خاطرة عن بلال ومانديلا..
عباس غالب
شدتني المقاربة بين عملين فنيين يتعلق الأول بشخصية الصحابي الجليل بلال بن رباح بينما يرتبط العمل الأخر بشخصية المناضل الأفريقي الجسور نيلسون مانديلا وذلك من خلال الرمزية التي يمثلانها حيث يجمعهما خيط المساواة وتبني قيم الإخاء ورفض العنصرية.
وأساس هذه التناولة استحضار الإبداع الفني بشخصيتي الرجلين من خلال تقديم أحد السينمائيين العرب مؤخراً فيلماً عن قصة تحكي حياة الصحابي الجليل بلال بن رباح وعظمة الإسلام الذي احتضن الأجناس دون تمييز أو مفاضلة وهو العمل السينمائي الذي نال إعجاب النقاد وحظي بمشاهدة واسعة ،فضلاً عن الجوائز التي حصدها .
أما العمل الفني الآخر فقد قدمته فرقة مسرحية فرنسية تحكي قصة المناضل الأفريقي الجسور نيلسون مانديلا الذي قضى زهرة عمره في غياهب سجون نظام العزل العنصري في جنوب أفريقيا ونضاله السلمي ضد نظام الأبارتايد العنصري حتى انتصار قيم العدالة والحرية والمساواة في هذا البلد ضارباً أروع صور الكفاح والنضال السلمي.
ويبدوا أننا راهناً في أمس الحاجة لاستحضار هذه النماذج لما عكسته من قيم حضارية ،خاصة مع تنامي الشعور بالانعزالية وشيوع منطق العنصرية والطائفية والقروية التي اجتاحت عديد الدول،فضلاً عن حالة الرهاب التي يغذيها الساسة في الغرب ضد الإسلام والمسلمين وتحديداً في موقف الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب تجاه المسلمين بصورة عامة.
وحسناً أن نذكر بالصحابي الجليل بلال بن رباح والتأكيد على أن الإسلام منفتح على كل الأجناس والثقافات حيث كان بلال حبشياً بينما كان الصحابي الآخر سلمان فارسياً وآخرون من الصحابة من الروم وبيزنطا.. في الوقت الذي آخى الدين الإسلامي الحنيف بين الأنصار والمهاجرين ..وعمل على إخماد حروب قبلية وأسقط نظام العبودية.
وفي نفس الوقت تبدو قصة المناضل الأفريقي نيلسون مانديلا في جنوب أفريقيا التي خلصت هي الأخرى الى نتيجة مفادها أن العالم كينونة واحدة وأن البشر جميعاً متساوون في الحقوق والواجبات دون اعتبار للون أو الجنس أو الديانة .
ربما يأتي طرح هذا الموضوع إثر ما يعتمل من مظاهر سلبية داخل المجتمعات الإسلامية وتحديداً العربية منها ،حيث بروز النعرات الطائفية والحروب المذهبية وبما يحول دون التقاء الجميع على كلمة سواء، خاصة وأن النخب تدرك في هذه الدول حجم المؤامرة على الإسلام والمسلمين ..وإنّ ما يجري في بلادنا واحد من مخططات تمزيق النسيج المجتمعي كما هي الحالة في أكثر من دولة عربية سقطت في هذا المستنقع!
لقد بات لزاماً استحضار جوهر الإسلام بما يمثله من روح المحبة والتسامح والإخاء في أكثر من أنموذج ، بل بات ملحاً أن تتسارع النخب اليمنية إلى تعميق فكرة الولاء الوطني على ما عداها من نعرات الانعزالية والطائفية والمذهبية والسلالية حتى نتمكن من تجاوز تحديات العدوان الراهن .