ذاكرة مُرتَزق على أرصِفة أوروبا

رند الأديمي
وبعدَ جولة له في شوارع براقة كلوحة زيتية على إحدى أرصفة الدُول الأوروبية
باغته الحنين إلى الرياح القادمة من ردفان والى غوغائيه أسواق القات والسمك….
شعرَ بوخزات في صَدرِه وكتب من خلال منشور فيسبوكي “قادمون يا صنعاء”
وصنعاء تلك المدينة العاجيِة المُسلحة بِجبالها ورِجالها
تلكَ المدينة التي نادتهُ كثيرا عند أول يوم قصف
وبوجه مشرب بالدم تَوسلتهُ صنعاء.. فلم ينظر ولم يسمع أيضا
كانت عيناه مشربة بالحِقد والوهم…
حقده على ذلك الفصيل سياسي
وسِباقهُ الطويل في مِضمار الخيانة والعمالة والارتزاق
أمطار دم ….صراخ أطفال ….تساقط بيوت ومنشآت….عِدوان على الهَوية
ولكنه كان أصمٌ كانت أذناه هنالك عند آخر عاجل على قنوات الجزيرة
وعِندما قصفَ العِدوان قريتهُ الصغيرة المعزولة عن الساحات العسكرية ومخازِن الأسلحة….وعِندما انهالت الغارات على حقول جَده بعثت له والدته رسالة قائلة فيها:
“سنموت يا ولدي سيقتُلنا تحالفكم”
رد على رِسالتها قائلا:
“لا تخافي فالغارات ليست بعشوائية لا تستهدف الا مخازن الأسلحة!”
وغارةٌ تلت الأخرى على قراهم حتى وقعت في راس جارهم جابر وأسرته
“جابر “من شاطره عُمر الطُفولة وشِراعَ السنديان

وعند تشييع الجنازات
كتبت له أمهُ يا ولدي” تحالفكم قتل جابر وأسرته”
ولكن….. ذاكرتهُ لم تُسعِفهُ ليتذكر جابر
وعندما مر عاجل في قناة الجزيرة
“التحالف يستهدف مُعسكرا في قرية ما ويقتل قادة عسكرييّن”
تذكر جابر وبزته الريفية وفأسه وصَمتَ كثيراً وهو من يعرف جَيداً جابر ذلك المُزارع الذي خطتهُ حُقوُلُ الأرض وخطها
وبِضغطةِ زِر قرر المضي قدماً بلا ذاكرة وبلا حواس
ومر عامان
وعندما سئم من ليالي الصقيع في بلدان منمقة ومهذبة للغاية باغتهُ الحنين لسريالية صنعاء وأمطارها التي تهب بدون موسم
الآن أين هوَ ؟
—-
يُفتش عن وطَن وعن ذاكرة على صفحات جوجل
ولكن جوجل ككل مرة يخفق كثيرا…
يخفق كثيرا في أن يعطيه صورا لبيوتً كانت بيوتا وأصبحت رمادا…
ويخفق مرارا في أن يعطيِه وطناً يئن ولا يُهزم …
ووجوه ذهبت ولم تَعُد
وككل مرة يتعذر الاتصال !
حاول مجدداً البحث على صفحات محرك بحث آخر
فلربما يجد حقول الجَهيِش والمحاجن الذي زرعه أجداده في قريتهِ الصَغيرة ….وتعذر الاتصال أيضا

هذا المُترف بالعمالة الساكن هُنالِكَ خلفَ قضيته
يُطالبنا اليوم بِالعودة
والعودة مع جيوش كُرتونية وهمية لاقتحام صنعاء
مهزوماً هو حتى قبل أن يَنطق!
لهذا تجدهُ كثيراً ما يُثرثر عبرَ صفحاتِهِ وأساميه المُستعارة
هو محكوم بوطن يلفظُهُ كما يَلفظُ البحر جيفتهُ

قد يعجبك ايضا