الإمارات.. دولة عظمى !!

أحمد يحيى الديلمي
رحم الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان مؤسس دولة الإمارات العربية المتحدة ، فلقد فوجئ بكلمة وحدة اندماجية في رسالة الرئيس الأسبق علي عبد الله صالح التي حملها إليه المرحوم الدكتور حسن محمد مكي ضمن الرسائل التي حملها مبعوثون إلى القادة العرب تبشر بقرب استعادة اليمنيين للوحدة الاندماجية عقب اتفاق عدن التاريخي في 30 نوفمبر 1988م ، كلمة اندماجية أثارت حفيظة الشيخ زايد فبادر إلى الإفصاح عن الكثير من المخاوف التي تحيط بالفكرة على المستويين الإقليمي والدولي وقدم للدكتور حسن مكي تجربة قيام اتحاد دولة الإمارات قائلاً : ( أنا شخصياً قدمت تضحيات وتنازلات كبيرة من أجل صد الكثير من الصعاب والتحديات وأخطرها تدخلات بعض الدول التي تهدد مستقبل الاتحاد وتضعه على كف عفريت ، هذا يبعث الخوف عندي على وحدة اليمن إذا تمت بهذا الشكل ، لماذا لا تكون الوحدة فيدرالية أولاً ) .
هذا الكلام المعبر عن مخاوف دلت على صدق الانتماء للعروبة أثار غضب السعودية وأمريكا وبريطانيا ، ولم يشفع للرجل ويتم الصفح عنه إلا بعد أن أعلن موقف مغاير تماماً خلال الأزمة التي مهدت لاندلاع حرب 1994م ، فلقد أطلق مقولته الشهيرة ( إذا كان اليمن دولتين فسنحوله إلى أربع ) لعله بهذه المقولة ترجم النوايا المبيتة لدى صناع القرار وأذنابهم فنال الرضا منهم .
استحضرت هذه التفاصيل وأنا أتابع الأخبار التي أفادت أن دولة الإمارات المتحدة أصبحت دولة عظمى ، وأنها وقعت اتفاقات مع جيبوتي وجمهورية أرض الصومال لإقامة قواعد عسكرية بحرية على موانئها وبصدد إقامة قواعد عسكرية مماثلة في بعض الجزر اليمنية ، بعد توقيع اتفاقات صورية مع الفار هادي ، هذه الأخبار لم تثر الدهشة والاستغراب عندي فقط لكنها أثارت الحزن والشفقة على هذه الدولة وتساءلت بمرارة: كيف لهذه الدولة أن تدير هذه القواعد وهي لا تملك من أمرها شيئاً وتعتمد على حماية الآخرين ؟!!
كيف أصبحت الإمارات دولة عُظمى في غمضة عين !!؟
أسئلة كثيرة تبادرت إلى ذهني على خلفية هذا الحدث الهزلي المضحك ، لم أجد صعوبة في الإجابة عليها بمجرد العودة إلى التصريحات النارية للرئيس الأمريكي ترامب أثناء حملاته الانتخابية، فقد اتضح الأمر وأكد أن مثل هذه الخطوة جاءت تلبية لرغبة الرجل عندما كرر عبارة أنه سيُلزم دول الخليج بتحمل نفقات الحماية ، وأنه كان يعي ما يقول وأن دولة الإمارات الكيان الأضعف والهلامي في المنطقة بادرت إلى التسليم وإعلان الولاء والطاعة لولي النعمة عبر الإنفاق على إقامة مثل هذه القواعد وتزويدها بكافة المقومات ، تمهيداً لتسليمها إلى قوات أمريكية وإسرائيلية وإن شاركت قوات مصرية فسيكون حضورها رمزياً يشبه دور المحلل ، يبرر الفعل القذر ويلبسه ثوب العروبة .
استناداً إلى ما أسلفت، أنصح غلمان الإمارات بالتريث وعدم الإقدام على مثل هذه الخطوات العدائية، فهادي أعطى ما لا يملك لمن لا يستحق ، لأن الرجل ساقط أخلاقياً وفاقد للشرعية وطنياً ودستورياً وشعبياً ، وبالتالي فإن الشعب اليمني كفيل بكبح جماح هذه النزوات الشاذة وتطهير أراضيه وشواطئه من كل الغزاة والمحتلين وهذا قد يثير حفيظة الدول الراعية ويجعلها تغضب على الإمارات وتبادر إلى تمزيقها وتقسيمها بدلاً من تقسيم اليمن .
وإن غداً لناظره قريب إن شاء الله ، وأخشى ما أخشاه أن تتحول المراهقات الشاذة إلى وبال ونقمة إلهية على ما يدبرها ويديرها . والله من وراء القصد .

قد يعجبك ايضا