضب الشعبي، ويخلق أزمة هيكلية داخل النظام السياسي المصري، أعتقد أنهم سيحاولون تأجيل ذلك بقدر الإمكان”.