تغيير اوروبي تجاه الملف السوري

الثورة نت/ وكالات

بدا واضحًا في الآونة الأخيرة تحول المواقف الأوروبية تجاه الملف السوري، فبعد تغير موازين القوى لصالح حكومة بشار الأسد وانتصارات الجيش المتتالية في الشمال ضد الجماعات المتشددة، باتت السياسات الغربية أكثر مرونة تجاه الحكومة في سوريا، ما انعكس في زيارة وفد برلماني أوروبي لدمشق ولقائه بالرئيس السوري بشار الأسد؛ للوقوف على واقع الأمر في البلاد، ورؤيةٍ جلية لما يحدث، بغرض تقصي الحقائق بعيدا عما يتم ترويجه في وسائل الإعلام بشكل بعيد عن الواقع، وتعهد الوفد بالعمل على إقناع أوروبا بإلغاء العقوبات التي فرضتها على سوريا خلال السنوات الماضية.
وبحسب بيان صادر عن الحكومة السورية، فإن الاجتماع تناول “مستجدات الأوضاع في سوريا وسياسات الاتحاد الأوروبي تجاه الحرب الإرهابية التي يتعرض لها الشعب السوري، وآفاق إيجاد الحلول الناجعة لإنهاء هذه الحرب”، كما تناول اللقاء حجم التضليل الذي مارسته وسائل الإعلام الغربية بشأن الحرب في سوريا، وأكد الرئيس السوري في هذا السياق، “أن الإعلام الغربي فقد مصداقيته، ما أسهم في زيادة وتيرة الزيارات التي يقوم بها البرلمانيون الأوروبيون إلى سوريا بهدف الاطلاع على الواقع وإيصال صورة حقيقية لشعوبهم عما يجري”.
وتكون الوفد الأوروبي الذي زار سوريا مؤخرًا من مجموعة من السياسيين من عدة بلدان أوروبية، ينتمون لعدة أحزاب سياسية، هي اليسار الموحد، وحزب الشعب الأوروبي، تكتل الخضر، التحالف الديمقراطي للاشتراكيين الديمقراطيين، إضافة إلى مجموعة أوروبا للحرية والعدالة، وحسب المتحدث، فإن المجموعة لا تمثل بشكل رسمي الأحزاب المذكورة، إنما تمثل التنوع السياسي في البرلمان الأوروبي بشكل غير رسمي.
وأكد أعضاء الوفد خلال الزيارة، عزمهم المضي قدما “في جهودهم الهادفة إلى تصويب وجهات النظر الخاطئة سواء على المستوى السياسي أو الشعبي، تجاه ما يجري في سوريا ومواصلة العمل من أجل عودة العلاقات الدبلوماسية بين دول الاتحاد وسوريا ورفع العقوبات المفروضة عليها، ما من شأنه أن يسهم في عودة السلام والاستقرار إلى هذا البلد”.
ومن المقرر أن يعقد الوفد البرلماني مؤتمرا صحفيا بعد عودته إلى أوروبا لتوضيح صورة ما رآه في سوريا من حقيقة، ولنقل احتياجات الشعب السوري خلال الحرب، وعلى رأس هذه الاحتياجات، حسب تأكيد المتحدث باسم المجموعة، خفير كوسونا، سيكون العمل جديا على إقناع البرلمان الأوروبي بخصوص إزالة العقوبات عن الدولة السورية.
ودائمًا ما كانت أوروبا تنظر للملف السوري خلال عمر الأزمة بشكل مختلف عن الفترة الراهنة، حيث كانت تقتصر تصريحات أغلب الدول الأوروبية عن وجوب رحيل الرئيس السوري بشار الأسد؛ لحلحة الأزمة، لكن بعد مرور خمسة أعوام، يبدو أن اللهجة تغيرت كليًا؛ فتنازلت أوروبا تدريجيا من القبول بالأسد والحكومة السورية كطرف أصيل في معادلة سياسية وفي أي محادثات دولية إلى التراجع عن شرط رحيله.
فرنسا التي شددت كثيرًا على ضرورة رحيل الرئيس السوري، بدت مواقفها متغيرة؛ ففي الشهور القليلة الماضية، أكدت عبر وزارة خارجيتها العام الماضي، أن رحيل الأسد ليس بالضرورة أن يحدث قبل الانتقال السياسي، كما استقبلت دمشق وفدا فرنسيا، ضم ثلاثة نواب من الجمعية الوطنية وثلاثة من المثقفين البارزين، في يناير الماضي؛ للوقوف على آخر التطورات الجارية هناك.
وبريطانيا التي اعتادت أيضا على ترديد «لا مكان للأسد في المرحلة الانتقالية»، اقترحت مؤخرًا عبر وزير الخارجية الجديد، بوريس جونسون، السماح للرئيس السوري بشار الأسد، بخوض انتخابات رئاسية، وإمكانية البقاء في السلطة إذا فاز بها، كجزء من حل الصراع في سوريا، مؤكدًا أن بريطانيا قد تعيد التفكير في كيفية مقاربة الأزمة السورية.
وتوضح هذه التغيرات الأوروبية أن الانعطافة الغربية التي ظهرت مؤخرًا، جاءت في خضم العديد من التحولات في موازين القوى داخل سوريا، فبالإضافة إلى التحول على الأرض لصالح الحكومة السورية وحلفائها الدوليين روسيا وإيران، جاءت في توقيت أصبح فيه الموقف الأمريكي غامضًا إزاء الملف السوري بعد تولي الإدارة الجديدة بقيادة دونالد ترامب، ما عزز تحركات الأوروبيين نحو المقاربة مع سوريا.

قد يعجبك ايضا