العدوان والثوابت الوطنية

 

أحمد يحيى الديلمي
من يتابع ما يجري في جنيف بين الشعب السوري ، ويقارن ذلك مع ما يجري في بعض المحافظات الجنوبية والشرقية ، لا شك أنه سيستحضر على الفور أن السيناريو المعد لبلادنا لا يختلف عما هو قائم ويطبق في سوريا الشقيقة ، وأن ما يصاحب لقاء اليمنيين على أي طاولة مفاوضات من مماطلة وتسويف هدفه إفشال الحلول السلمية وإيجاد المبررات التي تعطي الضوء الأخضر لاستمرار العدوان واعتباره خياراً وحيداً ، إلى أن تكتمل مسوغات التجزئة والتقسيم ، وفق الخطط التي أعُدت سلفاً وكان الفار هادي قد تعهد بترجمتها على أرض الواقع من خلال ما سُمي بنظام الأقاليم ، الذي وقفت القوى الوطنية سداً منيعاً أمامه ، بحيث تنبهت إلى خطورة ذلك المسعى فأسقطت المشروع في مهده ، لهذا جن جنون أصحاب الفكرة وبادروا على التباكي على شرعية هادي واعتبروا ما حدث انقلاباً على نفس الشرعية .
هناك تفاصيل أخرى هزلية توالت بعد ذلك لا نعتقد أننا بحاجة إلى ذكرها ، لأنها قريبة الحدوث ولا تزال راسخة في أذهان الكثيرين ، ولعل من المفيد الإشارة إلى الاحتجاجات الغربية في تلك الفترة التي ملئت الأرجاء ، ووصفت ما حدث من تمديد لهادي بعد انقضاء العامين اللذين وردا في المبادرة الخليجية بأنه فعل غير ديمقراطي ، مشيرةً إلى أن مؤتمر الحوار غير مخول للتمديد كونه معيناً من هادي نفسه ولا يعبر عن الإرادة الشعبية ببعدها الجماهيري الواسع ، مع ذلك لم تأخذ الدول الكبرى بهذه الاحتجاجات وسارعت إلى إقرار العدوان في ليل، وتشكل ما سُمي بالتحالف العربي في غمضة عين ، وعلى مدى 700 يوم والشعب اليمني بكل فئاته ومكوناته السياسية والاجتماعية يتعرض لأشرس عدوان تشارك فيه 17 دولة تستخدم كل أنواع أسلحة الدمار المحرمة دولياً ، بالمقابل الشعب اليمني صامد ، صابر، متمسك بقوة إيمانه بالله سبحانه وتعالى ورهانه على تأييده في النصر لعباده المظلومين .
رغم أن العدو استعاد بعض المحافظات وأسماها بالمحررة ، إلا أن الأيام كشفت أنها مجرد تموضعات ورقية ، تستند إلى حماية الأعداء المحتلين الذين لا يترددون عن الاستعانة بالجماعات الإرهابية ، وأبناء هذه المناطق المغلوبين على أمرهم واقعين بين مطرقة الجماعات الإرهابية ( داعش ، القاعدة ) وسندان الغزاة المحتلين الذين يحتدم الصراع بينهم من حين لآخر ، ويكون الضحية المواطن المسكين ، بحيث تغيرت التحالفات وتبدلت التوازنات ، إلا أن فكرة التقسيم لا تزال قائمة ويتم السعي إليها تحت كل المسميات ، المهم أن تحدث !!؟ .
من هنا ندرك التشابه الكبير بينما يجري في سوريا ، وما يجري لدينا في اليمن ، وبمجرد نظرة إلى تكوينات الوفود المشاركة في مؤتمر جنيف والممثلة في منصة الرياض – منصة موسكو – منصة القاهرة – نجد أن معارضة الفنادق والحانات تتباهى بهذه التسميات ، وهنا ندرك أن السباق المحموم على النفوذ فيما يسمى بالمناطق المحررة تسعى إلى تشكيل نفس الصورة ، بحيث تنقسم ما يسمى بالمعارضة أو قوة الشرعية إلى منصات متناحرة ، منصة الرياض – منصة أبو ظبي – منصة الدوحة ، إلى غير ذلك من المسميات التي يعتقد الأعداء الأساسيون أنهم مهدوا لقيامها ، طالما أن الجماعات التي تنطوي تحت مسمى الشرعية على استعداد تام للانقسام والسير خلف كل ناعق سيدفع أكثر ، وهذا ما تُعبر عنه مئات الفضائح والموبقات في عدن وأبين ولحج وغيرها من المناطق ، وكلما توالت الهزائم واتسع حجم الإخفاقات في كل الجبهات سيكتشف العالم أنه راهن على سراب ، وأن الشعب اليمني قد شب عن الطوق وقادر على أن يحافظ على إرادته وسيادته واستقلاله ويحافظ عليهما في حدقات العيون ، مهما بلغت التصفيات ومهما تكالب الأعداء ، وأنه قادر على أن يحمي الوحدة ومنع أي انقسام ، كونها من أهم الثوابت الوطنية ، والثوابت هي أعظم التحديات ، وكل ثابتة من الثوابت الوطنية سيدافع عنها الشعب بكل قوته مستمداً التأييد والنصر من الله سبحانه وتعالى ، فهو نعم المولى ونعم النصير ..

قد يعجبك ايضا